السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أشجار معمّرة يفوق عمرها الـ100 ضحيّة العصابات والتجّار والعوز في بعلبك - الهرمل

المصدر: "النهار"
تحطيب.
تحطيب.
A+ A-
وسام اسماعيل
 
لا تهدأ أصوات مناشير الحطب في منطقة بعلبك الهرمل. آلاف الأشجار الحرجيّة والمثمرة باتت أهدافاً لجمع مؤونة التدفئة لفصل الشتاء الأشدّ قساوة على جيب المواطن البقاعيّ.
 
عدد كبير من البلدات والقرى تقع على ارتفاع ما بين 1100 و1700 متر عن سطح البحر، ما يجعل سكّانها يستعدّون لمواجهة شتاء بارد، وفي عجلة من أمرهم لتأمين حاجاتهم من مادّتي المازوت أو الحطب للتدفئة، في خضمّ ارتفاع أسعار المادّتين بشكل جنونيّ، وعجز معظم الأهالي عن تأمينهما، بعد أن بلغ سعر البرميل الواحد من المازوت أي مؤونة شهر واحد بين 210 و230 دولارًا أميركيّاً، وهو مبلغ يتخطّى الراتب الشهريّ لمعظم سكان المنطقة العاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، ويواجهون ظروفاً اقتصادية قاهرة، فيما وصل سعر الطنّ الواحد من الحطب إلى ما بين ١٨٠ و250 دولارًا أميركيّاً، وذلك حسب نوع الحطب، وهي أعلى كلفة يشهدها السوق في هذا العام كحال مادّة المازوت، ما دفع بالتجار وأصحاب الحاجات إلى قطع الأشجار المعمّرة بشكل عشوائيّ، مثل أشجار اللزاب والسنديان المعمّرة وخاصّة في المحميّات الطبيعية.
 
خسرت الثروة الحرجية التي تتميّز بها منطقة بعلبك الهرمل الكثير من الأشجار المعمّرة كحال بلدات اليمونة وعيناتا وقرى دير الأحمر وبوداي وبعلبك وجرود الهرمل والكثير من القرى وخاصّة الجبلية منها، وقد شهدت الأسابيع الأخيرة، التي تسبق حلول فصل الشتاء، حوادث عدّة أدّت إلى وقوع ضحايا، فيما الثروة الحرجية تقع تحت رحمة تجّار الحطب وعصابات قطع الأشجار لتحقيق مكاسب مالية وبالدولار.
 
التعدّيات لا تقتصر على الأملاك العامة فقط بل وصلت الى إقدام لصوص الحطب على قطع بساتين خاصّة كحال أحد بساتين جرود بلدة بريتال، حيث فوجئ أحد المزارعين من تعرّض ٣٠٠ شجرة داخل بستان يملكه في جرود البلدة إلى القطع والسرقة. وهذه حال الكثير من البساتين، فيما شهدت بلدة دير الأحمر منذ يومين قطع نحو ٣٠ شجرة من اللزاب يزيد عمرها عن ١٠٠ عام.
 
قطع الأشجار من أمام المنازل بات أيضاً مشهداً مألوفاً، في وقت لجأ عدد من المزارعين إلى قطع جزء من أشجارهم المثمرة والتي يعتاشون منها بهدف تأمين التدفئة، فيما البعض يضرب كفّيه فلا حول ولا قوّة له، بانتظار أن ترمي الأيام المقبلة حلولاً من السماء، مع إيمانهم بعجز الدولة وعدم مبالاتها لحالهم.
مشهد مرور مسنّ أو طفل يحمل كومة من الحطب جمعها من الحقول والطرقات أو أماكن رمي النفايات، قاس ومحزن، فهؤلاء يفتّشون عن وسائل لمواجهة البرد.
 
محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر والبلديات دقّوا ناقوس الخطر، لما وصلت اليه الحال ولارتفاع نسبة الجرائم في حقّ الغابات والأحراج. وكان الأهالي تداعوا إلى لقاءات عدّة لوضع خطط لمواجهة عصابات قطع الأشجار، أثمرت تحرّك القوى الأمنية لملاحقة البعض منهم وتوقيفهم، فيما يتّخذ الجيش إجراءات صارمة على حواجزه المنتشرة على طول الطرقات الرئيسة، وخاصّة عند مداخل البلدات حيث لا يتساهل في توقيف أيّ آلية محمّلة كميّات من الحطب .
 
خلال إعدادنا هذا المقال الذي أردنا تسليط الضوء فيه على معاناة المواطن البعلبكيّ التقينا أحد الأشخاص المدعو خ.ز وهو يعمد إلى قطع 3 أشجار ضخمة من الجوز من بين ٦ أشجار يملكها بعد أن أنهى قطف ثمارها. ولدى سؤالنا عن سبب قطعها، كان ردّه إجابات مبعثرة أراد من خلالها إخفاء حقيقة الوضع الاقتصاديّ الذي كان سبباً في ذلك، وهو عسكريّ متقاعد في الجيش وأب لأربعة أولاد، واكتفى بهزّ رأسه وبالقول "مش أفضل ما إشحد"، راتبي ما بكفّي لتأمين كلفة النقل لأولادي الأربعة إلى مدارسهم".
 
علي صالح وهو صاحب محلّ لبيع مواقد الحطب أكّد أن "لا إقبال على شراء مواقد التدفئة هذا العام، وقد تراجع بشكل لافت الى نحو 60 في المئة خلافاً للعادة في السنوات الماضية مع بدء فصل الشتاء وبرودة الطقس حيث يقتصر معظم عملنا على صيانة المواقد القديمة المهترئة، بسبب انعدام قدرة الناس الشرائيّة، وهو ما يكشف عن مدى العجز والفقر الذي وصلت اليه الناس في مرحلة الحضيض والانهيار الكبيرين".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم