الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

السيستاني للبابا فرنسيس: التعاون والصداقة بين المؤمنين في مختلف الأديان أمر لا غنى عنه

المصدر: "النهار"
البابا فرنسيس والمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى السيد علي السيستاني "أ ف ب".
البابا فرنسيس والمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى السيد علي السيستاني "أ ف ب".
A+ A-
أكّد السيّد علي السيستاني في رسالة إلى الحبر الأعظم البابا فرنسيس على أنّه "سرّني كتابكم الكريم الذي بعثتم به إليّ بمناسبة الذكرى الثانية لزيارتكم التاريخية للعراق، واللقاء الذي جمعني بكم في النجف الأشرف، ذلك اللقاء المهمّ الذي أصبح حافزاً للكثيرين من أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية ـ بل ولغيرهم أيضاً ـ للتحلّي بقدرٍ أكبر من التسامح وحسن التعايش مع من يخالفهم في الدين والعقيدة".

وأضاف: "لقد أشرتم في رسالتكم الكريمة إلى بعض المواضيع التي أكّدنا عليها في ذلك اللقاء الرائع، ومنها أهمية تضافر الجهود في سبيل الترويج لثقافة التعايـش السـلمي ونبذ العنف والكراهية وتثـبيت قيـم التآلـف بيـن الناس، المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين معتنقي مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية".

وتابع: "إنّني أشاركم الرأي في ضرورة بذل المزيد من الجهود للدفاع عن المضطهدين والمظلومين في مختلف أنحاء العالم، منوّهاً إلى أنّ للمآسي التي يُعاني منها العديد من الشعوب والفئات العرقية والاجتماعية في أماكن كثيرة في شرق الأرض وغربها ـ نتيجةً لما يُمارس ضدّها من الاضطهاد الفكري والديني وقمع الحريّات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية ـ دوراً في بروز بعض الحركات المتطرفة التي لا تتورع عن الاعتداء على الآخرين المختلفين معها في الفكر أو العقيدة، وأجد أنّ من المهمّ أن يولي الجميع اهتماماً أكبر برفع هذه المظالم، ويعملوا بما في وسعهم في سبيل تحقيق قدرٍ لائق من العدالة والطمأنينة في مختلف المجتمعات، ومن المؤكّد أنه سيساهم في الحدّ من مظاهر الكراهية والعنف بشكل عام".

واشار السيستاني إلى "ما سبق التأكيد عليه من الدور الأساس للإيمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر، وحاجتها الماسّة إلى التزوّد بالجوانب الروحية والمعنوية السليمة، وإلى الحفاظ على كيان الأسرة وقيمها كما فطر الله الإنسان عليها، وإلى رعاية التقوى التي بها ينال الإنسان الكرامة الإلهية كما ورد في القرآن المجيد (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقد ألهم الله سبحانه النّفس البشرية جانباً مهماً منها كما ورد في قوله تعالى: (ونفسٍ وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها)".

وكان الحبر الأعظم البابا فرنسيس قد بعث برسالة إلى السيد في الذكرى السنوية الثانية لزيارته للعراق، وفيما يأتي ترجمتها:

آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

صاحب السماحة أيها الأخ العزيز، تحية طيبة وبعد:
يسرّني أن أنتهز هذه الفرصة لأخاطبكم من جديد بعد لقائنا قبل عامين في النجف، والذي كان مفيداً لنفسي كما قلت عند عودتي من العراق، وكان علامة فارقة في مسيرة الحوار بين الأديان والتفاهم بين الشعوب.
أتذكر شاكراً الحديث الأخوي والمشاركة الروحية في مواضيع سامية مثل التضامن والسلام والدفاع عن الأضعفين، وأيضاً التزامكم لصالح الذين تعرّضوا للاضطهاد، وحمايتكم لقدسيّة الحياة وأهمية وحدة الشعب العراقي.

التعاون والصداقة بين المؤمنين في مختلف الأديان أمر لا غنى عنه، من أجل تنمية ليس فقط الاحترام المتبادل، ولكن قبل كل شيء الانسجام الذي يساهم في خير الإنسانية، كما يعلّمنا تاريخ العراق الحديث، لذلك يمكن أن تكون جماعتنا بل يجب أن تكون مكاناً متميزاً للشراكة والوحدة ورمزاً للعيش السلمي معاً، فيه نضرع الى خالق الجميع من أجل مستقبل تسود فيه الوحدة على الأرض.

أيها الأخ العزيز: كلانا مقتنع بأن احترام كرامة وحقوق كل فرد وكل جماعة ـ وخاصة حرمة الدين والفكر والتعبير ـ هو مصدر الطمأنينة للفرد والمجتمع والانسجام بين الشعوب. لذلك علينا نحن أيضاً القادة الدينيين أن نشجّع أصحاب المسؤوليات في المجتمع المدني لكي يجتهدوا ويرسّخوا ثقافةً تقوم على العدل والسلام، وتعزيز الإجراءات السياسية التي تحمي الحقوق الأساسية لكل واحد.

في الواقع إنه أمر جوهري أن تكتشف الأسرة البشريّة من جديد معنى الأخوة والترحيب المتبادل كإجابة عملية على تحديات اليوم.

لهذا فإنّ الرجال والنساء من مختلف الديانات الذين يسيرون متفقين نحو الله هم مدعوّن الى التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل السامية التي تدعو اليها الأديان. (وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك 4 شباط 2019).

أتمنى أن نتمكّن معاً مسيحيين ومسلمين من أن نكون دائماً شهوداً للحقيقة والمحبة والرجاء في عالم يتميّز بالصراعات العديدة، ويحتاج بالتالي الى الرأفة والشفاء. 
أرفع صلاتي إلى الله العلي القدير من أجل سماحتكم ومن أجل جماعتكم ومن أجل أرض العراق الحبيبة".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم