الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مشهد ثقافي صاخب في الـ2019: الثورة فجّرت الألوان وبيكاسو في قلب بيروت

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل
مشهد ثقافي صاخب في الـ2019: الثورة فجّرت الألوان وبيكاسو في قلب بيروت
مشهد ثقافي صاخب في الـ2019: الثورة فجّرت الألوان وبيكاسو في قلب بيروت
A+ A-

لا يمكن أن ينأى مشهد بيروت الثقافي بنفسه عن بيئته الحاضنة المضطربة أحياناً والهادئة أحياناً أخرى. في حصاد هذه السنة، دمعة على رحيل الرسّامة أوغات كلان، وتكريم رئاسي لمرور قرنين على ولادة المعلم بطرس البستاني، تخلله إعلان رئيسة تحرير "النهار" نايلة تويني التزام "النهار" في نشر بحثٍ كل شهر يعرّف الجيل الشاب على بصمات المعلم بطرس.

ماذا في التفاصيل؟ وقفة خاصة هذه السنة مع معرض استثنائي لبيكاسو بعنوان "بيكاسو والأسرة" في متحف سرسق. حدث ثقافي غير مسبوق لأعمال "بيكاسو والأسرة" بدعم من سيريل كاروغلان والسيدة دانييل، أرملة أدغار دي بيكسيوتو، وبدعوة من متحف سرسق، والمتحف الوطني بيكاسو – باريس.

بيكاسو مرّ من هنا



الشيء الوحيد الثابت في هذا المعرض الذي يستمر في متحف سرسق حتى 8 كانون الثاني 2020، أن الرسوم والمحفورات واللوحات الزيتية والمنحوتات تَعرض مسيرة الفنان العائلية والعاطفية الطويلة، ومنها حب الأنوثة، صورة الثنائي، والدته وشقيقته، لحظاته الحميمية مع عائلته ومع الآخر، وتَشارُكه معه في كل شيء وصولاً إلى رسمه لمواضيع ذات بعد كوني مثل قساوة الحرب... معرض للوحات ومنحوتات بيكاسو من عمر الـ14 ربيعاً إلى الـ77 عاماً، أي من بدايات ذلك الفتى السابق لأوانه، الذي يمتلك عيوناً قاتمة جعلته يبدو في طريقه إلى العظمة.

المعلم بطرس اليوم وغداً...


لبنان الرسمي احتفل هذه السنة بمرور 200 عام على ولادة المعلم بطرس البستاني الرؤيوي، التي نظّمته جمعية المعلم بطرس البستاني والهيئة الوطنية لإحياء المئوية الثانية لميلاده. هو الحفل الرسمي الذي رعاه رئيس الجمهورية ميشال عون، وحضره شخصياً مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وأهل الدولة في محاولة لإنصاف بطرس البستاني الرؤيوي العلماني... وعند تكريم رجالات كبرى في الحفل، تسلمت رئيسة تحرير "النهار" نايلة تويني جائزة تكريمية لعميد "النهار" الراحل غسان تويني، التزمت أن تنشر "النهار" حلقات شهرية عن المعلم بطرس في محاولة حثيثة لإحياء إرثه المهم من جهة، ولتعريف الجيل الشاب على المعلم بطرس "السابق لعصره".

رائعة "فردي" في بعلبك


تتجدد معالم المقاومة الثقافية من خلال الرزنامة الثقافية في المهرجانات الدولية الراقية المنتظرة كل موسم الصيف. وفي الوجه الحضاري والثقافي للثقافة، عمل ضخم مع ركويام فردي شهده معبد باخوس الصيف الماضي. حدث ضخم للموسيقى الدينية لجوسيبي فرديي أرادته إدارة المهرجانات بالتعاون مع كل من المعهد الثقافي الإيطالي وسفارة إيطاليا في لبنان. وتولى تأديتها أربعة مغنين ذوي شهرة واسعة في الفن الأوبرالي وهم السوبرانو ماريا أغريستا والميزو دانييلا بارشيلونا صاحبتا الصوت المبهر، والتينور جورجيو بيروجي والباس جون ريلييا اللذان يتألقان على أهم المسارح العالمية. كما تمايز هذا الحدث بصفته أحد أبرز المحطات الثقافية في مهرجانات بعلبك بقيادة رئيس جوقة الجامعة الأنطونية الأب توفيق معتوق الملهمة، عزف هذا العمل أوركسترا الحجرة للإذاعة الرومانية في بوخارست مصحوبةً بكورس الجامعة الأنطونية.

"الأجنحة المتكسرة": الحب في وجه التقاليد


على قائمة الأعمال الثقافية الراقية، المسرحية الغنائية "الأجنحة المتكسرة" للبناني نديم نعمان وللقطرية دانة الفردان على مسرح مهرجانات بيت الدين الدولية. هذه الرواية التي كتبها الراحل الكبير جبران خليل جبران (1883-1931) قبل أكثر من مئة عام، ويقدم فيها معاناته مع قصة أول حب عاشها جبران في عمر الثامنة عشرة، ومواجهته للتقاليد البالية في المجتمع. على خشبة بيت الدين، قصة حملت مجموعة من الأغنيات يقابلها حوار ونقاش عن الحب والزواج والدين والألم والخسارة وحرية الاختيار والهجرة.

وداعاً أوغيت كلان



في فراق الأحبة، وفاة الرسامة أوغيت كلان، إبنة بشارة الخوري، أول رئيس للجمهورية اللبنانية، عن 88 عاماً، التي عشقها جمهورها "لتفلّتها من قيود كثيرة، وخصوصاً في ما يتعلّق بالنواحي الأكاديمية من جهة، أو في ما يتصل بعلاقتها بمسألة الفن بمجملها، فقد أُطلقت عليها جملة من الصفات كـ"الفنانة اللعوب"، أو "الفتاة التي لا تكبر"، وخصوصاً لدى معاينة الرسوم التي نفّذتها بعدما تعدّت الثمانين، والتي كانت لا تزال تحمل روحاً طفولية تجلّت، ضمن مظاهر أخرى، في التلاعب الذي بلغ حد السوريالية...

"مشروع ليلى": يا قمع الدين!


قمع الحريات وصل إلى ذروته من خلال منع فرقة "مشروع ليلى" من إقامة حفلها في مهرجانات جبيل هذا الصيف. تفاقمُ المحاولات لإيقاف الحفل سببه "هؤلاء كانوا دافعاً وداعماً لجيش إلكتروني تمكّن من خلق حالة ذعر وتضليل و"يا غيرة الدين". ولم يشفع توضيح أحد أعضاء الفرقة، حامد سنو، بأنه شارك مقالاً على صفحته تضمّن صورة مركّبة، للقول بأنه لا يتبنّى ما نُشر. ولم تشفع له أيضاً نيته مسح صفحته من الوجود. الفرقة المؤلفة من 4 شبان لبنانيين أنكرت مسّها بالأديان وأكدت احترامها لها في بيان نشرته على صفحتها في "فايسبوك"، لكن موجة الرفض ماضية مستندة إلى كلمات أغنية صدرت في العام 2015، وتلتها مشاركات للفرقة في مهرجانات بارزة في لبنان، وإلى نبش منشورات فايسبوكية وأغنية قديمة، صوّب كهنة ورافضون للفرقة على المثلية الجنسية، وتحركت أبرشية جبيل المارونية لطلب وقف الحفل. واكبت "النهار" هذا القمع غير المسبوق للحريات، ورفضها المطلق "للشعبوية الدينية كظاهرة جديدة تنذر بالأسوا على لبنان".

فنون الثورة والكتاب المؤجل 


في الإيجابيات، انتفاضة 17 تشرين الأول أحيت عبر فنون عدة -في متناول العامة- أماكن منسية من ذاكرة بيروت القديمة، على غرار موقع "البيضة" و التياترو الكبير. شكّلت حفلات الموسيقى التي تم إحياؤها على الرصيف الملاصق للتياترو الكبير، الذاكرة الجماعية لمناهضة أي مشروع لتغيير "هوية" ذلك المسرح أو إقصائه عن الخريطة الثقافية في البلد. كما كان للرسامين ريشة ثورية تفجرت ألوانا وابداعا وواكبت كل ما حدث في ساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء. 


ومن هذه المحطات الرئيسية، أداء كل من الثنائي الأوبرالي كارل قشوع ونورا بدران في نشيد "خبز الملائكة"، "Panis Angelicus" أحد الأناشيد الخمسة التي كتبها القديس توما الأكويني، لعيد جسد مخلصنا يسوع المسيح، مع الإشارة إلى أن الموسيقار العالمي سيزار فرانك وضع موسيقى هذا النشيد عام 1872 مجسداً معانيه بألحان عاطفية مفعمة بالوحي والموسيقى. لهذا النشيد أثره في مبنى البيضة في وسط بيروت، أثر يرتبط "عضويّاً" بذاكرة المكان وأهميته، ودوره في السلم والحرب وحلم التغيير وهاجس الثورة.


أما الغصّة الكبرى غير المسبوقة في التاريخ الثقافي في لبنان، هي أن الظروف الدقيقة الراهنة أدت إلى إلغاء صالون الكتاب الفرنسي إلى موعد يعلن في حينه، فيما قرر القيّمون على معرض الكتاب الثقافي العربي واتحاد الناشرين العرب عن تأجيل موعد إقامة المعرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الـ63 إلى 28 شباط 2020.

rosette.fadel@annahar/.com.lb 

twitter:@rosettefadel


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم