الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

مفاوضات جنيف تبدأ اليوم في قاعتين منفصلتين

موسى عاصي
A+ A-

نهار شاق وطويل من الاتصالات في مختلف الاتجاهات من أجل التحضير ليوم انطلاق المفاوضات الثنائية في جنيف بين وفدي الصراع السوريين، فشل في نهايته الممثل الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الإبرهيمي في هدم الجدار السميك الفاصل بينهما، واستقر الرأي على بقاء الفريقين في قاعتين منفصلتين صلة الوصل بينهما جولات مكوكية يقوم بها الإبرهيمي لإدارة النقاش، كما أكدت أوساط "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" لـ"النهار".


بدأت اللقاءات صباحاً في مونترو بين السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد وعدد من أعضاء الوفد المفاوض للمعارضة، صرّح بعده عضو الوفد عبد الأحد اسطيفو لـ"النهار" بأن اللقاء كان لتقويم الموقف بعد يوم الافتتاح، و"لرسم معالم التفاوض الثنائي مع وفد السلطة اليوم". وفي الوقت عينه كان قسم آخر من الوفد المعارض يلتقي وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو الذي أكد للوفد السوري، استناداً الى مصادر موثوق بها، عدم التراجع عن مطلب إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.
أما اللقاء الأساس فجمع الإبرهيمي ووفد المعارضة للبحث في سبل تضييق الخلاف على شكل اجراء المفاوضات اليوم، تبعه لقاء آخر مع وفد النظام. وعُلم أن الإبرهيمي طلب من كل فريق تحضير مسودة يراها مناسبة لبدء المفاوضات، ليتولى بعدها جمع النقاط المشتركة بين الورقتين واعتمادها نقطة انطلاق للتفاوض.
ولاحقاً، شن رئيس الائتلاف احمد الجربا هجوما عالي الحدة على النظام السوري وعلى وفد النظام. وصرّح في مؤتمر صحافي: "إن النظام بات يشكل جثة سياسية على طاولة الأمم المتحدة"، واعتبر أن العالم قطع الشك باليقين أن الأسد لن يبقى "وقد باشرنا البحث في أفق المستقبل السوري من دون الأسد وعائلته".
وكشف الجربا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغ وفد الائتلاف اخيراً في باريس أن موسكو "لم تعد متمسكة بالأسد"، لكنه أضاف أن الموقف الروسي يرى أن هذا الأمر يتعلق بقرار السوريين وبالمفاوضات التي ستجري في جنيف.
ورداً على سؤال عن إمكان خروج هذه المفاوضات في جولتها الأولى باتفاق ولو على المسائل الإنسانية كرفع الحصار عن بعض المناطق أو تسهيل مرور المواد الغذائية، أكد مصدر مقرب من الجربا لـ"النهار" أن الائتلاف السوري لن يناقش في هذه المفاوضات جزئيات تتعلق باتفاقات بالتقسيط، "مطلبنا التفاوض على سلة حلول واحدة ترتكز على اتفاق جنيف 1".
في هذه الأثناء، لم يكتمل وفد المعارضة لبدء المفاوضات والذي استقر على 15 عضواً لكل فريق، وعلمت "النهار" أن أربعة عسكريين سينضمون إلى الوفد المعارض، واحد يمثل "جبهة ثوار سوريا"، وآخر "جيش المجاهدين" المشكل حديثاً وعموده الفقري إسلاميو "الجيش السوري الحر"، إلى ضابطين منشقين. وهؤلاء لم يتمكنوا من الحضور إلى مونترو لتأخر تحضير أوراق ثبوتية لهم.


نجاحات بالجملة
وفي اليوم التالي لمؤتمر مونترو، ظهر الائتلاف السوري في حلة المنتصر ديبلوماسياً، فقد بات نداً للنظام في المحافل الدولية باعتراف الحكومة السورية. وأفادت أوساط الوفد المعارض أن نجاحا كبيراً تحقق على مستوى العلاقات مع أطياف المعارضة الأخرى، حتى أولئك الذين أعلنوا انسحابهم من الائتلاف قبل أيام لم يصدر عنهم أي ردة فعل تسيء إلى ما يقوم به الوفد المعارض في جنيف. وتوقعت أن يسهل ذلك مسألة إعادة وصل ما انقطع بين المنسحبين والباقين في الائتلاف.
وأبلغ الناطق الرسمي باسم الائتلاف لؤي صافي لـ"النهار" أن اتصالات تلقاها وفد الائتلاف أمس من المنسحبين أكدت دعمها لما قام به الائتلاف في مونترو الأربعاء الماضي. ولوحظ في هذا الإطار عدم وجود أي ردة فعل من المجموعات الإسلامية المسلحة في الميدان السوري، حتى "الجبهة الإسلامية" التي تنتقد بشدة انعقاد المؤتمر لم يصدر عنها أي تعليق. وتعزو أوساط الائتلاف السوري في جنيف ذلك إلى "ضغط مشترك قامت به كل من قطر وتركيا والسعودية من أجل إعطاء فرصة للائتلاف ليظهر مظهر القوي أمام وفد النظام".


استياء روسي
وبانطلاق مؤتمر جنيف2، يكون الأميركيون قد قدموا حصتهم من الاتفاق الروسي - الأميركي الذي توصل إليه الطرفان خلال أزمة الأسلحة الكيميائية السورية، فنجحوا أخيراً في إحضار المعارضة السورية إلى جنيف للتفاوض مع النظام. وتعتقد أوساط سياسية متابعة في جنيف أن مفاصل اللعبة بعد ذلك "باتت في عهدة الروس" وأن ثمة تفاهما بين الطرفين الروسي والأميركي على ذلك، وأن كل الاعتقاد أن لدى موسكو رؤية للحل لم تفصح عنها بعد "لأن الوقت لم يحن بعد، ولأن الشرخ بين طرفي الصراع لا يزال كبيراً جداً ولا يسمح في الوقت الراهن بأي اقتراح تسوية". لكن المفاجأة التي لم يتوقعها الروس، بحسب أوساط ديبلوماسية في جنيف، هي في صيغة ومستوى حدة خطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري في افتتاح المؤتمر، والذي كرره من الملتقى الاقتصادي العالمي في دافوس أمس، وخصوصاً لجهة "الإصرار على شرط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد والمحيطين به وعدم إشراكهم في أي هيئة حكم انتقالي". وقالت هذه الاوساط ان الوفد الروسي لم يكن راضياً عن ذلك، وأن موسكو لاحظت تغييراً في اللهجة الأميركية اعتبارا من مونترو.
وفي مقابلة مع قناة "العربية" السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها، قال كيري: "من الواضح انه (الاسد) ليس مستعدا (للتنحي) الان... اذا وقّع اتفاق للسلام فهناك دول كثيرة عرضت فعلاً المبادرة وارسال قوات لحفظ السلام في سوريا الجديدة". واعلن أن "العالم سيحمي العلويين والأقليات في سوريا بعد سقوط الأسد"، كما أنه سيحمي المؤسسات السورية من الإنهيار. ونفى التقارير التي أشارت إلى تنسيق بين الاستخبارات الأميركية والنظام السوري لمحاربة "الإرهاب" في سوريا.


الأكراد غير راضين
في غضون ذلك، اعترض رئيس "الاتحاد الديموقراطي الكردي" صالح محمد مسلم، في مؤتمر صحافي، على "عدم تمثيل الكرد" في جنيف 2، معلنا أن من اختارهم الائتلاف السوري لتمثيل الأكراد (عبد الحميد درويش وعبد الحكيم بشار) لا يمثلون الأكراد في سوريا. وأضاف: " لا نرفض الحوار الذي بدأ بين الائتلاف السوري والنظام، لكننا نعترض على عدم الاهتمام بالقضية الكردية". وكشف أن لقاء عقد بينه وبين السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد أبلغه فيه فورد "أن مؤتمر جنيف 2 هو لحل الأزمة السورية وليس لإيجاد حل لقضية الكرد". واعتبر أن الموقف الأميركي هذا نابع من ضغط الطرف التركي "الذي يرفض أي حديث يخص الأكراد في سوريا".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم