الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

"حزب الله" يضبط الجبهة عسكرياً وسياسياً بفائض القوّة... "التقريش" بالاستحقاقات والنظام

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
الحدود اللبنانية مع فلسطين (نبيل اسماعيل).
الحدود اللبنانية مع فلسطين (نبيل اسماعيل).
A+ A-
تستمر اشتباكات "المشاغلة" جنوباً ضمن إطارها المحصور والمحبوك مترافقة مع عمل سياسي يقوم به "حزب الله" عبر الحكومة اللبنانية، التي تحوّلت - بحسب مصدر معارض - وسيطاً بين الحزب من جهة والأميركيين والإسرائيليين من جهة ثانية.
 
أصبح واقعاً أن "حزب الله" غير متحمّس لفتح جبهة أكبر أو أوسع، ويضبطها في نطاق محدّد، بالرغم من الاستفزازات الإسرائيلية التي جرت ولا زالت تحدث عبر توسيع منطقة الاشتباكات والاستهدافات في شمال الليطاني، وفي الضاحية، وعبر عمليات الاغتيال التي تطال قادته الميدانيين.
 
وحتى الردود التي نفّذها الحزب انتقاماً لعملية الضاحية التي أودت بحياة القيادي في حماس صالح العاروري، واغتيال أحد قيادييه وسام الطويل، نفذت ضمن إطار الـ12 كيلومتراً بغض النظر عن استراتيجية المراكز المستهدفة أو فاعلية هذه الاستهدافات بالنسبة لهذه المراكز، بعدما كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وضع الضاحية في مقابل حيفا، قبل أن يرفع سقفه ويجعلها بمقابل تل أبيب.
 
وعلى الرغم من الانتصار المعلن مسبقاً من الحزب، فإن طول مدّة الحرب واستمرار القتال بدأ يضغط عليه من عدّة جهات، خصوصاً من ناحية البيئة التي مهما كثر الحديث عن تحمّلها وتقبّلها بدأت تشعر بالتململ، خصوصاً أنها الوحيدة التي تدفع الثمن في مقابل جزء كبير من الشعب يعيش حياته الطبيعية. ومن الناحية العسكرية، وفيما يتصاعد الحديث عن الفاتورة البشرية الكبيرة التي يمكن أن تُدفع، يسود قلق بشأن التسريبات عن ضرب عدد لا يستهان به من قواعد "الحزب" وبناه التحتية ومستودعات الأسلحة، وعن أهدافٍ أُصيبت بدقة، ممّا شكّل مفاجأة، بالرغم من عدم الإعلان عنها، فضلاً عن عدم وضوح أهداف هذه الحرب، فيما لم يعد شعار نصرة غزة له مؤيّديوه الكثر بعد تدمير غزة.
 
وبرزت مخاوف من أيّ عمل إسرائيلي واسع يمكن أن يقوم به رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هرباً من واقعه السياسيّ، وهو الذي بدا أجرأ في الأسابيع الأخيرة في توسيع دائرة الحرب.
 
وانطلاقاً من هنا، وبموازاة المناوشات المضبوطة، عمل الحزب على ضبط الجبهة الداخلية، فطوّع الحكومة وطوّقها لتتبنّى مواقفه، ولتصبح خطّ الدفاع الأول وصوت لبنان الرسمي المؤيّد للمعركة، وأصبح رئيس الحكومة بحسب ما وصفته مصادر معارضة بأنّه وزير خارجية "حزب الله"، يصول ويجول حاملاً تبرير الحزب، ومدافعاً عن مواقفه، كما تولّت الحكومة المفاوضة بين "الحزب" من جهة، وإسرائيل وأميركا من جهة ثانية، ليكون بهذه العملية قد حصّن نفسه على صعيد الموقف اللبناني الرسميّ، وهذا ما لم يحدث في حرب 2006.
 
من جهة ثانية، وعلى صعيد الجبهة الداخلية، يعمل الحزب على شنّ حملات عنيفة على معارضيه بوصفهم عملاء وخونة، مستفيداً من التعاطف الإنساني مع الحرب على غزة؛ والهدف من كلّ ذلك إبعاد الأصوات المعارضة ومحاصرتها.
 
وعلى هذا الأساس، وفي حال لم تطل الحرب في غزة، فسيكون الحزب قد حافظ على معادلة الردع، إضافة إلى تحقيق تقدّم على مستوى الحدود يستطيع تقريشه في مكان ما، كما سيربط حتماً بين نتائج هذا الأمر حدودياً وبين انتخابات رئاسة الجمهورية، وصولاً إلى المشاركة في اختيار رئيس الحكومة المقبل، وربما في فتح جبهة جديدة في الداخل عبر البحث في النظام بشكل عام. وقد بدأ مقرّبون من الحزب يتحدّثون علانية عن استثمار "الانتصار" في الداخل، وعن نزع ثوب الزهد بتكرار تجربة 2006.
 
في المحصلة، لا يستطيع الحزب التراجع عمّا بدأ به ووضع له سقفاً، وهو وقف القتال في غزة، للهرولة إلى المفاوضات، كما أن جبهة الجنوب أصبحت اليوم مرتبطة بالتوقيت وعدم الإطالة وتحمّل الضغوط، لأن ما بناه على صعيد البيئة والجبهة الداخلية يمكن أن يتراجع أمام الضغوط الاقتصادية بالنسبة لـ"البيئة"، وأمام الضغوط الدولية والإقليمية بالنسبة للحكومة، وإقدام اسرائيل على أيّ خطوة جنونية يصبح الردّ الواسع ملزماً.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم