الأحد - 05 أيار 2024

إعلان

التردّد سيّد المواقف لدى مؤيدي فيون وميلنشون

باريس - سمير تويني
التردّد سيّد المواقف لدى مؤيدي فيون وميلنشون
التردّد سيّد المواقف لدى مؤيدي فيون وميلنشون
A+ A-

رغم دعوات المرشح الذي خسر في الدورة الأولى فرنسوا فيون والرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء السابق ألان جوبيه وعدد من زعماء اليمين التقليدي ناخبيهم للاقتراع في الدورة الثانية لمرشح الوسط إيمانويل ماكرون، إلاأن ناخبي اليمين منقسمون. فالمعركة التي قادها فيون في الدورة الاولى توجهت الى اليمين الفرنسي المتشدد الذي كان الداعم الأساسي لترشيحه. وفي هذا السياق، ساهمت هذه المعركة بتقبل قسم من مؤيدي حزب "الجمهوريون" إمكان اقتراعهم لمارين لوبين مرشحة اليمين المتطرف. 

ومن جهة ثانية، فإن مؤيدي مرشح اليسار المتشدد جان - لوك ميلنشون، الذي يرفض حتى الان الدعوة للاقتراع في الدورة الثانية للمرشح ماكرون في السابع من أيار القادم رغم عداوته القوية للجبهة الوطنية ومرشحتها لوبين، مذهولون. فقسم من الشباب الذي اقترع بكثافة للمرشح اليساري غير متمسكين بـ"الجبهة الجمهورية" لقطع الطريق أمام رئاسة لوبين.


كما أن المرشحين فيون وميلنشون ركزا هجومهم خلال حملاتهما في الدورة الاولى على ماكرون اكثر من لوبين. وهذا أدى بالطبع الى استحالة قبول مؤيديهم بعد أسبوع دعم برنامج ماكرون. 


إن مؤيدي حزب اليمين التقليدي "الجمهوريون" لم يهضموا" بعد خسارة مرشحهم فيون. وهي المرة الاولى منذ نشوء الجمهورية الخامسة لا يخوض اليمين التقليدي الدورة الثانية للرئاسة الفرنسية والمؤيدين في حيرة من أمرهم: "فلمن يقترعون"؟ وهل سيتقيدون بدعوة زعمائهم الى انتخاب ماكرون لقطع طريق قصر الإليزيه امام لوبين؟ 

وهم يعتبرون ان برنامج المرشح الوسطي لا يمثل طموحاتهم. وبالنسبة إليهم برنامجهم الانتخابي هو الافضل، ومن هزم هو المرشح فيون. ويضع المؤيدون نصب اعينهم الانتخابات التشريعية بعد شهر ونصف شهر، وإمكان حصول اليمين على اكثرية داخل الجمعية الوطنية الفرنسية. وفي السياق لن يكون مرشح الوسط ماكرون عدوهم خلالها بل لوبين مرشحة اليمين المتطرف.

ورغم ان عدداً منهم لا يمانع الاقتراع للوبين لكنهم في نفس الوقت يأملون عدم حصولها على نسبة عالية من الأصوات تضعف حزبها في التشريعية القادمة، وقد يؤدي ذلك الى اقتراع قسم منهم بأوراق بيضاء او الامتناع عن التصويت. وهم يعتبرون في قرارة نفسهم ان المرشح ماكرون هو استمرارية للرئيس هولاند، وبعد مقارعة الدورة الاولى لا قناعة لهم بانتخابه.

ويرد البعض على هذا الفريق بالقول ان اليسار الفرنسي اقترع للرئيس جاك شيراك عام 2002 لقطع طريق الرئاسة الفرنسية على جان - ماري لوبين والد المرشحة مارين لانه اعتبر ان اليمين المتطرف خطر على مستقبل فرنسا وهذا ما يجب ان يقوم به اليمين عام2017. فماكرون يزعجهم لكن لوبين لا تغويهم. فدعوتها للخروج من الاتحاد الاوروبي والعودة الى "الفرنك الفرنسي" بدلاً من "الأورو" تخيفهم!

اما الحدث الجديد على الساحة السياسية الفرنسية فهو أن اليمين لم يعد يؤمن بـ "شيطنة" المرشحة لوبين كأبيها بل فضّل نقد برنامجها السياسي غير القابل للتطبيق. ورغم كل ما يشاع ان الغضب وخيبة الأمل ما زالتا حية في نفوس ناخبي اليمين إلا أن اخر استطلاعات الرأي تشير إلى ان 33في المئة منهمم مستعدون للاقتراع للوبين،و 48في المئة منهم لماكرون و 19في المئة سيمتنعون أو سيدلون بأوراق بيضاء.

اما مؤيدو مرشح اليسار المتشدد جان - لوك ميلنشون فخيبتهم كبيرة ايضا. انهم تلامذة واساتذة وموظفون وعمال أكثريتهم من الرافضين للطبقة السياسية الحاكمة. انهم خصوصًا من المخذولين من رئاسة فرنسوا هولاند، ولا يمكنهم سوى معارضة انتخاب احدى وزرائه السابقين.

انهم يرفضون الاختيار بين مرشح الوسط ماكرون واليمين المتطرف لوبين رغم انهم في غالبيتهم من أشد المعارضين للمرشحة لوبين واليمين المتطرف وبرنامجها وهم غير مقتنعين ايضا ببرنامج ماكرون.

وفئة الشباب من مؤيدي ميلنشون غير مقتنعة بأنه يعود عليها قطع الطريق امام لوبين لانها لا تؤمن بان انتخابها خطر على فرنسا. وهم مقتنعون بانها لن تفوز بالرئاسة الفرنسية. فيما الفئات الاخرى تعتبر انها خطر على البلد، وانتخاب ماكرون لا يشكل اي خطر على مستقبل فرنسا. والفئة التي تخطت الثلاثين تأسفلكون فوز لوبين في الدورة الاولى لم يصدم الشباب، وهم بأكثريتهم سيقترعون لماكرون لمخاوفهم من زيادة نسبة الممتنعين. وهم يتخوفون من نتائج انتخاب لوبين رئيسة لانها بالنسبة اليهم "فاشية" خطيرة على المجتمع رغم ان برنامج ماكرون بعيد من أمنياتهم ومتطلباتهم. وتشير اخر الاستطلاعات ان 40في المئة منهم سيقترعون لماكرون و19في المئة للوبين و41 سيمتنعون عن الاقتراع.

الناخبون الفرنسيون بحاجة الى مزيد من الوقت "لهضم" التغيير الجذري الذي حصل على الساحة السياسية الفرنسية. وإمكان صعود لوبين في استطلاعات الرأي الاسبوع القادم قد يعيد النظر في نوايا اقتراع عدد كبير من الممتنعين او المترددين الذين سيدلون بصوتهم خوفاً من وصول اليمين المتطرف الى قصر الاليزيه بعد ايام.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم