الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حديث روحي حول "الكنيسة الأولى"

المصدر: الكورة – "النهار"
حديث روحي حول "الكنيسة الأولى"
حديث روحي حول "الكنيسة الأولى"
A+ A-

استضافت رعية كنيسة سيدة بترومين رئيس دير سيدة حماطورة الارشمندريت بندليمون فرح في حديث روحي حول "الكنيسة الاولى" في حضور كاهن الرعية الاب حنانيا قطريب، الاب جورج اسبر، رئيس البلدية لويس قبرصي، المختار جمال غانم، شمامسة ورهبان، شخصيات وحشد من المؤمنين.
استهل اللقاء بكلمة ترحيب من الاب قطريب. ثم تحدث الارشمندريت فرح عن نشأة الكنيسة الاولى حيث انه "بعد موت السيد المسيح وقيامته وصعوده الى السموات، ارسل الله الروح القدس في اليوم الخمسين، وهكذا تجمع الرسل وابتدؤوا المواظبة يوميا على ثلاثة امور وهي الصلاة وكسر الخبز والتعليم،. وكانت هذه اساسية في حياتهم باوروشليم. اذ كانوا يجتمعون لشرح الكتب المقدس وشكر الرب وتقديم القربان والمناولة وهكذا بدات تنمو الكنيسة رويدا رويدا. الا ان ذلك اثار سخط الوثنيين وحاولوا قمعهم، انما كان لدى الرسل الاوائل عزيمة ثابتة لا تتزعزع وثابروا على ايمانهم وعملهم البشاري. وكان من ابرزهم الشماس استيفانوس وهو اول الشمامسة".


وتطرق الى ظهور "حاجة الكنيسة للاعتناء بالفقراء والتبرع من اموالهم، ليس كما يحصل اليوم، انما من مبدأ المشاركة والمبادلة. وبما ان الرسل كانوا منشغلين بالكرازة والتعليم والصلاة، منعهم ذلك من الاهتمام بالخدمة الاجتماعية ومساعدة المحتاجين، فابتدؤوا سبعة شبان غيورين مملوئين من الروح القدس والحكمة بهذه الخدمة دون تحيز. حتى بدت تتنظم الكنيسة وتتوزع المهام فيها، فبرزت في الحياة واخذت حيزا كبيرا، وهذا اثار اكثر غيرة اليهود ودفعهم لاضطهادها، وهكذا بدات المواجهة، لاسيما ان اليهود كانوا يعتمدون على وعظ الشيوخ والاباء وليس تعاليم الانبياء. ما ادى الى اضطهاد استيفانوس ورجمه حتى الموت. علما ان استيفانوس سامحهم، وكان ذلك تعليما اساسيا في حياة الكنيسة الاولى".



واضاف: "تجنبا للمواجهة العنيفة والاقتتال اثر موت استيفانوس، ارتأى بعض الرسل الابتعاد، فانتشروا في كل فلسطين وتركيا وبلادنا وسوريا. وبما ان عبادة اليهود كانت تتم داخل الهياكل في اوروشليم، وهي اشبه بالعبادة الوثنية، كان التلاميذ يدخلون اليها ويشاركون في النقاش وكثيرا ما تحدث مشادات كلامية. وكثيرا ما كانت تتقبل فئة الايمان المسيحي واخرى ترفضه". وهنا شدد على" حاجة الكنيسة لاستمرار العمل البشاري. اذ بالكاد نطال اولادنا المسيحيين اليوم. في حين ان الرسل كانوا يداومون على الصلاة يوميا وكسر الخبز والتعليم". ودعا الى تكثيف الاجتماعات والصلوات لنبقى في لقاء مستمر مع الله ولحمة معه ونعرف ايماننا".


وتابع انه" بسبب الاضطهادات كانت الكنيسة تنشط وتنتشر وتستقل عن اليهودية. وكان المسيحيون يجتمعون في اماكن بعيدة عن السكن، ويمارسون ديانتهم، لا سيما في الدياميس اي المدافن تحت الارض".


وراى اننا "حتى اليوم ما نزال متاثرين ببعض العادات الوثنية في حين ان المطلوب التوجه للصلاة لفاعليتها في تنقية النفوس ونيل النعم الالهية".
واشار الى نهضة الكنيسة بالحضور "الثقافي والعلمي فيها ما جعلها تمتد. حتى ان بعض الفلاسفة راحوا يدافعون عن الديانة المسيحية علنا لمنع اضطهاد المسيحيين، انما بقي السجال قائما ما بين الملوك والمؤمنين، لاخضاعهم لهم والسجود امام سلطتهم وليس لله. وهذا ادى الى تعذيبهم وقتلهم. انما كان الرب يشددهم في ايمانهم، ويخلق العجائب بقدرته، وهو ما كان يثير غيظ بعض الوثنيين، وما ادى بالتالي الى ترك بعضهم الملك واتباع المسيحية لدرجة الشهادة مثل حال الـ40 شهيدا".


واكد ان" قصص القديسين والشهداء في بداية حياة الكنيسة لا تعد ولا تحصى، في كل يوم كان يقع اكثر من مليون شهيد، انما تبقى الكنيسة مثل الكرمة كلما فرعتها كلما اشرابت ونمت اكثر". وذكر انه" في الشرق منذ بداية المسيحية اي منذ اكثر من الفي سنة والكنيسة تضطهد. مرة تلوى الاخرى، رغم ذلك ما تزال موجودة وراسخة. وستبقى الى ابد الابدين حتى الرب يامر ان تتغير كل معالم الكون وينشئ ارضا جديدة وسموات جديدة".


ولفت النظر الى انه" في حدود 313 اصدر الملك قسطنطين براءة في ميلانو يمنح الحرية بممارسة الشعائر الدينية في المملكة. وهذا ما جعل المسيحية تنتعش وتعمل على ترتيب اوضاعها الداخلية وتقوم بالتعليم وتنظيم الادارات بالابرشيات. الا ان الشيطان بدا يعمل بطريقة مختلفة من الداخل. فظهرت هرطقات وتفسيرات لا تمت للمسيحية بصلة من ابرزها واخطرها هرطقة اريوس وهي ان المسيح رجل قديس وليس هو ابن الله. حتى اوضح اباء الكنيسة الامر وكتبوا دستور الايمان. وسميت الكنيسة بعدها الكنيسة المستقيمة الراي او الارثوذكسية في الشرق والغرب. وظلت على هذا الحال الى الانشقاق الكبير حيث رغبت بعدها روما بتسمية نفسها كاثوليكية اي الكنيسة الجامعة رغم انها كانت تمتد على جزء من اوروبا، في حين ان المملكة الرومانية كانت مقاطعات كبيرة، اولها روما وكل اوروبا المحيطة بها، تليها مدينة القسطنطينية التي اصبحت فيما بعد العاصمة الشرقية للملكة الرومانية، بعدها الاسكندرية، ثم مدينة انطاكيا العظمى واوروشليم".


وشدد على ان "انطاكيا لعبت دورا كبيرا وبارزا في التاريخ، فكانت مركزا اساسيا مهما نظرا لمركزها الجغرافي في الوسط بين الشرق والغرب، اضافة الى امتدادها الى بلاد الهند وجيورجيا، وكل اسيا". واشار الى "دور الاباء فيها في جمع الشمل وتوضيح الافكار اللاهوتية". وعدد ابرز الاباء الذين انطلقوا من انطاكيا وهم يوحنا الذهبي الفم، ويوحنا الدمشقي، وغريغوريوس بالاماس، ويوحنا السلمي.


واكد ان "كنيستنا الاولى مستمرة، رغم تلهينا بالمشكلات والصعوبات والحروب والضعف المادي والثقافي. الا انها جامدة بعض الشيئ رغم التحركات والنشاطات غير الكافية". وراى ان الكنيسة الروسية بسبب الاضطهاد هاجر الكثير من الروس الى اوروبا واماكن مختلفة، وبقي لديهم التزام ديني قوي، بحيث نقلوا معهم جميع تراثهم الابائي واللاهوتي وترجموه الى لغات حديثة ما جعله يتوسع اكثر وينتشر". واعتبر انه بالرغم من ضرب الشيطان لهم في روسيا وتفرقتهم اخذوا معهم البركات الى كل العالم ما يجعلنا نرى ازدهارا في اميركا واوروبا، واعتناق اشخاص جدد الارثوذكسية بعد اكتشافها.
تمنى العودة الى "نشاطنا وسابق عهدنا بالتمثل بالبطولات السابقة وليس التغني بها. والمساهمة في تنشيط مجتمعنا الى الايمان والنمو بالمعرفة الروحية".
وختم بانه" خلال تلك الحقبات التاريخية لم تكن الكنيسة جامدة او ميتة او متوقفة امام التحديات بل تواجهها وتفوز عليها وتجد الحلول. ونحن اليوم مدعويين ان نكتشف صعوباتنا لنواجهها ونجتازها للوصول الى ما هو افضل".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم