الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

أختار أن أكون روبن هود

جمانة سلّوم حداد
A+ A-

أرسل إليَّ مواطن كريم تعليقاً مفاده أن الأفكار التي أنادي بها ممتازة، لكنها في حاجة الى مزيد من "التوضيح"، طارحاً عليَّ أسئلةً تتعلق بمواقفي من النسبية وفصل الدين عن الدولة والكوتا النسائية. أغتنم هذه الفرصة لأخاطب لا هذا المواطن المتابِع والمدقِّق فحسب، بل جملة المواطنين المعنيين بمواقفي، وليس لديهم فكرة عن تاريخي وكتاباتي، الأكثر من واضحة، في هذه المواضيع وسواها.
أنا معنية بكرامة الإنسان، وبحقوقه الكاملة، فكيف لا أكون معنيةً بجدوى مواطنيته، وبفاعليتها العملانية أمام استحقاق التعبير الديموقراطي عن الرأي، والتصويت المفيد والمؤثِّر في الانتخابات؟!
الانسجام مع مواقفي واقتناعاتي، يوجب عليَّ أن أنادي بالنسبية. وها أنا أنادي بها علناً. لكني ألفت هذا المواطن الكريم، الذي يعرف من دون شك ماذا تعني مفاعيل النسبية، وخصوصاً النسبية الكاملة، على مستوى النتائج الانتخابية "الموضوعية"، في الواقع السياسيّ - الطائفيّ – المذهبيّ الراهن، الى أن هذه النسبية، التي هي خياري، يستفيد منها عملياً ومباشرةً وبشكل كامل، وأكثر بكثير من الآخرين، طرفٌ سياسيّ – دينيّ، أحاديّ القوة على "أرضه"، ولا مجال للتملّص ديموقراطيّاً من قوته ونفوذه وسلطانه الذي لا يُرَد. إنّه "حزب الله".
حيال هذه المسألة، وحيال خيار النسبية الكاملة، أيتحقق العدل والمساواة بين اللبنانيين في عملية الانتخاب المنشودة؟ الجواب ينبغي أن يعطيني إيّاه هذا المواطن الكريم بالذات.
باختصارٍ مفيد: أريد أن تتحقق المساواة والعدالة في تصويت المواطنين، بحيث لا يؤدي مشروعٌ ما، إلى توليد مجلسٍ للنواب تكون تمثيليته رهينة الأسر مسبقاً.
ثم لا يسألنّي أحد عن فصل الدين عن الدولة. أريد أن أكون مواطِنة حقّاً في الجمهورية اللبنانية، لي الحقوق كلّها، وعليَّ كلّ الواجبات. أريد تالياً، أن أنتمي إلى إنسانيتي ومواطنيتي ولبنانيتي، باعتباري شخصاً مدنياً، ولا يتحقق ذلك إلاّ بفصل الدين عن الدولة. مفهوم؟!
أما الكوتا النسائية فيجب أن لا يعتبرها المواطن الكريم "مهزلة" فحسب. إنها إهانة مطلقة للإنسان، للرجل وللمرأة على السواء. لكنْ، في ظلّ النظام الطائفي الذكوري البغيض، لا يزايدنّ أحدٌ على أحد في مسألة الكوتا. أريد المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في كل شيء، فكيف لا أريدها من حيث العدد في المجلس؟! لكنْ، في غياب هذه المساواة، ليس أمام المواطن "الفعلي" سوى أن يكون عملانياً.
بين محاربة طواحين الهواء بالمثاليات من دون جدوى، وغنم ما يُغنَم من أفواه السلطة لترسيخ كرامة المواطن، أختار كرامة المواطن.
بين دونكيشوت وروبن هود، أختار أن أكون روبن هود. والسلام.


[email protected] / Twitter: @joumana333

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم