الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

مجلس النواب بعد سنة... "اعتماد" من دون رصيد

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
يطفئ مجلس النواب شمعته الأولى، المجلس الذي انتخب وسط انهيار اقتصادي كبير، رافقه كمٌ كبير من المشكلات وانهيار شبه كامل للمؤسسات لم يشهد له لبنان مثيلاً حتى أثناء الحرب الأهلية.
 
كان من المفترض من السلطة التشريعية المنتخبة في ظروف استثنائية، ان تبدأ ورشة اصلاحية تشريعية كبيرة تواكب فيها المتغيرات الكبيرة وتلجم الانهيار، وتحد من الفساد المستشري في جميع التفاصيل. لكن وبعد سنة، وبعد النظر في العوامل السياسية التي سنأتي على ذكرها لاحقاً، فإن علاماته في التشريع تكاد توازي الصفر.
 
وفي تعداد القوانين التي صدرت عن المجلس الجديد لا يمكن ملاحظة أي قانون ذي أهمية قصوى سوى قانون السرية المصرفية الذي أقر بناء على مطالبات صندوق النقد، بالإضافة الى قانون موازنة 2022 الذي نوقش في الشهر التاسع من العام وهو كان مدار رفض لعدد كبير من النواب.
أما القوانين الباقية فهي عبارة عن فتح اعتماد إضافي في باب احتياطي الموازنة العامة لعام 2022 بقيمة 10000 مليار ليرة لبنانية منها 7400 مليار لتغذية مختلف بنود الموازنة و2600 مليار لاحتياطي العطاءات للعام 2022.
 
- طلب الموافقة على إبرام اتفاق بين لبنان والمنظمة الدولية الفرنكوفونية بشأن إنشاء ممثلية للمنظمة في الشرق الأوسط ومقرّها بيروت والامتيازات والحصانات التي تتمتع بها في الأراضي اللبنانية.
 
-الموافقة على إبرام مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال مكافحة حرائق الغابات بين لبنان وقبرص.
 
-اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي بقيمة /150/ مليون دولار أميركي لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح.
 
- الاجازة للحكومة إبرام اتفاق التعاون التقني بين حكومة الجمهورية اللبنانية وحكومة اليابان.
 
واخيراً قانون التمديد للبلديات والمخاتير لسنة على الاكثر، واقرار بعض التعديلات على قانون الشراء.
 
اذ بدا واضحاً ان الانجاز التشريعي مفقود بالمطلق للمجلس الجديد، لكن في المقابل يمكن تسجيل انن خلال هذا العام شهدت اللجان النيابية واللجان المشتركة حركة لافتة، على مستوى التحضير لمشاريع القوانين، وهي حتى الساعة تشهد ورشة مستمرة لمشاريع قوانين قدمت من قبل النواب، الاّ ان المعروف أن ليس كل مشروع يتم الاتفاق عليه باللجان مصيره الإقرار بالهيئة العامة، والتجارب أثبتت أنه يتم ضرب أغلبية القوانين من أساسها لدى مناقشتها في الهيئة العامة، وبالتالي لا يمكن الاتكال على أي مناقشات تحدث في اللجان حتى إقرار القانون بصيغته النهائية.
 
في المقابل لا بدّ من الاشارة الى ان الظروف عاكست المجلس المنتخب، فكان لديه دورة تشريعية واحدة فقط قبل مواجهة الشغور الرئاسي، ما حوّله الى هيئة انتخابية، وسط خلاف عن امكانية التشريع في هذه المدة من عدمه وهذا الفراغ مستمر حتى اليوم. وعلى الرغم من محاولات رئيس مجلس النواب المستمرة لعقد جلسات تشريعية تحت مسمى "الضرورة" الاّ أن المقاطعة المسيحية كانت تجهض هذه المحاولات.
 
عقد المجلس النيابي العديد من الجلسات الانتخابية الطبيعية، انتُخب فيها رئيسه ونائب رئيسه، اضافة الى هيئة المجلس ورؤساء اللجان، وقام بهذا الأمر مرتين، وبدا من خلال هذه الاجراءات ان لا عقلية جديدة تحكمه، فالتوافقات بين الاحزاب والطوائف بقيت الأساس، على رغم الإيقاع الذي فرضه نواب "التغيير" على هذه الجلسات، وهي سابقة، الّا أنها لم تؤد إلى نتيجة مختلفة، بل كرّست أفضلية الاتفاق في الخارج على العملية الديموقراطية في الداخل، وهو ما تجلّى في الانتخاب الثاني للجان وهيئة المجلس، إذ، ما مرّ من خارج الاتفاقات في الجلسة الأولى جرى تصحيحه في الجلسة الثانية كإبعاد النائب ابراهيم منيمنة عن لجنة المال، والنائب ميشال ضاهر عن رئاسة لجنة الاقتصاد.
اما الوجه "القبيح" لهذا المجلس تمثل في الجلسات الـ11 التي عقدها لانتخاب رئيس الجمهورية، ومنيت بالفشل جميعها فكانت شبيهة بالمسرحيات المملة، والميزانيات الكاذبة، يجتمع فيها ممثلو الشعب كل نهار خميس على لا شيئ سوى مزايدات ورمي مسؤوليات، وانقسامات وسجالات، وتصاريح اعلامية جوفاء مكررة، لا تسمن ولا تغني.
 
وعلى الرغم من السيطرة المطلقة للاحزاب على المجلس الحالي الّا أنه لا يمكن انكار ان وجود الوجوه الجديدة، والتغييرية قد خلق دينامية مناقشات جديدة، وأحدث بعض الفروقات ولو المتواضعة في آلية العمل من خلال فرض وتكثيف المناقشات، اضافة الى التصويت العلني بالمناداة، ولم تعد تمر كلمة "صُدّق" بالسهولة التي اعتاد عليها اللبنانيون، الّا ان الانقسام الحاد والتباعد السياسي وعدم امتلاك أي فئة أكثرية واضحة، سيستمر في السنوات المقبلة اذا تم انتخاب رئيس وستكون العملية التشريعية في هذه الدورة معقدة أكثر من الدورات الاخرى.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم