الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

عكار المحرومة متروكة وأهلها للقدر

المصدر: عكار- "النهار"
    إحراق منزل صاحب الأرض الذي وقع فيه انفجار خزان البنزين في التليل (نبيل اسماعيل).
إحراق منزل صاحب الأرض الذي وقع فيه انفجار خزان البنزين في التليل (نبيل اسماعيل).
A+ A-
ميشال حلّاق
 
في الوقت الذي يقوم فيه الجيش والأجهزة الأمنية كافة بسلسلة مداهمات تطال المستودعات وخزّانات المازوت والبنزين والغاز في مناطق لبنانية عدّة، تبقى محافظة عكار، إلى الآن، بعيدة من تنفيذ هذا القرار، بالرّغم من الانفجار الكارثي الذي حصل في نهاية الأسبوع الماضي في بلدة التليل مخلّفاً فاجعة كبيرة وعشرات الضحايا والجرحى، عدا عن تداعياتها السلبية على الأهالي المفجوعين، الذين لا يزالون يقفون عند سؤالهم للجهات القضائية المختصة بضرورة الإسراع بالتحقيقات لكشف ملابسات الفاجعة ومن تسبّب بكلّ هذا الأذى الكبير، الذي يأتي من محروقات مخزّنة ومعدّة للإفادة من ربحٍ حرامٍ عبر التهريب أو البيع في السوق السوداء، التي باتت عكار تحت رحمتها منذ أشهر عدّة؛ وذلك تحت أعين الدولة وكلّ أجهزتها الأمنية والاقتصادية.
أسئلة كثيرة يطرحها الأهالي على هذا الصعيد:

- لِمَ لَمْ تبدأ بعدُ في عكار مداهمات الكشف عن المخزَّن من المحروقات، بشكل غير قانونيّ وغير آمن، في المستودعات القائمة تحت الأرض وفوقها، في مختلف البلدات العكاريّة الحدوديّة منها والداخليّة؟ أقلّه تحوّطاً من حصول انفجار مماثل لانفجار التليل لتحصين أرواح الناس!

- إلَامَ ستبقى الدولة نائمة، كي لا نقول متغاضية، عن مئات شاحنات وصهاريج تهريب المازوت والبنزين والغاز والطحين والأدوية وغيرها من الموادّ الأساسية المدعومة، ولا تتخذ القرار الجدّي والجريء بإقامة الحواجز المعزّزة على طرقات التهريب المعلومة أيضاً والمعروفة؟ وأعين الدولة مِمّا لا شك فيه أنّها راصدة وتعلم.

عكار، والكلّ يعلم، باتت وحيدة ويتيمة، لا أبَ لها ولا أمّ؛ معزولة إلى أقصى الشمال، بعيدة من أيّ اهتمام، رهينة العتمة والجوع والعطش، لا محروقات ولا اتصالات ولا أدوية، والخبز بالقطارة؛ ولا مياه للشرب ولا للريّ وكلّ الأنشطة العامة معطّلة، وغالونات البنزين والمازوت تُباع على الطرق بأسعار مضاعفة، في وقت تُقفِل فيه القسم الأكبر من محطات الوقود بحجة نفاد المخزون.

- أيّ ذنب جنته عكار لتعامل بهذه الطريقة من قبل الدولة وكلّ مؤسّساتها؟ وهل يجب أن تدفع ثمن بُعدِها جغرافيّاً عن مستودعات النفط الرسمية وشركات الاستيراد الخاصّة التي دونها ودون هذه المنطقة، المحرومة والمفجوعة، مسافات بعيدة ومناطق عليها أن تعبرها، تحت رحمة قطع الطرق من قبل شبّان يتنمّرون على كلّ العابرين عجزاً وأطفالاً ونساء يجبرونهم على المكوث لساعات بانتظار الفرج. وشركات تتحجّج بأنّها لن ترسل صهاريجها إلى عكّار ما لم تتوافر الحمايات لها ولسائقيها.

- أيّ ذنب اقترفته عكار لتتحمّل جور القراصنة المنتشرين عند مفترقات الطرق الرئيسية والدولية، لرصد صهاريج المحروقات، وملاحقتها، وحرفها عن مسارها لقرصنتها والاعتداء عليها، وإرغام سائقيها على إفراغ حمولتها في غير المواقع المتّجهة إليها دون أيّ وجه حق، وذلك تحت بصر القوى الأمنية المواكبة التي تعتكف حتى الآن عن التدخّل الزاجر، وتُحاول فضّ هذه النزاعات الناشئة بالحوار ومسح اللحى، من دون تحقيق نجاحات باهرة، لا سيما أنّ هذه الأفعال بدأت بتوتير أجواء المنطقة بأكملها، وبخاصة في القرى والبلدات الحدودية البعيدة، التي لا يصلها من حصتها من المحروقات خاصّة، إلّا النذر القليل بسبب أعمال القرصنة على الطرق، ما تسبّب بتوقّف كلّ مولدات الكهرباء وأعطال الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت على الشبكات الأرضيّة ومحطّات الإرسال العائدة لشركتي ألفا وتاتش، وتهدّد أيضاً بتوقّف عمل المستشفيات والمستوصفات والمؤسّسات الصحيّة، التي بدأت خدماتها بالتراجع مع ما يعني من تداعيات صحيّة سلبيّة؛ وهكذا الأمر بالنسبة إلى الأفران وكلّ المؤسسات العامة والخاصة، لا سيّما ما هو متّصل بالقطاع الزراعي وتربية الدواجن والمواشي، حيث الكوارث تتعاظم، والخسائر أثقلت ظهور المزارعين والمنتجين.
ويسأل الأهالي: لماذا تُترك عكّار دائماً لقدرها؟ لماذا كلّ هذا الإمعان في الجور على أهلها، ولأيّ أهداف؟

يقول متابعون قلقون إنّ هذا الواقع إن استمرّ على هذا المنوال من تغاضي الدولة بكلّ مؤسّساتها، سيحمل في طيّاته بذور فتنة كبيرة، لا أحد يدري إن بدأت إلى أين ستنتهي؛ ذلك أن أحاديث الأمن الذاتي لحماية شحنات الوقود والطحين والموادّ الغذائيّة والأدوية، بدأت تتصاعد وتيرتها، وكلّ بلدة بدأت تتهيّأ لتأمين مواكبة وحماية هذه الشحنات.

وهذا الأمر الخطير جدّاً جدّاً، وتداعياته السلبيّة الكارثيّة ستكون مدمّرة. ما يرتّب على الدولة أولاً وأخير أن تتّخذ القرار الجدّي لوقف هذا "الأمر الواقع" المفروض فوراً، قبل تناميه وتمدّده، وعلى الدولة أيضاً ودون أي إبطاء أن تحسم الأمر بوقف وبقمع أعمال التعدّي غير المقبول التي تحصل على الطرق لضمان أمن وأمان المنطقة وأهاليها، الذين لهم على دولتهم حق الحماية والأمن والأمان، وحرية التنقّل بين المناطق بشكل سلس ومريح، وهم الذين ما بخلوا يوماً بتقديم كلّ الممكن لبلدهم وعلى مرّ التاريخ، فأيّ ذنب اقترفته عكار كي تعامل وأهلها بهذه الطريقة؟ .
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم