الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

وادي نهر الكلب... ماذا تخبئ هذه الصخور؟

المصدر: النهار
ريم قمر
نهر الكلب
نهر الكلب
A+ A-

يقع نهر الكلب على الطريق الساحلية التي تربط بين بيروت وشمال لبنان. هذا الممر الاستراتيجي شكّل عبر الزمن نقطة مرور مهمة للشعوب القديمة.

بعد أن تقطع نهر الكلب، تطالعك إلى يمينك طريق تسير بمحاذاة ضفة النهر. ولكن ما قد تجهله هو أنّ هذه الطريق والصخور المشرفة عليها تشكّل بحدّ ذاتها متحفاً في الهواء الطلق، شاهداً على سلسلة الأحداث التاريخية التي شهدها لبنان.

 
تصوير فاتن قبيسي

 

أطلق عليه سابقاً اليونانيون والرومان تسمية "نهر الذئب". ولقد تعددت الأساطير والروايات التي ارتبطت بالموقع وباسمه. فكان يعتقد السكان المحلّيون أنّ في الوادي كلباً (ذئباً) شرساً، وكان نباحه القويّ يخيف جميع المارّة. وهناك مراجع أخرى تحدثت عن وجود تمثال لكلب منحوت في الصخر في أعلى رأس الجبل الصخري، وهو يشرف على الدرب والبحر. وبحسب الأسطورة، كانت مهمة هذا الكلب حماية المكان من الأعداء وإنذار أهالي المنطقة بوصول جيوش الأعداء. ويُقال إنّ نباح الكلب كان يشقّ البحر والفضاء حتى يبلغ جزيرة قبرص من شدّته.

 
تصوير فاتن قبيسي
 

كان يحدّ النهر من الجهة الجنوبية رأس صخري هائل يصعب اجتيازه، فلم يكن من الممكن تخطّيه إلا من خلال تسلّق درب وعرة وضيّقة شُقّت بين الصخور. ولشدّة صعوبة الطريق، عمدت الشعوب القديمة التي مرّت عبر الممر إلى نقش أنصاب لها لتخليد هذا الإنجاز.

تشمل آثار نهر الكلب أنصاباً ومنحوتات وكتابات عديدة منحوتة في الحجر الجيري عددها 23. وهي تتألف من كتابات مختلفة كالهيروغليفية، والآشورية، والبابلية، واليونانية، والرومانية، واللاتينية، والفرنسية، والإنكليزية والعربية.

 

تصوير فاتن قبيسي

 

وهي توثّق للشعوب التي مرّت في المنطقة، وكذلك الأحداث البارزة في تاريخ لبنان من  الألفية الثانية ما قبل الميلاد وحتى اليوم.

تنتشر أنصاب نهر الكلب جميعها على صخور الضفّة اليسرى أو الجنوبية، باستثناء نصب واحد يعود للملك البابلي "نبوخذ نصّر الثاني"، وهو يحتوي على نصّ الأنصاب المنقوشة على صخور وادي بريصا في الهرمل.

عند زيارة نهر الكلب يمكن رؤية الأنصاب بوضوح، بالرغم من عمليات التآكل التي شوّهت معظمها. وهي تشتمل على أنصاب للفرعون رعمسيس الثاني، ولملوك آشوريين وأبرزهم الملك اسرحدون، ونصب يعود للعهد الروماني باللغة اللاتينية يشير إلى إصلاح الدرب الصخرية في عهد الإمبراطور كركلا، وأنصاب أخرى تعود للحقبة اليونانية. بالإضافة الى نصب مملوكي يذكّر بإنشاء أو ترميم الجسر القديم في عهد السلطان برقوق، ونصب يشهد على الحملة التي قادها إمبراطور فرنسا نابليون الثالث.

 

تصوير فاتن قبيسي

 

تصوير فاتن قبيسي

 

 

ومن الفترة المعاصرة، تنتشر في الوادي أنصاب تجسّد تاريخ سقوط دمشق بيد جيوش المشرق الفرنسية بقيادة الجنرال غورو، ونصب يذكّر باحتلال دمشق وحمص وحلب من البريطانيين، وكذلك احتلال الجيوش الفرنسية والبريطانية بيروت وطرابلس عام 1918.

 
تصوير فاتن قبيسي
 تصوير فاتن قبيسي
 

 

تصوير فاتن قبيسي

 

وأضيف الى هذه الأنصاب، نصب الجلاء الشهير الذي يشهد على تاريخ جلاء الجيوش الأجنبية عن لبنان في عهد الشيخ بشارة الخوري عام 1946. وأضيف إليه نصب كان موجوداً سابقاً في بيروت، يخلّد ذكرى قتلى الجيوش الفرنسية. أما أحدث نصب فيعود إلى عام 2000 وهو يخلّد ذكرى تحرير الجنوب من الجيش الإسرائيلي.

 
تصوير فاتن قبيسي
 

تصوير فاتن قبيسي

 

وتنتشر في الموقع جسور حجرية وتاريخية بُنيت فوق مجرى النهر، من بينها الجسر القديم الذي بُني في العهد المملوكي وأعاد ترميمه الأمير بشير الشهابي عام 1809. وجسر قديم آخر يتميز بعقوده الثلاثة، يعود تاريخه الى أيام واصا باشا متصرف جبل لبنان.

للتمكن من مشاهدة جميع الأنصاب عليك الصعود الى أعلى الصخرة، من خلال الدرج الذي صُمم للغاية. ويمكنك الاستمتاع أيضاً بمشاهد بانورامية لمدينة بيروت والبحر  ووادي نهر الكلب.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم