الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل يمكن أن نسمّيها دعارة؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هل يمكن أن نسمّيها دعارة؟
هل يمكن أن نسمّيها دعارة؟
A+ A-

سؤال: المحاصصة ماذا قد تكون تعني غير تقاسم الحصص بين أطرافٍ متعدّدين، متساوين أو غير متساوين، وقد توافقوا في ما بينهم على توزيع الأرباح بالتكافل والتراضي؟ 

جواب: إذا كانت هذه المحاصصة تقاسماً بين أطراف "متعاقدين" قانونياً على توزيع الحصص بعد عملية بيع وشراء تجارية، شفّافة، بنسبة أرباح معلومة، فهي حقاً تعني المحاصصة. لا أكثر. لا أقلّ. وتكون هي، أي هذه العملية، تجري تحت رعاية القانون، فلا شبهة فيها، ولا غبار عليها، لا من قريب ولا من بعيد.

سؤال: فلنضرب مثلاً محدداً. ماذا قد تكون تعني المحاصصة، لا بين التجّار، بل بين أطراف السلطة، إذا كان المقصود بذلك توزيع مراكز النفوذ والمال والقرار (الحقائب، المناصب، المقاعد، السفراء، الآبار، المغانم...)؟

جواب: تعني أن السلطة لا تكون تدير شؤون البلاد والناس، وتسهر على حقوقهم وواجباتهم، وترعى مصالحهم، بل تكون تنتهك الوظيفة الموكلة إليها، بحسب الدستور الذي ينص على أنها للشعب، ومنه، في حين أن عملية التقاسم المشار إليها، تكون تثبت بالبرهان الذي يقطع الشكّ باليقين، بأن هذه السلطة جعلت المال العام ملكاً للأطراف الذين يتقاسمونها.

سؤال: ماذا يمكن أن يعني هذا الانتهاك، أو التغاضي عنه، أو السكوت عليه، من جانب المراجع القانونية والقضائية المعنية بحراسة الدستور والقانون؟ وأيضاً من جانب ممثلي الشعب، والقوى والجماعات، وهؤلاء جميعهم يزعمون أنهم حرّاس الدستور، وضمير الأمة، ووجدان هذا الشعب الحيّ؟

جواب: يعني أن الجميع قابلٌ بالانتهاك، أو متغاضٍ عنه، أو مسلِّمٌ به، أو... لا حول له ولا قوة.

سؤال: أيكون السكوت في حالٍ كهذه، هو علامة الرضا، أو التواطؤ، أو الخيانة، أو... الخنوع؟

جواب: إنه الرضا، أو التواطؤ، أو الخيانة، أو الخنوع، وما يماثلها عملانياً، وقانونياً، وعلى الأرض، وفي الواقع. وقد أقول: معاً وفي آنٍ واحد.

سؤال: هل يمكن أن نسمّي هذه العملية – عملية المحاصصة والتغاضي عنها والسكوت عليها – اتّجاراً غير مشروع؟

جواب: قانونياً، هي عملٌ مشروع إذا لم يطعن فيه أيّ مرجع صالح للطعن: القضاء، النوّاب، الهيئات الرقابية والمدنية...

أخلاقياً، هي اتّجار غير مشروع، لأنها استعمالٌ للسلطة في غير محلّها، ولغير الغاية المرجوّة منها.

سؤال: هل يمكن أن نسمّي هذه العملية - عملية المحاصصة والتغاضي عنها والسكوت عليها – دعارة؟

جواب: ينبغي للسؤال أن يحدّد كلمة الدعارة...

سؤال: ما هي الدعارة؟

جواب: المعنوية أم المادية؟

سؤال: كلتاهما...

جواب: أخشى أن أُحال على المحكمة بتهمة القدح والذمّ، باعتبار أن أطراف السلطة حرصاء على كراماتهم. ولا يجوز بسبب هذا الحرص بالذات، التعرّض للكرامات. لكني أتفادى مثل هذا الجواب، بالقول إني أفضّل مليون مرة الدعارة الجسدية التي يشرّعها القانون في الكثير من الدول، على محاصصات، كالتي جرت أمس في جمهوريتنا الكريمة، على يد سلطتنا الكريمة، وأطرافها الميامين، الذين تسلّموا هذه السلطة بهدف قطع دابر الفساد الذي يعشّش فيها، ولوضع حدّ نهائي له.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم