الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

البندقية 72- ليلى بوزيد: لدينا شرطيٌ في نادي السينمائيين

المصدر: "النهار"
البندقية 72- ليلى بوزيد: لدينا شرطيٌ في نادي السينمائيين
البندقية 72- ليلى بوزيد: لدينا شرطيٌ في نادي السينمائيين
A+ A-

"على حلّة عيني"، باكورة أعمال المخرجة التونسية الشابة ليلى بوزيد، عُرض في تظاهرة "أيام فينيسيا" الموازية للتشكيلة الرسمية. فرح، ابنة الـ18، تحبّ الغناء، لكن ما تغنيه لا يتناسب مع الجوّ السياسي السائد في تونس، حيث تتفتح اول براعم الربيع العربي. نحن في صيف 2010، والثورة لم تندلع بعد، الا أنها تحت جلد البشر وفي بؤبؤ عيونهم. المزيد عن "على حلة عيني" في الحوار الآتي مع ليلى بوزيد.


■ متى خطر على بالك انجاز "على حلة عيني"؟ خلال الثورة أم بعدها؟


- عندما اندلعت الثورة، قلتُ في سري: "أخيراً، سنتمكن من التطرق الى عهد بن علي والتكلم عن الدولة البوليسية والمراقبة والبارانويا التي كانت سائدة تحت حكمه". كنت أريد التأريخ لهذه المرحلة وللجوّ الضاغط الذي عشناه طوال سنوات. هذا الجوّ جعلنا نشعر بالاختناق ولم يكن ممكناً تحمله. هكذا انطلقت فكرتي الاولى، ومنها أردتُ أن أروي حكاية، عمودها الفكري هو العلاقة بين أمّ وابنتها. انها قصة فرح، مراهقة حرّة جداً في رأسها، من نوع الحرية التي لا حدود لها، وسنجدها فجأة في مواجهة مع عائلتها أولاً، ومجتمعها ثانياً، ونظام البلد ثالثاً.


■ أنتِ تطرحين الأسباب التي أدت الى الثورة، وينتهي الفيلم قبل اندلاعها...


- تماماً. كان في ودي اظهار الجوّ المهيمن الذي بات أرضاً خصبة للثورة. أردتُ قصة حميمة انطلق منها لأقول ان الكيل كان قد طفح في تلك المرحلة. رغبتُ في وجهة نظر شخصية للواقع التونسي. لحسن حظنا ان الثورة جاءت لأننا كنا وصلنا الى طريق مسدود.


■ لا يخلو الفيلم من الصراع بين الأجيال. واضح ان خوف الأجيال السابقة يتسلل الى الأجيال القادمة، من خلال حرص الأمّ على ابنتها ورغبتها في حمايتها...


- الثورة كانت مهمة لأنه كان هناك غليان عند الشباب. الوالدان في الفيلم يحاولان حماية إبنتهما، ذلك انهما مرّا بهذا كله، ويعرفان جيداً الى أين يؤدي. بيد ان الأمّ ترضخ لمشيئة ابنتها. أرى في تلك الخطوة اللقاء المنتظر بين جيلين. ثمة نقطة تلاقٍ كنت أريد التركيز عليها. وأعتقد ان هذه الأجيال التي تلاقت هي التي صنعت الثورة. الثورة لا تعتمد فقط على مشاركة الصغار في السنّ أو العمّال أو الطبقة الوسطى. على الجميع أن يمدّ اليد اليها، ويجتمع حول قضية واحدة. نرى في الفيلم بوضوح اننا كنا أمام خيارين: إمّا أن ندع التاريخ يكرر نفسه بلا توقف، وإما أن نتحمل نتائح الرغبة الوليدة في التحرر.


■ انتهيتِ من تصوير الفيلم بعد انتهاء الثورة. ألم تعدّل نتائجها وجهة نظرك في الموضوع الذي تصورينه؟


- الثورة كانت انطلقت عندما بدأتُ العمل على الفيلم. خلال الثورة، حدثت أشياء كثيرة، بعضها ايجابي وبعضها سلبي. لكني قررتُ أن أبقى وفية لروحية صيف 2010 حيث تجري حوادث الفيلم. لذا تراني موضوعية في المعالجة. كنت أريد أن أكون مخلصة لهذه الفترة. لو بدأتُ أتأثر بكلّ ما بدأ يحدث من حولنا أثناء الثورة، لما استطعتُ أن أكون منصفة. كنت أريد التطرق الى نظامٍ، وظيفته ترهيب الديناميكية الشبابية. انجاز فيلم عن الثورة لم يكن ممكناً، كونها تغيرت واكتست اشكالاً مختلفة، إلى درجة ان من الصعب جداً البقاء على مسافة منها. الشعور بالاختناق الذي عشناه في تونس طوال سنوات، أرى ان من المهم الحديث عنه اليوم، بعد كلّ ما حصل، لأنه استمر طويلاً، ورافق طفولتنا. السينما هي أيضاً الانكباب على الذاكرة. في عهد بن علي، لم يكن جائزاً التطرق الى هذه المسائل.


■ منذ البدء، كنت تريدين فتاة لدور البطولة؟


- ترددتُ لوهلة، ولكن ما حسم خياري ان الفتيات عرضة أكثر لضغط المجتمع والأهل، يصعب عليهن الخروج ليلاً والأهل يعارضون خياراتهن أكثر مما يعارضون خيارات الابن. هذا فيلم بثلاثة فصول: العائلة والمجتمع والدولة. بالنسبة لفتاة، كلّ فصل من هذه الفصول يشكّل عائقاً ينبغي القفز فوقه.


■ ماذا عن وسط الموسيقيين حيث رتبتِ الحوادث؟ هل كان هذا خيارك منذ البدء؟


- شخصية فرح كنت أريدها فنانة، وكنت أريد لفنها أن ينادي الجمهور ويخاطبه. لبرهة، ترددتُ بين مدوّنة وفنانة. حسمتُ خياري عندما أدركتُ ان الغناء أكثر تناسباً للسينما. ما إن اعتمدتُ فكرة الغناء، حتى صارت أساسية في مرحلة كتابة السيناريو. ديناميكية الفرقة الموسيقية كانت مهمة للفيلم. تأليف هذه الفرقة ثم العثور على ممثلة تجيد الغناء، هذا كله كان رهاناً غير سهل.


■ هل هذا الدور الأول لبية المظفر؟


- نعم، وهي تغني فعلاً في الفيلم. لم نستعن بالبلاي باك. دورها صعب لكنها مثيرة للدهشة. هناك تشابه كبير بين دورها وشخصيتها الحقيقية.


■ ولكن، هل فعلاً رجال الأمن والمخابرات في تونس كانوا يهتمون بما يغنيه الشباب في النوادي الليلية؟ المسألة تتجاوز القدرة على التصديق...


- بالتأكيد، هناك عيون تراقبك باستمرار ومن المستحيل الا تشعر بها. انطلقتُ من معطيات أعرفها شخصياً، يوم اكتشفنا ان أحد أعضاء نادي السينمائيين الذي كنت عضوة فيه، شرطي وظيفته التجسس علينا! أيام بن علي، كلّ شيء كان تحت مراقبة شديدة، وكان يمكن المضايقات أن تتمادى أكثر مما نراه في الفيلم. هنا، الأشياء تصل الى خواتيمها لأن الأم تعرف أحد النافذين في الدولة، الخ.


■ ولمَ لم تجعلي ممارسات الدولة أكثر بطشاً؟


- كنت أريد أن أتطرق الى كلّ شرائح المجتمع التونسي. كلّ شي في تونس يحمل دلالات مزدوجة، ينطوي على لبس وليس بالضرورة أسود أو أبيض. خذ الشرطي مثلاً: فهو ليس شريراً فحسب. لديه أيضاً مشاعر تجاه أم فرح. من خلال بنية السيناريو، أردتُ أن أستعيد ماضي الأمّ ايضاً، وأن أقدم بانوراما عن الشخصيات الثانوية الوافدة الى الفيلم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم