الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لكن... الذّنب ذنبك

المصدر: النهار
رولا خضر
لكن... الذّنب ذنبك
لكن... الذّنب ذنبك
A+ A-

تخيَّلْ معي...

وصلتَ إلى مكان عملك وركنت السيارة دون أن تغلقها، فأنت في بلدٍ نسبة السرقات فيه معدومة.

ومن ثم صعدتَ إلى مكتبك والتقيت مديرك فابتسم لك وأثنى على عملك وأخبرك بترقية وعلاوة قريبة.

بعدها رن هاتفك فوجدت رسالة من زوجتك تخبرك أن ابنك قد نجح بتفوق وأخذ منحة دراسية ستيسّر من أمورك المادية بعض الشيء.

صعدتَ بعدها إلى مكتب زميلك فأخبرك أن زواجه قريب وأنك أول المدعوين، ودخلت عليكم زميلتكم فأخبرتكم أن المصرف وافق على إقراض زوجها المال وسيشترون بيت الأحلام.

وفي استراحة الغداء ذهبتم جميعاً إلى مطعم أبو جميل فأخبركم أن الضرائب قد ألغيت لهذا العام بهدف دعم المشاريع الصغيرة.

وقبل ذهابك إلى المنزل قصدت محل الهدايا لتكافئ ابنك بالهاتف الذي يريد.

وصلت إلى المنزل بعد يوم عمل رائع – كالعادة – فاستقبلك أولادك وزوجتك بابتسامة كبيرة وقالب حلوى فهو يوم ميلادك الذي نسيته.

تناولت العشاء معهم، احتفلتم جميعاً على أغانيك التي تحب ومن ثم أطفات الأنوار وأغلقت عينيك.

وفي صبيحة اليوم التالي تصل العمل، تركن السيارة وتصعد إلى مكتبك لكنك لم تلتقِ مديرك لأنه أخذ ترقية بسبب عملك الجاد.

يرن هاتفك فتخبرك زوجتك أن المدرسة أعادت الأولاد إلى المنزل لأنك لم تتمكن من سداد دفعة القسط.

تصعد لتشكو لزميلك فيخبرك أنه أنهى خطوبته لأسباب مادية. وتدخل عليكم زميلتكم لتخبركم أن صاحب المنزل سيطردها وعائلتها اليوم لأنها لم تتمكن من سداد الإيجار.

وفي استراحة الغداء تذهبون إلى مطعم أبو جميل فتجدونه مغلقاً لأن حاله تعسر بسبب الأزمة الاقتصادية.

وقبل ذهابك إلى المنزل تقرر شراء بعض الحلوى لأولادك لكنك لا تستطيع لأن سعرها يفوق مرتبك لثلاثة أشهر.

تصل إلى المنزل بعد يوم عمل شاق فيستقبلك أولادك وزوجتك بلائحة الطلبات الأساسية التي لن تتمكن من شراء أكثر من ربعها.

تطلّ من النافذة لتجد أن سيارتك قد سرقت من أمام منزلك.

تنام بلا عشاء دون أن تطفئ الأنوار فلا كهرباء في هذا البلد ولا تتمكن من إغلاق عينيك.

حينها فقط تدرك أن سكوتك عن الظلم لسنين قد أثمر، وأن صوتك الانتخابي الذي لم تدرك قيمته كان ليثمر...


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم