الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تخبّط في مواجهة العاصفة الخليجية وتوسيط أميركا

المصدر: النهار
وقفة مؤيدة للسعودية (تصوير حسن عسل)
وقفة مؤيدة للسعودية (تصوير حسن عسل)
A+ A-
بمزيد من التخبط والبلبلة وعدم اليقين واجه لبنان الرسمي اخطر ازمة خارجية مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تلاحقت إجراءاتها المماثلة لدى اربع دول حتى البارحة هي السعودية والبحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة في سحب سفرائها من لبنان والطلب من سفراء لبنان لديها مغادرة أراضيها. وفيما شهد يوم أمس سلسلة ماراتونية من اللقاءات والتحركات وكانت بكركي مسرحا لافتا لأبرزها ظلت استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي "لا معلقة ولا مطلقة " بين توقعات بإعلانها في الساعات المقبلة واستبعاد لإعلانها فعلا لان "حزب الله " يتولى واقعيا منع الاستقالة.
ومع ذلك فان الوضع الحكومي برمته بدا وكأنه خرج من الاطار اللبناني الخليجي الصرف اذ بدا لافتا ان يستعين وزير الخارجية عبد الله بو حبيب كممثل للعهد ومن خلال ترؤسه لخلية الازمة الوزارية التي شكلت لمواجهة الازمة بالقائم بالاعمال الأميركي في بيروت طالبا بشكل رسمي توسيط الولايات المتحدة مع دول الخليج لاحتواء الازمة.
وتعزز هذا الاتجاه مع معطيات أفادت ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيقابل على هامش مشاركته في قمة المناخ في غلاسكو في اسكوتلاندا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن للطلب إليهما التدخل في احتواء الازمة مع دول الخليج.

ونقلت وكالة "رويترز"في هذا السياق عن مصدر سياسي كبير ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على اتصال مع المسؤولين اللبنانيين لمنع انهيار الحكومة وليس هناك مؤشرات الى الآن عن استقالة أي من الوزراء.

وشكلت بكركي محورا للقاءين بارزين بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وكل من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يعتبر المرجعية السياسية لوزير الاعلام جورج قرداحي ولاحقا مع الوزير قرداحي. وساد الظن على نطاق واسع ان قرداحي سيعلن استقالته من بكركي ولكن ذلك لم يحصل بعد اللقاء الذي استمر نحو 45 دقيقة. وغادر قرداحي بكركي من دون الإدلاء باي تصريح فيما أفادت مصادر بكركي ان قرداحي اعرب عن عدم تمسكه باي منصب وزراي ودعاه الراعي الى تغليب مصلحة لبنان فوق أي مصلحة أخرى. وأكد الراعي خلال اللقاء موقفه المعروف من الحياد وعدم التعدي على أي شخص او دولة وضرورة حسن سير العلاقات مع الدول بما فيها العربية مؤكدا ان كل ما يسيء الى هذه العلاقات من أي جهة غير مقبول. وإذ بدا واضحا ان البطريرك يدفع ضمنا نحو استقالة قرداحي ذكر ان ميقاتي اتصل بالراعي وطلب منه التدخل لدى قرداحي لاقناعه بالاستقالة.

وكان فرنجية اكد بعد اجتماعه مع الراعي رفضه لاستقالة قرداحي خصوصا اذا شاء منها "العهد بيع الخطوة الى السعودية". وقال انه إذا استقال قرداحي أو ُقيل "لن نسمي خلفاً له"، لافتاً الى ان "مصلحتي الشخصية والسياسية تقول انه يجب ان اشجع قرداحي على الاستقالة ، وقد عرض علي ان يقدم استقالته من قصر بعبدا اوالبطريركية المارونية، لكني رفضت لان ضميري لا يسمح لي ان اطلب من وزير لم يخطئ خلال وزارته ولا اقبل ان يقدم قرداحي فدية عن احد".

وتمنى الاستمرار بأفضل العلاقات مع الدول العربية وقال: "خلال السنوات ال ١٥ الأخيرة لم يكن لدينا أي موقف ضد الدول العربية والخليجية وهذا ليس انطلاقاً من التزلف الذي يمارسه البعض بل انطلاقاً من قناعاتنا". واضاف: التعاطي معنا بدونية بالنسبة للمملكة العربية السعودية لا يجب ان يكون وقرداحي حمل بكثير اكثر مما قاله وانا معه في اي قرار يتخذه. وتابع: "ما بتحرز" ان الشعب اللبناني كله يدفع الثمن ونحن نبحث عن كرامة لا عن ربح وخسارة. وأوضح ان "الرعايا اللبنانيون يعطون الدول أكثر مما يأخذون وهم يعملون بعرق جبينهم "ومش إعاشة" وليسوا لاجئين وإن كان الأمر كذلك "نحنا إلنا عالفليبين" ولا نتعاطى بدونيّة مع المملكة العربية السعوديّة بل بكرامتنا ولا نفتّش عن ربح وخسارة بل عن كرامة وقرداحي ظُلم وأنا معه".

في غضون ذلك كرت سبحة الإجراءات من دول خليجية إضافية في حق لبنان . وفي وقت غادر السفير السعودي وليد بخاري بيروت امس على ان يغادر سفير لبنان لدى السعودية فوزي كبارة الرياض اليوم استدعت وزارة الخارجية الكويتية، سفيرها من لبنان، وطلبت من السفير اللبناني لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، وأشارت إلى أن "القرار بشأن لبنان جاء بسبب استمرار التصريحات السلبية من المسؤولين اللبنانيين وبعد عدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد السعودية ومجلس التعاون الخليجي". ولفتت إلى أن "لبنان لم يتخذ الإجراءات الكفيلة لردع عمليات تهريب المخدرات للكويت والخليج". وعبرت الكويت عن حرصها على الأشقاء اللبنانيين المقيمين في الكويت وعدم المساس بهم، وأوضحت أن "قرارنا حول لبنان جاء بسبب إستمرار التصريحات السلبية من المسؤولين اللبنانيين وإستناداً للعلاقة التاريخية والروابط بين الكويت والسعودية".

بعد ذلك قرّرت دولة الإمارات المتحدة سحب ديبلوماسييها من لبنان ناصحة مواطنيها بعدم السفر إليه . وأعلنت الإمارات أنّ "سحب ديبلوماسيينا من لبنان يأتي تضامناً مع السعودية"، مؤكدة أنّه "لا نقبل نهج بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه السعودية".
وعلى خط المعالجات، وبناءً على طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتشكيل خلية أزمة للبحث في الأزمة المستجدة مع السعودية عقد اجتماعً في وزارة الخارجية، ضم وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وزير الاقتصاد امين سلام، وزير المال يوسف خليل، وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي ومدير عام القصر الجمهوري انطوان شقير. كما انضم القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان ريتشارد مايكلز لمدة نصف ساعة وغادر. وأشار وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، بعد انتهاء الاجتماع، إلى أننا "تواصلنا مع الأميركيين لحضور الاجتماع لأنهم قادرون على معالجة الأزمة الراهنة”. وكشف أن "أطرافًا دولية دعت ميقاتي إلى استبعاد خيار الاستقالة عن الطاولة". أما وزير التربية عباس الحلبي فقال: “العمل الحكومي مستمر ولا يمكن ترك البلد من دون حكومة بالنظر إلى الأزمات التي يعيشها”. وأضاف: “الموضوع قيد المعالجة ونتطلع إلى ساعات قليلة لمعالجة تداعيات الأزمة. وأملنا كبير أننا قادرون على التوصل الى حل هذه الأزمة قريبًا”.

وكشف وزير الداخلية بسام المولوي تفاصيل طلب الحكومة اللبنانية وساطة الولايات المتحدة لحل الأزمة مع السعودية، وتعهد بأن بلاده ستلتزم بجميع الطلبات التي حددتها الرياض الجمعة. وقال المولوي في مقابلة مع قناة "الحرة"، إن الحكومة اللبنانية قدمت طلب وساطة للجانب الأميركي في سبيل تسوية الوضع مع السعودية ودول الخليج". وأضاف "خلال حضور القائم بالأعمال الأميركي لاجتماع خلية الأزمة الوزارية في بيروت استمع المسؤول الأميركي إلى ما طلبه منه الجانب اللبناني في إطار هذه الوساطة". وكشف أن الحكومة اللبنانية طلبت من الجانب الأميركي "فتح حوار مع السعودية في كل المجالات، ومنها الملفات العالقة والطلبات السعودية".

وتعليقا على احتمال استقالة الحكومة، قال المولوي إن هذا الأمر غير وارد، مضيفا أن "رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لا يجد أن الحل باستقالة الحكومة وإنما باستمرار الحكومة في تحمل مسؤولياتها". ولفت إلى أن "الجانب اللبناني مستعد للوفاء بالطلبات السعودية لاسيما في الشق المتعلق بوزارته لناحية ضبط تهريب المخدرات والكبتاغون". وشدد أن الحكومة اللبنانية ستعمل على "ضمان أمن واستقرار المملكة، وألا يخرج من لبنان أي تهديد للنظام في المملكة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم