الأحد - 05 أيار 2024

إعلان

معارضون في سوريا لـ"النهار": اذا الشهدا بينتخبوا...نحنا مننتخب!

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

"بشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية"، إنها نتيجة محسومة لانتخابات يجريها نظام ديكتاتوري شمولي، لكن "حبيب الملايين" فشل اليوم في إدارة عملية إعادة شرعيته وارساء معادلة "الأمور بخير والأمن مستتب".


حملة "سوا" لم تنجح في إحداث فوضى وضجيج الاقبال على الانتخاب كما حصل أمام السفارة السورية في اليرزة و"النهار" رصدت حال المناطق السورية، ليتبين أن المناطق المحررة لم تدخلها صناديق اقتراع وانشغل أهلها في اسعاف الجرحى وانتشال الجثث، فيما لم تشهد مناطق النظام الاقبال الكثيف على المراكز الانتخابية كما كان متوقعاً، خصوصاً مع تواصل سقوط قذائف الهاون في قلب العاصمة.


حرب في دمشق


"جدار صوت" الطائرات كان المنبه الوحيد لبدء يوم الانتخاب، فمنذ الساعة السادسة صباحاً بدأت طائرات ميغ 23 و29 وسوخوي بالتحليق في سماء دمشق وريفها، ليستيقظ السوريون، ويقول الناشط الإعلامي في مكتب دمشق الإعلامي كريم الشامي لـ"النهار": "عند 7:30 بدأت باصات الموظفين المجبرين تتوافد إلى مراكز الانتخاب، وبعد أقل من ساعتين انتهى ازدحام الموظفين وخفت الحركة نسبياً في الشوارع".
أصوات انفجارات القذائف والغارات الجوية سيطرت على اليوم الانتخابي "الديموقراطي"، إذ يلفت الشامي إلى أن "النظام قصف داريا بالبراميل المتفجرة والهاون واكمل على دوما وجوبر وزملكا وعين ترما والمليحة في الغوطة الشرقية".
إنها أجواء حرب في دمشق، ففي الوقت الذي كان فيه النظام يقصف المناطق المحررة، كانت "مصادر مجهولة تقصف قلب دمشق بالهاون"، بحسب الشامي الذي يوضح ان "القصف بدأ منذ الساعة الثامنة صباحاً، إذ سقطت أكثر من 40 قذيفة هاون، وسجل غالبيتها في الأمويين والمزة والبرامكة والعدوي والمزرعة والقصاع والعباسيين والغساني والاصابات كانت محدودة، لأن الناس ليست في الشوارع، وإلا لشهدنا مجازر كبيرة"، مشيراً إلى سقوط قتيلين وجرحى "جراء القصف العنيف الذي استهدف حي جوبر الدمشقي". ويرى الشامي أن "الموظفين كانوا الحلقة الأضعف في هذا اليوم، وكل مظاهر الفرح اقتصرت في مراكز النظام ومناطقه"، كاشفاً عن "عدم سرية الانتخاب، إذ كان البعض يصوّت عن عائلته عبر احضار هويا افرادها".


45 قذيفة في قلب دمشق



من ساحة الشهبندر وسط الشام، تواصل مدير مجموعة تحرير سوري الاخبارية رافي مع "النهار"، لافتاً إلى أن "حال الشوارع كانت طبيعية في دمشق مع تدقيق امني كبير في قلب العاصمة واغلاق مداخلها كافة، فضلاً عن تغطية أمنية عبر طيران حربي من نوع جديد، ترافق مع قصف للمناطق المحررة". ويضيف: "سجل سقوط 45 قذيفة في قلب العاصمة دمشق: في العباسيين - التجارة - القصور - العدوي - الغساني وشارع حلب - البرامكة وباب مصلى - ساحة الامويين - المزة - المالكي - دويلعة"، مشيراً إلى أن "غالبية القذائف أطلقت من المعارضة رغم ان فصيلين كبيرين من كتائب الغوطة الشرقية أكدا انهما لن يضربا في هذا اليوم، لكن فصائل عدة مصرة على القصف".
ويقول: "داخل دمشق شهد زحمة طبيعية ولم يسجل اقبال كثيف على التصويت كما ذكر في وسائل إعلام النظام، وهناك مراكز معينة فحسب يتم تخصيصها للتغطية التلفزيونية، أما تجمعات المؤيدين فكانت محدودة في عددها وشهدت الشوارع مسيرات سيارة خجولة".
لم يكن هناك تهديد مباشر للموظف وفق رافي، ويوضح: "في كل وزارة ومديرية هناك مركز اقتراع ومن الطبيعي ان ينتخب الموظفون، لكن تم اجبار موظفي سيرياتيل على الانتخاب"، مشيراً إلى أن "بعض المراكز استخدمت فيها اجهزة "ريد باركود" لتسجيل المعلومات والبعض الاخر لا يزال يسجل المعلومات على الدفاتر وفي شكل روتيني". بحسب ما لمسه رافي، فإن 70 بالمئة من 8 مليون نسمة في دمشق، كانوا غائبين، خصوصاً أن غالبية المحلات والأسواق كانت مغلقة".


حلب: ترشيح الشرع وصناديق الاقتراع حاويات القمامة


الشمال السوري لا يشهد انتخابات ولدى سؤالنا الناشط في المركز الإعلامي السوري SMC أحمد نجار المتواجد في مدينة مارع عن متابعة الأهالي للانتخابات، ردّ بأن "الناس تتابع سقوط الصواريخ والقصف الذي لم يهدأ. النظام يستهدف مارع في شكل عشوائي ثلاث مرات يومياً، مستخدماً الصواريخ الموجهة والبراميل والرشاشات، فضلاً عن حالات النزوح المستمرة التي كانت غالبيتها إلى تركيا أو الحدود".
أهالي مارع يعتبرون أن الانتخابات "كذبة كبيرة" طالما أن النتيجة معروفة محسومة لصالح الأسد، ويقول نجار: "إنها استخفاف بعقول الناس". ولا يخفي أن الأهالي يتهامسون بالقول: "لو الإنتخابات نزيهة ويراد منها إرضاء كل الشعب السوري لكان الأجدر بالنظام ترشيح فاروق الشرع".
الناشط الإعلامي في حلب أحمد محمد يرى في الانتخابات "استخفافا بالقوانين الدولية واصول الانتخابات واستئهزاء بالمجتمع الدولي"، معتبراً أن "صمت المجتمع الدولي يؤكد تورطه في حماية الشعب السوري من قصف البراميل المتفجرة على احياء مدينة حلب وريفها".
الناشطون في حلب والأهالي ردوا على الانتخابات بتظاهرات يومية من لحظة اعلان اجراء الانتخابات، مطلقين عليها انتخابات الدم، ويشير محمد إلى أن "الأهالي عمدوا إلى لصق صور النظام السوري على حاويات القمامة وسموها صناديق الاقتراع".


الجبهة: لن نقتل شعبنا


"الانتخابات على دمائنا" هو التعبير الأكثر تداولاً بين أهالي حلب، ويقول الناشط الإعلامي حسين ناصر المقرب من "الجبهة الإسلامية": "صدرت بيانات عدّة بالأمس في شأن رد المقاتلين على الانتخابات منها كان الجبهة الاسلامية لاعتبارها الفصيل الاكبر في الساحة السورية، وكانت واضحة لاعتبار ان الانتخابات باطلة". وردت الفصائل على ما تردد من استهداف لمراكز الاقتراع بـ "لا نقتل اهلنا كما يفعل بشار الاسد".
"الجبهة الإسلامية" ترى ضعفاً في اجراء الانتخابات "لأن الأسد يجبر الموظفين والطلاب على الانتخاب" يقول ناصر مضيفاً: "التخاذل الدولي يقتلنا ويسيل دماء الشعب السوري الضعيف الذي لاحول له ولا قوة". الجبهة سترد بقصف جبهات قوات الاسد، مفتخرة بعمليات تفجير الأنفاق لأنها "ضربة كبيرة لقوات الاسد وتقتل العشرات منهم وتجعلهم دائما مرتعبين"، على حد قول ناصر.


ريف دمشق: "دم الشهداء ما منبيعه منوب"


"دم الشهداء ما منبيعه منوب، وصامدون حتى آخر قطرة دم"، هو لسان حال أهالي غوطة دمشق الشرقية المحاصرة، ويقول الناشط الإعلامي أبو عدنان - غوطة دمشق: "طيران النظام يقصف مدن وبلدات الغوطة الشرقية منذ ساعات الصباح وأصوات القذائف لم تهدأ من الساعة الخامسة فجراً". لا صناديق اقتراع في الغوطة المحاصرة "وحال الشارع طبيعي كما كل يوم، لكن الأهالي كانوا في حال هلع من كثافة القصف"، يقول ابو عدنان.
وفي المنطقة نفسها الناشط السوري براء عبد الرحمن، يعيش الحال نفسها، ويؤكد أن "الطائرات تقصف الأبنية السكنية منذ ساعات الصباح، فأي جو انتخاب هذا؟"، ويضيف: "الأهالي محاصرون ويبحثون عن لقمة يطعمون بها صغارهم، إنهم يعيشون بلا كهرباء أو دواء او غذاء"، ويشدد على أن "أهالي محافظة ريف دمشق سحبوا شرعية هذه الانتخابات وتظاهروا ضدها".


أهالي جنوب دمشق: لا نعلم بالانتخابات


ومن الغوطة الشرقية ودوما، إلى مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن الحال نفسها. يقول الناشط الإعلامي في جنوب دمشق رامي السيد: "الانتخابات لا تعني أي شيء. الأسد اعتاد على الفوز بنسبة 100 بالمئة، وهذه المرة سيفوز أيضاً لكنه سيخفض من النسبة كي يثبت ديموقراطية الانتخابات"، متسائلاً: "من سينتخب، 10 ملايين نازح أو 300 الف شهيد أو مئات ألوف المعتقلين؟".
أهالي جنوب دمشق اوضحوا موقفهم: "اذا الشهداء بينتخبوا بشار الاسد نحنا ما عنا مشكلة ننتخبه"، إذ يرى السيد أن "الانتخابات مسرحية هزلية، ونحن قلناها سابقاً أن شرعية بشار الاسد سقطت مع سقوط اول قطرة دم، ومهما فعل مستمرون بثورتنا". والأهم في ما قال السيد أن "غالبية الناس في الاحياء المحاصرة لا تعلم أن هناك انتخابات، لانها بلا كهرباء منذ سنة ونصف السنة، وهمها الاستيقاظ صباحاً والبحث عن بقايا الطعام ومياه الشرب، خصوصاً مع انقطاع المياه عن الشعب في الايام الاخيرة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم