الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

محكمة روسية تأمر بحل منظمة "ميموريال"

المصدر: "أ ف ب"
منظمة "ميموريال".
منظمة "ميموريال".
A+ A-
أمرت المحكمة الروسية العليا بحل منظمة "ميموريال"، أبرز مجموعة حقوقية في البلاد وثّقت عمليات تطهير نفّذت في عهد ستالين واعتبرت رمزاً لإرساء الديموقراطية بعد انتهاء النظام السوفياتي.

وأتى القرار في ختام سنة شهدت قمعاً متعاظماً لأفراد ومنظمات غير حكومية ووسائل إعلام تعتبر منتقدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحاكم منذ 22 سنة تقريباً.

وقالت القاضية آلا نازاروفا إنها "أيّدت طلب النيابة العامة لحل ميموريال إنترناشونال ومكاتبها في المناطق وهيئاتها الأخرى".

وعلّلت قرارها على خلفية خرق المنظمة لتصنيفها على أنها "عميل أجنبي" لعدم وضعها علامة على جميع منشوراتها بناء على ما ينصّ عليه القانون.

ويعتبر قانون "العملاء الأجانب" الذي يذكر بحقبة ستالين، أن المنظمات التي تحصل على تمويل أجنبي تعمل بشكل يتعارض مع مصالح روسيا.

وقالت محامية الدفاع ماريا إيسمونت "هذا قرار مسيء وظالم وضار لبلادنا".

وبعد تلاوة نص الحكم هتف أشخاص عديدون في قاعة المحكمة "عار! عار!".

وعبّر المحامون عن موقفهم بعد ذلك أمام المحكمة مؤكّدين أنّهم سيستأنفون الحكم. بعد ذلك حض عناصر الشرطة أنصار المنظمة غير الحكومية والصحافيين إلى مغادرة جوار مبنى المحكمة. وقد أوقف ما لا يقل عن ستة أشخاص قبل صدور الحكم وبعده على ما أفاد صحافيو وكالة "فرانس برس".

وقالت المصممة آنا فيالكينا (29 عاماً) وهي تكاد تبكي "أشعر بضيق فعلي. أنا أنتمي لعائلة تعرّضت للقمع في السابق وقد أثر ذلك فيّ".

وأضاف الكاتب ليونيد باخنوف (73 عاماً) "هذه مأساة للمجتمع المدني كانت المنظمة الوحيدة التي تساعد الناس على معرفة مصير أقاربهم".

"إهانة" 
تتهم السلطات "ميموريال إنترناشونال" بتشويه ذكرى الاتحاد السوفياتي وانتصاراته وإعادة الاعتبار "للمجرمين النازيين"، فيما قال أحد المدعين إن ميموريال "ترسم صورة زائفة للاتحاد السوفياتي كدولة إرهابية وتشوه ذكرى الحرب العالمية الثانية".

ويمثّل قرار المحكمة المبرم والذي لا يمكن استئنافه أمام محكمة في روسيا، أكبر ضربة تتعرّض لها المنظمة التي أسسها معارضون للحكم السوفياتي العام 1989 بينهم أندريه ساخاروف، الحائز جائزة نوبل للسلام.

"مأساة لروسيا" 
وتعد "ميموريال" هيئة فضفاضة مكوّنة من منظمات مسجّلة محليا، فيما تحتفظ "ميموريال إنترناشونال" بأرشيفات الشبكة الواسعة في موسكو وتنسق عملها.

أمضت المجموعة سنوات في توثيق فظائع ارتكبت في الحقبة السوفياتية خصوصاً في شبكة من معسكرات الاعتقال السوفياتية "الغولاغ".

وتعد الخطوة ضد "ميموريال" الأخيرة ضمن حملة أمنية تنفذها السلطات الروسية في حقّ المعارضين سجن في إطارها المعارض الأبرز للكرملين أليكسي نافالني وحُظرت منظماته. كذلك طالت الحملة وسائل إعلام مستقلة ومجموعات حقوقية.

لكن الخطوة ضدّ "ميموريال إنترناشونال" تبدو فريدة حتّى في ظل المناخ السياسي الحالي. ويقول أنصارها إن إغلاقها يطوي صفحة حقبة إعادة الديموقراطية في روسيا ما بعد الحكم السوفياتي، والتي سيمر عليها 30 عاماً هذا الشهر.

وقالت إحدى مناصريها وتدعى ماريا بيروكوفا إن روسيا تحتاج إلى "ميموريال" لضمان عدم تكرار البلاد أخطاء الماضي.

وأفادت وكالة "فرانس برس" أنه "علينا أن نعرف تاريخنا ونفهم جيّداً ما يحصل. ميموريال تقول الحقيقة ولا توصم البلاد بأيّ طريقة كانت".

ونفى محامو "ميموريال" ومؤسسوها أن يكونوا ارتكبوا أيّ انتهاكات خطيرة، مشيرين إلى أن منشورات المنظمة كانت تحمل العلامة المناسبة باستثناء عدد ضئيل للغاية من الوثائق.

تناولت جلسة قضية من اثنتين رفعتا على المجموعة. طالب الادعاء محكمة أخرى بإغلاق "مركز ميموريال لحقوق الإنسان"، متهما إياه بالتسامح مع "الإرهاب والتطرف"، فضلا عن خرق قانون "العملاء الأجانب".

ومن المقرّر أن تعقد محكمة في موسكو جلسة للنظر في هذه القضية غداً.

تنديد من بوتين 
تحقق "ميموريال" التي يشيد الغرب بدورها وبرصانتها منذ أكثر من ثلاثين عاماً في حملات التطهير السوفياتية وتدافع عن حقوق السجناء السياسيين والمهاجرين وغيرهم من الفئات المهمشة فيما أضاءت على الانتهاكات، خصوصاً تلك التي ارتكبت في منطقة شمال القوقاز المضطربة التي تضمّ الشيشان.

وقال نصب معسكر أوشفيتز النازي في تغريدة "سلطة تخاف من الذاكرة لن تصل أبداً إلى النضج الديموقراطي"، في حين ندّدت منظمة العفو الدولية بالقرار"، معتبرةً أنه "إهانة" لذكرى ضحايا المعسكرات السوفياتية.

وكانت النيابة العامة طلبت مطلع تشرين الثاني حل ميموريال متهمة إياها بانتهاك "ممنهج" لواجباتها الإدارية المرتبطة بتصنيفها "عميلاً أجنبياً".

سنة قمع 
وتشكل ميموريال إحدى آخر الضحايا ضمن قائمة المنظمات غير الحكومية والمعارضين ووسائل الإعلام التي تعرضت لملاحقات في الأشهر الأخيرة.

وصنّف عشرات الأشخاص والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الانسان وأقليات جنسية ووسائل إعلام مستقلة "عملاء أجانب" أو اتهموا بالتطرّف.

ومدّدت محكمة في مدينة بيتروزافودسك حكم السجن الصادر في حقّ مدير "ميموريال" في منطقة كاريليا يوري ديمترييف ليصل إلى 15 عاماً.

ويقول أنصاره إنه عوقب لعمله في تحديد مواقع مقابر جماعية لأشخاص قتلوا في عهد ستالين ونبشها.

وبعدما حكم عليه العام الماضي بالسجن 13 عاماً بتهم يقول أنصاره إنها مفبركة تتعلق بالاشتباه بارتكابه جرائم جنسية في حقّ أطفال، سيمضي المؤرخ البالغ 65 عاماً حالياً عامين إضافيين في السجن.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الحالي إن "ميموريال" تدافع عن "المنظمات الإرهابية والمتطرّفة".

وتأتي المحاكمات بعدما حجبت روسيا موقع منظمة "أو في دي-انفو" الحقوقية، المتعاونة مع "ميموريال"، نهاية الأسبوع متهمة إيّاها بالترويج للإرهاب والتطرّف.

عملت "أو في دي-انفو" على رصد تظاهرات المعارضة وقدّمت الدعم القانوني لضحايا الملاحقات، فيما جمعت "ميموريال" قائمة بأسماء السجناء السياسيين تشمل نافالني.

وأفاد فريق نافالني أن "السلطات اعتقلت مديري مكاتب منظمته في منطقتي إركوتسك وتومسك في سيبيريا زاخار سارابولوف وكسينيا فادييفا، علماً أن الأخيرة نائبة في البرلمان المحلي أيضاً.

وندّدت الأمينة العامة لمجلس أوروبا ماريا بتشينوفيتش بحل "ميموريال"، وقالت في بيان "يبدو أن روسيا الاتحادية تبتعد أكثر فأكثر من معاييرنا وقيمنا الأوروبية المشتركة"، مؤكّدةً أن "وجود منظمات المجتمع المدني وتطوّرها هما ركن أساسي في أيّ ديموقراطية أوروبية".
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم