الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

فيروس التهم عضلة قلب ابن الـ16 عاماً... بكاء وصدمة في وداعه "أول مرة منسمع بهالفيروس"

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
فيروس التهم عضلة قلب ابن الـ16 عاماً... بكاء وصدمة في وداعه "أول مرة منسمع بهالفيروس"
فيروس التهم عضلة قلب ابن الـ16 عاماً... بكاء وصدمة في وداعه "أول مرة منسمع بهالفيروس"
A+ A-

من فيروس إلى ضعف في عضلة القلب، قصة ايلي زيلع (16 سنة)، أددمت قلوب كثيرين من عائلته إلى أصدقائه في المدرسة والمدرسين. كيف يمكن هذا القلب ان يضعف لهذه الدرجة بسبب فيروس بسيط، سنوات من العذاب والقوة وعدم الاستسلام، لكن قبل يوم من المدرسة انتكست حالة إيلي وبقي يصارع الحياة لأيام قبل أن يُغمض عينيه الى الأبد.

ثمة فيروسات ومضاعفات يختبرها الشخص في حياته، لكن نادراً ما سمعنا عن فيروس يضعف عضلة القلب ويضطر الشخص معه الى زرع قلب اصطناعي ليتوفى قبل الحصول على قلب طبيعي. يصعب على عائلة أن تتعايش مع هذه الخسارة وهذا الوجع، وأن تخسر ابنها نتيجة سبب بسيط قد يتعرض له أي شخص لكن حظ إيلي كان سيئاً ومشواره قصيراً.

يقرر ميشيل زيلع والد إيلي مشاركة قصته للتوعية حول هذا الفيروس لإنقاذ حياة باقي الأولاد، يسترجع بداية مشوارهم مع المرض بالقول لـ"النهار": "في العام 2014 بدأ كل شيء، لم يكن إيلي يعاني من أي مشكلة صحية قبل هذا التاريخ لكن فجأة بدأ يعاني من سعال قوي وتعب. توجهنا الى الطبيب لمعرفة السبب وبعد إجراء الفحوص والصورة الشعاعية تبين أن ايلي يعاني من تضخم في القلب، الأمر الذي استوجب على الفور ادخاله الى العناية الفائقة ومراقبته وتلقي العلاج اللازم".

وفق رواية والده "خضع إيلي لفحوص عدة لمعرفة سبب هذا التضخم، إلا ان الصدمة لدى معرفتنا ان فيروساً قد يكون ناتجاً من أزمة النفايات هو المسؤول عن هذا التضخم. كانت أزمة النفايات في هذه المرحلة في أوجها، وقد يتعرض أي شخص لفيروس او بكتيريا قد تؤدي في بعض الحالات الى التهاب او ضعف في عضلة القلب. إيلي كان واحداً من هؤلاء الذين كان عليهم أن يواجهوا خطراً أكبر وحقيقة موجعة وغير متوقعة. هكذا انقلبت حياتنا رأساً على عقب، لم نكن قد سمعنا بهذه الحالة من قبل، لكن هذه الحقيقة الطبية لم تؤثر على حياة ايلي الذي كان مصراً على متابعة حياته والاستمتاع الى أقصى حدود".

كان إيلي متميزاً ومتفوقاً في دراسته، يحب الحياة والرياضة. في العام 2016، زرع بطارية للقلب خوفاً من إضعاف عضلة قلبه أكثر، وبعد سنة، ونتيجة انخفاض ضغط قلبه خضع إيلي الى جراحة لزرع قلب اصطناعي وهو جهاز يعمل على ضخ الدم في الأعضاء الحيوية في الجسم بسبب قصور القلب. يساعد هذا الجهاز في العيش فترة أطول في انتظار تأمين قلب طبيعي. وبالرغم من مكوثه لشهر ونصف شهر في المستشفى إلا انه نجح بتفوق في الشهادة المتوسطة. كان يعيش حياته بشكل طبيعي ويتناول أدويته قبل أن تقع الكارثة ونجد أنفسنا في مواجهة مع انتكاسة صحية مفاجئة".

يشير والده ميشيل الى انه "عاد ايلي الى المنزل بعد قضاء وقت مع صديقه، سرعان ما بدأ يشكو من ألم في البطن مع تقيؤ. اتصلنا بطبيبه الذي وصف له دواءً لحالته. ارتاح ايلي لكن بعد أيام وقبل يوم من مدرسته، اشتكى ايلي من ألم قوي في بطنه مع تقيؤ، فتوجهنا في اليوم التالي الى المستشفى لمعرفة سبب هذه الآلام. كشف الفحوص إلتهابات بسيطة في المرارة لكن في الليل ارتفعت حرارة ايلي بشكل كبير ولم تنخفض برغم كل الأدوية والإسعافات الطبية. كان ايلي يعاني من نزيف داخلي في الدماغ نتيجة الحرارة العالية ودواء السيلان لصحة قلبه، دخل في غيبوبة وبعد أيام توفي ايلي في المستشفى بعد توقف قلبه الاطصناعي عن الخفقان".

يشدد ميشيل على ان "ايلي لم يكن كباقي الأطفال، كان يرفض الظهور الى الاعلام أو القيام بحملة ليتمكن من تأمين المبلغ المطلوب لزرع القلب. بالنسبة الى والده صرخته الموجعة هي لرفع الصوت والتوعية حول هذا الموضوع. لذلك أنصح الأهل في حال ظهور اي عارض صحي مهما كان بسيطاً او تعب او سعال قوي او اصفرار، استشارة الطبيب فوراً لأنو "فيروسات وأمراض ما منعرف فيها عم منواجهها ونعيشها وندفع ثمنها غالي، غالي كتير. المسؤولين عايشين بيئتهم الخاصة المحصنة ونحنا الشعب عم ندفع الثمن".

كانت هذه الخسارة صعبة على كل من عرف ايلي، بكاه الجميع، كان صعباً على زملائه في الصف واصدقائه في المدرسة تقبّل هذا الوداع المفاجىء. لم يكن أحد يتوقع هذه النهاية. وتوضح مديرة ثانوية راهبات القلبين الأقدسين - الحدت الأخت سعاد الخراط أن "ما جرى مع ايلي آلمنا كثيراً، كان طالباً متفوقاً ومتميزاً، ليس سهلاً ان تعيش الحداد فكيف اذا كان مراهقاً في ربيع عمره. كان يرفض ان يظهر الى الاعلام او يشارك قصته لجمع التبرعات، كان يقول دائماً: "اذا ربنا بدو اياني عيش رح عيش". شهدت مدرسته عرساً لوداعه، شارك الأهالي كما الطلاب في رحلة الوداع الأخيرة، كان عنا ملاك وهلق صار بالسما".

التهابات عضلة القلب

يستهل الأستاذ المشارك في الطبّ السريري لمرض قصور عضلة القلب وزرع القلب الدكتور هادي سكوري حديثه لـ"النهار" بالتعريف عن الـMyocarditis وهي عبارة عن التهابات في عضلة القلب نتيجة أسباب عدة أبرزها:

* فيروس

* بكتيريا

* بعض الأدوية

* أمراض الروماتيزم

قد تصيب الالتهابات أي عضو من أعضاء الجسم، مثلاً التهاب الرئة أو الحنجرة أو الأذن يرافقه حرارة مرتفعة وسعال وألم في الحنجرة او الرئة وتُصيب هذه  الالتهابات عضلة القلب وغالباً ما تُصيب صغار السن (دون الـ40 عاماً) وتكون هذه الالتهابات ناجمة عن فيروس. تتعدد أنواع الفيروسات، وعوض ان تُصيب الرئة او الكبد أو أي عضو آخر في الجسم، يُصيب الفيروس عضلة القلب ويؤدي الى التهابات فيها.

ويوضح سكوري أن "التهابات عضلة القلب لا يرافقها أي عارض صحي عند البعض إذ لا يشعر المريض بأي ضعف في القلب في حين قد يشعر  مريض آخر بألم في الصدر نتيجة التهاب غشاء عضلة القلب. لذلك عندما يشعر المريض بألم في صدره يخضع لبعض الفحوص ومنها أنزيمات القلب (في حال كانت مرتفعة فهذا مؤشر على وجود التهاب في عضلة القلب). وبناءً عليه، تُجرى له صورة صوتية لمعرفة مدى ضعف عضلة القلب".

لمعرفة ماذا يجري تحديداً في القلب، يشرح سكوي أن "القلب بداية يقوم بالتعويض عن هذه الخلايا الميتة لذلك لا يشعر المريض بأي عارض صحي كضيق في التنفس، التعب والارهاق او الاصفرار. لكن مع الوقت يتعب القلب وتتضخم أعضاؤه وتظهر عليه أعراض قصور القلب. ومن المهم ان نعرف ان التهابات عضلة القلب ومدى قوتها هي التي تلعب دوراً في حالة المريض وتطور حالته. اذا كانت الالتهابات بسيطة وقد شُفي منها، لن يشعر المريض بأي عارض صحي وتبقى عضلة قلبه جيدة. أما في حال تضرر عدد كبير من الخلايا (خلايا ميتة) او في حال الاصابة بالتهابات حادة في عضلة القلب عندها سيشعر المريض بأعراض قصور القلب".

أما بالنسبة الى العلاج، يشير سكوري الى أن العلاج عادة يكون للقلب وليس للفيروس، ويقوم العلاج على الحدّ من تطور الفيروس وتحسين عضلة القلب ومنع تدهور الخلايا الجيدة والحفاظ على حيويتها. هناك 50% من المرضى تتحسن عضلة القلب عندهم و30% تعود طبيعية ولكن هناك 20% من المرضى لا يظهرون تحسناً في عضلة القلب بل قد نشهد على تدهورها. وهذه الفئة تعدّ الأكثر صعوبة لأنه مع الوقت نصل الى مرحلة ضعف قلب متقدم ونحتاج الى جهاز لتحسين او مساعدة عضلة القلب، ويكون هذا الجهاز جسر عبور للوصول الى زرع قلب طبيعي. (نفتقر عند الصغار الى وهب الأعضاء لا سيما في سن صغيرة).

ويوجّه سكوري رسالة الى مريض القلب او مريض سابق في التهابات عضلة القلب وأهمية "متابعة حالته مع الطبيب حتى بعد مرحلة الشفاء واجراء صورة صوتية سنوياً لمراقبة عضلة قلبه. وعند ملاحظة اي ضعف او تراجع في عضلة القلب (مهما كانت بسيطة) يجب معالجته سريعاً بالأدوية حتى نتفادى الوصول الى مرحلة متقدمة من خلل في القلب. اما في حال وجود أي من الأعراض التالية على الشخص استشارة الطبيب:

* ضيق التنفس

* تعب وارهاق

* اصفرار

* دقات قلب سريعة

* تورم في القدمين

* التعرّق

وتشير هذه الأعراض الى احتمال احتباس الماء في الجسم او الرئة وبالتالي الى ضعف في عضلة القلب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم