الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

هل تدفَعونه إلى التسوّل في عيده؟

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
هل تدفَعونه إلى التسوّل في عيده؟
هل تدفَعونه إلى التسوّل في عيده؟
A+ A-

يتاجرون بحقوقك، ويدفعونك إلى التوسل إليهم للحصول عليها، هذا واقع حياة اللبناني، الذي يفتقد أبسط مقومات العيش الكريم. لا تظاهرات الحراك الشعبي أو النقابات، ولا صور النفايات التي تملأ الشاشات دفعت بالمسؤولين إلى إعلان حال طوارئ اجتماعية صحّية اقتصادية لدرء الأخطار القادمة وانتشال اللبنانيين من بؤر الفقر والعوز والهجرة بغية تحصيل الحد الأدنى من الحياة الكريمة. وها هو التاسع من آذار يحلُّ من جديد، ومقولة "من علَّمني حرفاً صرت له عبداً"، باتت في زمننا إرثاً من الماضي فمن يعلِّم ويشقى ويتعب بات يركض خلف لقمة عيشه محروماً من حقوقه.


التخلّي عن الأساتذة يعني التخلّي عن الوطن
"هناك غصَّة إذ تأملنا أن يكون هذا العيد مختلفاً عن السنوات السابقة، إنما للأسف مثلما يعرف الجميع أنَّ التأزمات والمشاكل السياسية شكَّلت عائقاً أمام محاولة إنصاف المعلم والتربية بشكل عام"، هذا ما أكَّده وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بمناسبة الاحتفال في عيد المعلم. مؤكداً أنَّه "لا يمكن بناء وطن إذا لم يكن في الإمكان تحسين وضع المعلم والتربية فيه. ولكن يجب ألا نستسلم، وعلينا وضع خطة سليمة على الطريق الصحيح، والإضاءة على الأخطاء لتصحيحها". وتوجَّه إلى المعلمين قائلاً: "أنتم مميّزون لأنكم أصحاب رسالة، وللأسف ينسى الجميع عندما يصل إلى موقع المسؤولية، أنه تتلمذ على يد أستاذ ولا يعمل على تحسين حال الأساتذة. من هنا، يجب أن نولي أهمية لوضع الأساتذة والجيش والقوى الأمنية لأن التخلي عن هذين القطاعين يعني التخلي عن الوطن".


ولفت بو صعب إلى أنَّ "الدولة اللبنانية غير مهتمة بقطاع التربية، خصوصاً أنَّ البعض يعتبره قطاعاً غير منتج. وما من قناعة في لبنان بأهمية التربية". كاشفاً أنَّ "موضوع سلسة الرتب والرواتب يسير في الاتجاه الصعب في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية وغياب التشريع. لذا، أدعو إلى إعادة النظر في مسألة السلسلة، وإن كانت الحكومة غير قادرة على الاهتمام بشؤون المواطنين فلتستقِل".


هل خانوا القضية؟
"مشكلة سلسلة الرتب والرواتب هي مشكلة تعطيل كل المؤسسات الدستورية من قبل السلطة، هذا التعطيل نفسه الذي يطال البلد بكامله ويُبقي حقوق الناس معلَّقة"، وهذا ما يلفت إليه رئيس التيار النقابي المستقل حنا غريب في حديث لـ"النهار"، معتبراً أنَّ "موضوع الحقوق والسلسلة موجود في مجلس النواب، لكنَّ هذه السلسلة بصيغتها الحالية تضرب الحقوق، ونحن نطالب بتعديلها لتضمن كافة الحقوق لكل القطاعات من دون استثناء". غريب الذي ألقى باللوم على الهيئات النقابية أكَّد أنَّ "القيادات النقابية السلطوية هي التي أمسكت بزمام القرار معطلة عمل الهيئات النقابية، التي يعطل وزراؤها ونوابها المؤسسات الدستورية وهم متكاتفون معهم في تعطيل الهيئات التي باتت تابعة للسلطة، وينفّذون أوامرها بدلاً من التحرك والمطالبة رفضاً لهذا التعطيل، إنهم يتصرفون على صورتها ومثالها. دخلت المحاصصات الحزبية، والمذهبية والطائفية، فبرز الوجه الآخر للتعطيل وطمس القضايا التي تهم الناس وحقوقها وقضاياها الاجتماعية".


مليون إنسان سيستفيد من السلسلة
"اجتمعوا ضدنا كل من 8 و14 آذار ما دفعنا لإطلاق التيار النقابي المستقلّ لنكمل وكلّ النقابيين المستقلّين المسيرة التي بدأناها، ونحن دعينا إلى لقاء نقابي تساؤلي في 19 آذار في قصر الأونيسكو، كمبادرة أطلقناها لكل النقابيين، الأساتذة والعاملين في القطاعين العام والخاص، والأجراء والمياومين، وكل صاحب حق بغية توجيه رسالة تقول إنه حتى لو سيطرت السلطة على كل الروابط لن تتمكَّن من وقف العمل النقابي لأن حقوق الناس ملك الناس، ويجب على صاحب القضية أن يدافع عن حقّه وأن يمسك القرار بيده وأن يتولّى المسؤولية ويضغط على السلطة والهيئات النقابية لحثّها على التحرّك. استفدنا من التجربة السابقة ونستمد القوة أيضاً من الحراك الشعبي، فالمواجهة لا تزال مفتوحة والقضية لن تنتهي". "المثابرة والتأكيد على الحقوق بالنسبة إلى غريب ليست حقاً خاصاً، بل تطال مليون إنسان يأكل ويشرب من هذه السلسلة، والقضية ليست قضية سلسلة أو نفايات بل هي قصة كرامة ووجود، وشعب يئن بأكمله من الوجع".


وصلنا إلى الانهيار
"قبل أن نسأل عن حقوق المعلِّم يجب أن نسأل إلى أين وصل البلد؟ هناك طبقة سياسية أخذت البلد إلى الهاوية"، هذا ما أشار إليه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ في حديث لـ"النهار"، معتبراً أنَّ "بعض الهيئات الاقتصادية هدّدت بأنَّ إقرار السلسلة سيؤدّي إلى انهيار البلد، وصلنا إلى الانهيار من دون سلسلة في ظل وجود طبقة سياسية حاكمة لا تهمّها إلا مصالحها، غير مكترثة بمصالح الناس من معلمين وموظفي قطاع عام وجنود. هذه السلسلة التي نطالب بها منذ 4 سنوات، نسكت عنها في الوقت الحالي لأنَّ المؤسسات الدستورية معطلة فما من رئيس للجمهورية، ومجلس النواب لا يلتئم، وبدلاً من أن تطمر الحكومة النفايات، طمرتها النفايات. وفي ظل هذا الوضع نجد أنَّ وضع المعلم بات يُرثى له، خصوصاً الأستاذ في المدارس الخاصة إذ إنَّ أكثر من 50% من المدارس الخاصة لم تدفع غلاء المعيشة منذ عام 2012. وهناك بعض المؤسسات التعليمية لا تدفع رواتب المعلمين في فصل الصيف، ولا بدل النقل، ولا تطبِّق قانون التناقص، وتتغاضى عن إجازة الأمومة".


رسالة إلى المعلّمين في عيدهم
وشدّد محفوظ على أنَّ من يسعى إلى إخراج البلد من أزمته عليه الاهتمام بقطاع التربية والمعلمين، عبر إعطائهم حقوقهم وتأهيلهم وتدريبهم. ووجّه محفوظ رسالة في عيدهم: "أقول للمعلمين أنتم فئة من الفئات القليلة التي تستحقّ الفرح والاحتفال بهذا العيد، أنتم تنتجون من دون فساد، وقطاع التربية والتعليم من القطاعات القليلة في لبنان الخالية من الفساد على الرغم من أنَّ راتب المعلِّم لا يكفيه لعيش حياة رغيدة. وأقول لهم أيضاً إننا لم ننسَ مطالبكم ولا حقوقكم ولا غلاء المعيشة ولا التعويضات، وعندما تعود الحياة إلى مجلس النواب والشرعية سنعود إلى الشارع للمطالبة بحقوقكم".


يبقى الشارع المتنفس الوحيد أمام اللبنانيين للتعبير عن قضاياهم بينما يبيت ضمير المسؤولين في سبات عميق، غير آبهين بموجة الغلاء الفاحش التي ستقضي على ما تبقى من فئة متوسطة في هذا البلد!


[email protected] 


Twitter: @Salwabouchacra


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم