الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

السرطان: لبنان ليس أولاً في العالم ولكن!

المصدر: "النهار"
السرطان: لبنان ليس أولاً في العالم ولكن!
السرطان: لبنان ليس أولاً في العالم ولكن!
A+ A-

لبنان ليس على رأس قائمة دول العالم في انتشار السرطانات، ولا يعني ذلك أن انتشار الأورام الخبيثة فيه هيّن، بل إن أرقامه مقلقة وتستدعي استنفار جهود المجتمع كله في وقفة جادة لمكافحته.

وتوخيّاً لأن تكون الجهود جادة، يجدر أولاً الاستناد الى المعطيات العلمية، وفي هذه الحال لا يجدي التهويل حتى لو مع حسن النية برفع الصوت وإطلاق صفارة إنذار قوية بهدف التنبيه إلى خطورة الوضع.

ما الذي حصل؟ في 12 أيلول 2018، نشرت "منظمة الصحة العالمية" تقريراً موسعاً عن وضع السرطانات في العالم، وهو موجود بلغات عدة من بينها العربية على الموقع الشبكي للمنظمة الدولية. [نفتح قوساً للقول إن السرطان له أنواع عدّة، ولا تستعمل كلمة سرطان للقول عن نوع واحد، بل تستعمل على طريقة قول "سلاح" في الإشارة الى أنواع الأسلحة كلها].

وحينها، نشرت "النهار" عرضاً عن مجموعة من أبرز المعطيات التي وردت في ذلك التقرير.

وهناك موقع مختص بتقديم الأرقام والمقارنات والجداول والبيانات الإحصائية عن السرطان عالمياً، بل يبيّن انتشاره وأورقامه ونسب تزايده زمنياً، في البلدان والمناطق المختلفة. يحمل ذلك الموقع اسم "المرصد العالمي للسرطان" Global Cancer Observatory، ويمثل منصة رقمية عالمية تقدم أدوات لعرض الأرقام والنسب المتعلقة بالسرطان عالمياً ومحلياً في الدول كلها.

ويعرض الأرقام التي يحصل عليها "الوكالة الدولية لبحوث السرطان" International Agency for Research on Cancer [تابعة لـ"منظمة الصحة العالميّة"] التي تتعاون مع مجموعة كبيرة من المؤسسات الدولية المعنية بالمتابعة الإحصائية الطبية للسرطان، على غرار مؤسسة "غلوبوكان" GLOBOCAN أو "إصابات السرطان في القارات الخمس" Cancer Incidence in Five Continents وغيرها.

 انتشار السرطان بالنسب والدول


وفي "المرصد العالمي للسرطان" تظهر جداول كثيرة عن انتشار السرطان. وواضح من تلك الجداول أن انتشار السرطان في لبنان مقلق وخطير تماماً. إذ تصل نسبة حدوث أنواعه كلها وفي الأعمار كافة، إلى 242.8 حالة لكل مئة ألف من السكان، وهي نسبة مرتفعة. ويكفي القول إن أعلى نسبة عالمياً هي في أوستراليا 468 حالة لكل مئة ألف من السكان. وتلي أوستراليا، نيوزيلندا (438.1)، ثم إيرلندة (373.7)، هنغاريا (368.1)، الولايات المتحدة (352.2)، بلجيكا (345.8)، فرنسا (344.1)، الدانمارك (340.4)، نرويج (337.8) وهولندا (334.1).

وتذكيراً، عرض تقرير "منظمة الصحة العالمية" المشار إليه آنفاً، مجموعة حقائق أساسيّة عن السرطان. وبيّن أنه ما زال السبب الثاني للوفيات عالمياً، ويقدر أن يتسبب بقرابة 9.6 ملايين وفاة عند نهاية العام 2018، ما يساوي حالة وفاة من أصل كل ستة عالمياً. وتحدث 70% من وفيات السرطان في الفئات المتوسطة والمتدنية الدخل. ويمثل تدخين التبغ عنصر خطورة أول في الاصابة بالسرطان [مع ملاحظة أن سرطان الرئة يتصدرها]، إذ يتصل بقرابة 22% من السرطانات.

في ضوء الانتشار الكثيف للنرجيلة، واستمرار انتشار تدخين السجائر أيضاً، ألا يجب التفكير في سياسة شاملة تجاه تدخين التبغ، بدل حال التراخي والقبول السائدة تجاهه؟ إنه أحد الأسئلة التي تحركها أرقام السرطان في العالم.

وفي السياق، أكد البروفيسور ناجي الصغير رئيس قسم أمراض الدم والأورام السرطانية في الجامعة الأميركية ببيروت في مقابلة مباشرة على فايسبوك النهار مع الزميلة الصحافية رلى معوض، أن الأمراض السرطانية كثيرة، لكن هناك أسباباً يمكن من خلالها الوصول إلى العلاج المناسب، سواء من خلال الأدوية المتاحة، أو الوقاية منها والكشف المبكر عنها.

مسببات يمكن تفاديها

وأضاف البروفيسور الصغير أنه إذا كان التدخين يتسبب في 30 في المئة من المرض، فإن التلوث يحوز النسبة نفسها، حيث عوادم السيارات، والمصانع، وهي عوامل تحتاج إلى قرارات سيادية للتخفيف منها، ومن خطورتها، مشيراً إلى أن نسبة 30 في المئة أخرى وراءها الأكل غير السليم والصحي المعتمد على الشحوم وغيرها من الأطعمة الضارة، وهنا يمتلك الإنسان أيضا قراره في عدم الاعتماد على هذه المأكولات والذهاب إلى الأغذية المفيدة.

أما الـ10 في المئة المتبقية من مسببات المرض فتعود - كما يقول الصغير - إلى عوامل وراثية.

بين الكشف المبكر والعلاجات

وحول أنسب طرق علاج هذه الأسباب أشار رئيس قسم أمراض الدم والأورام السرطانية إلى ضرورة الكشف المبكر عنها من خلال متابعة الطبيب والفحص الدوري، وأن يكون طبيب العائلة مطّلعاً على كل كبيرة وصغيرة عند أفراد الأسرة، وكل ما يتعلق بأي أمراض سابقة عند أحد الأفراد أو عوامل وراثية، وهو ما يجعل المرض واكتشافه أسهل وأفضل كثيراً، وعلاجه من جذوره.

وهناك نقطة مهمة للغاية هي أن التشاور ضروري ومهم بين المريض والطبيب. ولا بد أن يسمع الشخص نصائحه، ويساعده في محاولة أن يتغلب على المرض. فمثلا إذا شعرت سيدة بأي شيء في صدرها فلا تتحدث عن سرطان بل لا بد أولا أن تذهب إلى الطبيب، لمعرفة المرض وتشخيص الحالة، فليس كل تعب ينتابها في هذه المنطقة هو سرطان، ومن الممكن استئصال الورم سريعاً.

سجل وطني للأورام السرطانية

الفحص والأشعات السنوية أو كل سنتين، ضروري ومهم، كما قال الصغير، وبالتوازي مع ذلك لا بد من مجلس أورام في كل مستشفى ومركز طبي لعلاج الحالات ومتابعتها بإشراف من وزارة الصحة، وأن يكون هناك سجل وطني للأورام السرطانية، حيث يتم اكتشاف 9 الاف حالة في لبنان سنوياً، وبالتالي لا بد من متابعة دقيقة وتنظيم ملف طبي لكل حالة، حتى يتم التغلب على المرض.

وكشف الصغير عن أن هناك طُعماً لبعض السرطانات مثل الرحم، لا بد أن يتم تناوله قبل العلاقات الجنسية المتعددة، وتحديداً قبل الزواج وبين الأعمار من 10 و 11 و 12 سنة، بالإضافة إلى أن يكون هناك وعي صحي ووقاية وكشف مبكر.

وعن خطورة العلاجات الكيميائية التي تجعل البعض يعتقد أنه سيموت بسببها، قال إنه علاج مهم للغايه وليس كما تردد أن من يعالج بالكيماوي يموت، فقد شفي الكثيرون من خلال استخدامه، كما أن هناك علاجات أخرى في طور الاكتشاف، وستساعد في العلاج، ولا بد من الوعي وعدم الخوف والتزام التعليمات للانتصار على هذا المرض.

وقال الصغير لـ"النهار" إنه باستعراض الأسباب يتبين أن 30 في المئة منها وراءه التدخين، وهنا لابد من تدابير للتغلب على هذه المشكلة، منها زيادة أسعار السجائر في لبنان حتى لا يستطيع الصغار شراءها، مقترحا أن يصل سعرها إلى ما يزيد على 13 دولارا، كإجراء وقائي مهم، حتى يتم منع الإصابة بأي أمراض تتراكم لدى النشء وتلازمهم عندما يكبرون، ثم يكتشفون الواقع المرير وهو إصابتهم بالسرطان، مشيراً إلى خطأ مقولة إن النرجيلة أقل وطأة من السجائر، لأنها لا تقل خطورة عن التدخين، العادي أو السلبي، وكلها مسببات للمرض.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم