السبت - 04 أيار 2024

إعلان

الاستقلال على وقع شحنات الرعب والصدمات/ لبنان يواجه المسلسل المتدحرج لزعزعة استقراره

المصدر: "النهار"
A+ A-

لعلها من المفارقات الاشد غرابة وقسوة ان تواكب الذكرى السبعين للاستقلال في لبنان شحنات من المخاوف الامنية والصدمات المتعاقبة على غرار ما حصل امس . ذلك ان هذه الذكرى كادت تصبح في غياب النسيان على رغم العرض العسكري الذي جرى في جادة شفيق الوزان ومن ثم تلاها الاستقبال الرسمي التقليدي في قصر بعبدا لان احياء المناسبة الوطنية الاولى والاساسية في البلاد جرى على وقع الرعب الامني وليس على وقع موسيقى الاناشيد الوطنية التي تخللتها تحية تخليد لفنان لبنان الراحل وديع الصافي .


منذ ساعات الصباح المبكرة استفاق اللبنانيون على انباء اكتشاف مشؤوم جديد تمثل في تعطيل الجيش سيارة محملة بواحدة من اضخم الحمولات المتفجرة ناهزت ال ٤٠٠ كيلوغرام من المواد المتفجرة وقذيفتي هاون موصولتين بشاحن كهربائي على طريق مقنة - يونين في قضاء بعلبك . جرت الواقعة وسط انباء متضاربة وغامضة حول ظروف كشف السيارة وكيفية هروب المجموعة التي كانت تتولى نقل السيارة وهي من طراز بويك سوداء تظهر الصور التي التقطها مراسل " النهار " انها كانت تنوء بحمولتها التي رصفت في الصندوق الخلفي صفوفا صفوفا . واذ تبين لاحقا ان الجيش لم يشتبك كما قيل مع ناقلي الحمولة المتفجرة العملاقة احاط مزيد من الغموض بهذا التطور الخطير مع المعلومات التي ترددت عن اطلاق نار ادى بالمجموعة المفترضة التي كانت تنقل السيارة الى وجهة مجهولة الى التخلي عنها والفرار الى جهة مجهولة . ونجح سلاح الهندسة في الجيش في تعطيل السيارة وجرى نقلها مع المتفجرات الى بيروت .


اما السؤال الاخطر الذي بقي حائما في اذهان الجميع ولا جواب عليه بعد فهو عن الوجهة التي كان يقصدها المفخخون والمنفذون ؟ ومن اين جاءت السيارة ؟ وهل كان لبنان على موعد مرعب اخر شبيه بما جرى قبل ايام قليلة امام السفارة الايرانية ؟ وتاليا هل انزلق لبنان نهائيا الى حرب التفجيرات الكبيرة ومسلسلها الدامي ؟


ولكن مسلسل الرعب لم يقف هنا اذ ما كادت اخبار كشف السيارة المفخخة في قضاء بعلبك تنتشر وتثير موجة المخاوف المتصاعدة والمتسعة حتى فوجئ اللبنانيون بالصدمة الثانية التي جاءت هذه المرة من صيدا . اذ ان الصدمة الكبيرة التي بدت حيالها صيدا كانها اصيبت بالوجوم اثارتها الانباء المتواترة عن التعرف على احد الانتحاريين المفترضين اللذين فجرا نفسيهما امام السفارة الايرانية وهو معين ابو ضهر من صيدا صاحب الصورة الفوتوغرافية التي كان الجيش وزعها اول من امس طالبا ممن يتعرف على صاحبها الابلاغ عنه بوصفه مطلوبا خطرا . اجمعت المعلومات والروايات الصحافية والاعلامية على ان والد معين عدنان ابو ضهر هو الذي بادر الى ابلاغ مخابرات الجيش بان ابنه هو صاحب الصورة الموزعة على وسائل الاعلام . وكان عدنان قد حضر الى فرع مخابرات الجنوب وابلغه بالامر فتولى الفرع نقله الى وزارة الدفاع حيث جرى الاستماع الى افادته كما جرى اخذ عينات منه لفحص الحمض النووي الريبي ال دي ان اي لمطابقتها مع اشلاء وجدت في مكان التفجيرين امام السفارة الايرانية . وافادت معلومات افضى بها شاهد عيان ل " النهار " قابل عدنان ابو ضهر قبل حضوره الى فرع مخابرات الجنوب ان عدنان كشف له ان ابنه كان يتصل به في الاونة الاخيرة من سوريا التي انتقل اليها من الدانمارك كما ذكرت المعلومات ان معين كان اختفى من صيدا عقب احداث عبرا التي جرى فيها حسم حالة الشيخ احمد الاسير وانه يعتقد ان معين هو من اتباع الاسير ومن اتباع الخط السلفي المتشدد .


وفي انتظار ما ستظهره فحوص الحمض النووي الريبي من تاكيد لمطابقة عينات عدنان بوضهر مع الاشلاء المكتشفة امام السفارة الايرانية ام لا فان هذا التطور سرى سريان النار في الهشيم واحدث صدمة واسعة . كما ان تطورا ثالثا لم يلبث ان برز مساء مع تعميم الجيش صورة مطلوب اخر يعتقد ان الانتحاري الثاني في عملية تفجير السفارة الايرانية .


ولم تقف فصول مسلسل الرعب عند هذه الجرعات الزائدة بل ان مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت ما سمي لائحة بسبع سيارات مفخخة دخلت لبنان ادرجت كانها ضمن تعميم سري صادر عن قيادة قوى الامن الداخلي وحملت انواع هذه السيارات ومواصفاتها وارقام اللوحات التي تحملها .
بعد اليوم المرعب الطويل من التطورات والصدمات هذه الى اين يسير لبنان ؟


يبدو من الواضح تماما ان ثمة سباقا غير مسبوق بين محاولات زعزعة الامن والاستقرار في لبنان وحرب المواجهة الصعبة التي تواجهها القوى الامنية والعسكرية وسائر الاجهزة الامنية مع الخطر المتدحرج منذ تفجيري السفارة الايرانية . ذلك ان ثمة نجاحا محققا في كشف الكثير من ملابسات التفجيرين بعد ايام قليلة على حصولهما كما ان ثمة نجاحا تحقق امس في الحؤول دون كارثة ارهابية ضخمة لو قيض للسيارة المفخخة التي ضبطت في البقاع الشمالي ان تواصل سيرها الى هدفها . في المقابل تشير مجموع التطورات الحاصلة الى ان الحرب الارهابية لن تتوقف عند حدود وان المرحلة الراهنة تنذر بمزيد من الاختراقات في اطار مسلسل التفجيرات التقليدية او الانتحارية . وهو سباق يضع لبنان امام احدى اخطر المراحل وسط انعدام اي قبس من امكانات الحلول السياسية فيه بدليل تلك القتامة التي ظللت احياء ذكرى الاستقلال امس .

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم