الأحد - 05 أيار 2024

إعلان

هل تستدير ألمانيا باتّجاه روسيا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

انتقد الرئيس الأميركيّ دونالد #ترامب هذا المشروع معتبراً أنّه يضرب جدوى التحالف الأطلسيّ بما أنّ "ألمانيا تدفع لروسيا المليارات من الدولارات للغاز والطاقة". هل كان الانتقاد الأميركيّ موجّهاً فقط إلى المستشارة الألمانيّة أنجيلا #ميركل أم أيضاً إلى الرئيس الروسيّ فلاديمير #بوتين؟ يرجّح البعض الاحتمال الأوّل بناء على الودّ الذي يكنّه ترامب لنظيره الروسيّ، وبناء أيضاً على اللهجة القاسية التي خصّ بها برلين فقط بوصفها "أسيرة" روسيا، كما قال حينها لأمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ.


التشكيك ليس جديداً

في جميع الأحوال، حتى ولو لم يكن ترامب مهتمّاً بالحلف الأطلسيّ كأحد الروابط الغربيّة لنظام ما بعد الحرب العالميّة الثانية بمقدار اهتمامه بالأموال التي يكبّدها أو يوفّرها على الخزانة الأميركيّة، فإنّ بعض الدول في أوروبّا نفسها تراقب "نورد ستريم 2" بشيء من الريبة.

في 16 آب الجاري، ذكر جايمس ماك برايد أنّ انتقاد ترامب كان قاسياً لكنّه لم يكن الأوّل في هذا السياق، إذ سبق لإدارة أوباما أن أعربت عن انتقاد مشابه لهذا المشروع الذي من المتوقّع ألّا يتمّ إنجازه قبل سنة 2020. وأضاف في "المجلس الأميركيّ للعلاقات الخارجيّة" أنّ مشرّعين من الكونغرس أبدوا منذ أشهر اعتراضهم على هذا الخطّ فيما تقول ألمانيا إنّ "نورد ستريم 1" (2011) لم يمنعها من اتّخاذ مواقف متشدّدة من الروس في السنوات اللاحقة. على أيّ حال، يبقى أنّ هذا المشروع قد يكون معبّراً عن جزء من المسار الجديد بين ألمانيا وروسيا، لا عن المشهد كلّه.


تخطّي الخلافات؟

إذا كانت الولايات المتّحدة تجري تحقيقات في احتمال تدخّل الكرملين بانتخابتها الرئاسيّة، فإنّ الشكوك الألمانيّة بتدخّل روسيّ في شؤونها الداخليّة كان شبه واضح أيضاً بالنسبة للألمان. وهذا ما حصل في أيلول الماضي مع حليفة ميركل جوليا كلوكنر التي تعرّض موقعها الإلكتروني للقرصنة من قبل آلاف مستخدمي الإنترنت، كثر منهم يملكون عناوين روسيّة على الشبكة العنكبوتيّة. وسبق للبوندستاغ الألمانيّ أن تعرّض للقرصنة منذ ثلاث سنوات وقد وُجّهت الاتهامات أيضاً إلى روسيا. كذلك، اصطفّت برلين إلى جانب لندن في قضيّة تسميم الجاسوس الروسيّ سيرغي سكريبال على أراضيها فطردت ديبلوماسيّين روس.



لكن كما يبدو، لا تمانع ميركل حاليّاً تطوير العلاقات مع بوتين. يوم السبت الماضي، استقبلت المستشارة الألمانيّة الرئيس الروسيّ في القصر الحكوميّ الألمانيّ بالقرب من برلين. اللقاء كان الثاني في ثلاثة أشهر، بعدما سافرت ميركل إلى سوتشي في أيّار الماضي حيث رحّب بها بوتين.


بوتين وصل "إلى طريق مسدود"

حاولت ميركل التخفيف من أهمّية اللقاء قبل انعقاده فتحدّثت أمام مجموعة من المراسلين عن أنّه سيكون "لقاء عمل" داعية إلى عدم توقّع "نتائج محدّدة". تطرّق المسؤولان إضافة لمشروع استجرار الطاقة إلى كيفيّة الدفاع عن الاتّفاق النوويّ الذي يشكّل اليوم جامعاً مشتركاً مهمّاً بين الطرفين.

شدّد بوتين وميركل أيضاً على ضرورة تقليص المعاناة الإنسانيّة في #سوريا. ومن المتوقّع أن تكون ألمانيا جزءاً من قمّة رباعيّة تسعى #تركيا لانعقادها الشهر المقبل من أجل بحث الأزمة السوريّة ومشكلة اللاجئين. وفي حين نقلت وكالة "نوفوستي" عن مسؤول روسيّ قوله إنّ موسكو مستعدّة لحضور القمّة، يمكن لإبداء ألمانيا ليونة تجاه مرحلة إعادة الإعمار في سوريا أن يشكّل نقطة إيجابيّة لروسيا.

وسارع مسؤولون ألمان للتلميح إلى أنّ الرئيس الروسيّ هو الذي يحتاج إلى لقاءات كهذه في إشارة ضمنيّة إلى أنّ برلين تحتفظ بموقع قوّة في مفاوضاتها مع موسكو. وقال ناطق الشؤون الخارجيّة باسم تكتّل ميركل المحافظ يورغن هاردت لصحيفتي "شتوتغارت زيتونغ" و "شتوتغارتر ناريختن" إنّ الرئيس الروسيّ أوصل نفسه "إلى طريق مسدود في #سوريا وشرق #أوكرانيا ويحتاج إلى شركاء دوليّين. ولذلك عليه التحرّك".


بين التحوّط والحفاظ على الدور

يرى إيليا أرخيبوف وآرن ديلفس من شبكة "بلومبيرغ" أنّ أوروبا وألمانيا تعيدان الدفء إلى علاقاتها مع روسيا. وذكرا أنّ ميركل التقت في تمّوز الماضي بوزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف والجنرال فاليري غيراسيموف. والأخير مشمول بلائحة العقوبات لذلك كان يحتاج لإذن خاص من أجل الدخول إلى ألمانيا حيث عُقد الاجتماع. بالنسبة إلى الكاتبين، كان ذلك مؤشّراً آخر على رغبة برلين بالانخراط مع موسكو. وقال الباحث في "المجلس الأوروبّي للعلاقات الخارجيّة" جوزف جانينغ للشبكة نفسها إنّ "ميركل تحتاط (من سياسات ترامب) وبوتين يستغلّ (ذلك)".



على الرغم من هذه المؤشّرات، يشكّك البعض في أنّ ميركل تغيّر تحالفاتها التاريخيّة، وإنّما هي تريد فقط مواصلة الحوار مع موسكو وهو أمر شدّدت عليه مراراً. وقد يكون هنالك دور إضافيّ تؤمّنه ميركل لبلادها من خلال الحفاظ على قنوات التواصل هذه.

المدير الإداريّ لشركة الاستشارات السياسيّة "تينيو إنتليجنس" كارستن نيكل أشار في حديث إلى شبكة "سي أن بي سي" الأميركيّة إلى أنّ تهديد ترامب حول "نورد ستريم 2" لن يدفع ألمانيا إلى الاستدارة نحو روسيا. "عوضاً عن ذلك، يبرهن أنّ نمطاً جوهريّاً يبقى هو نفسه كما (كان عليه الأمر خلال) أيّام أوباما: ميركل، لا البيت الأبيض، هي المُحاور الرئيسي لبوتين في الغرب".




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم