الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

عمليات الاستهداف الإسرائيلية الدقيقة... رواية العملاء والأثمان التي تُلجم الحرب الكبرى؟

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
من تشييع وسام الطويل. (حسام شبارو)
من تشييع وسام الطويل. (حسام شبارو)
A+ A-

ازدادت العمليات والاستهدافات المحددة الإسرائيلية لمقاتلين وقادة ميدانيين في "حزب الله"، وكان أهمها اغتيال القيادي وسام الطويل الذي يعتبر الأرفع رتبة من بين جميع من سقطوا، بالإضافة إلى الاستهدافات التي طالت عناصر من "الحزب" في منازلهم وسياراتهم وأصابتهم إصابات مباشرة، هذا عدا عن اغتيال القيادي في "حماس" صالح العاروري.

تفرّق مصادر مطلعة على أجواء "حزب الله" بين العمليات التي تستهدف مقاتلين من الحزب والتي هي ضمن معركة الميدان، وبين عملية العاروري التي تعتبر أمنية بامتياز.

تضع هذه المصادر عملية استهداف الطويل ضمن إطار حرب الميدان، وخصوصاً أن الطويل معروف من قبل الإسرائيليين وهم حاولوا الوصول إليه أكثر من مرة، إضافة إلى أن أعمال الميدان تتكامل مع العمل الأمني. وفي الحروب يسعى القادة إلى النيل من بعضهم البعض، وقتل بعضهم البعض، وأي خلل ولو كان صغيراً أو أي تقدير خاطئ،تكون نتائجه كارثية.

يعلم "حزب الله"، بحسب هؤلاء، أن لدى إسرائيل قدرة مخابراتية هائلة، ولديها بنك أهداف كبير، ويمتلك معلومات دقيقة، حتى إن جزءاً من مقاتلي النخبة "الرضوان" معروفون من إسرائيل نتيجة عمل الفرقة لوقت طويل على الشريط الحدودي القريب، وهي لن تفوّت فرصة لاستهدافهم.

بالعودة إلى الطويل، فالرجل الذي غاب عن منزله منذ بداية معركة طوفان الأقصى، توفيت والدته ولم يشارك في دفنها ولم يحضر إلى التعازي، وهكذا حصل أيضاً عند استهداف ابن شقيقه، وتبقى قضية حضوره إلى منزله في تلك الليلة والبقاء فيه ليلة كاملة لها أسبابها، ربما ستظهر لاحقاً، كما أنه لم يُحسَم حتى الساعة ما إذا كانت عملية التفجير قد تمت عبر طائرة مسيرة أو عبوة ناسفة.

وبرأي المصادر، فإن باقي العمليات تأتي من ضمن العمليات المتبادلة، والتي تطال مقاتلين يعملون في الميدان، وذلك نتيجة عدة عوامل؛ منها المنطقة المحصورة، والقتال فوق الأرض، إذ حتى الآن، لم يستخدم "حزب الله" بناه التحتية الاستراتيجية وشبكة الأنفاق وغيرها، بالإضافة إلى مداراة البيئة وسكان القرى وتجنبيهم الأذى. علماً أن "حزب الله" يقاتل على جبهة طولها 103 كلم وفي مقابله 48 موقعاً حدودياً، و12 موقعاً خلفياً، و50 نقطة عسكرية مستحدثة بكامل تجهيزاتها.

وهذه المواقع معزّزة ومحصنة بـ3 مستويات من التدشيم والتحصين والخنادق والأحزمة الاسمنتية، وبسرب تجسس بريطاني، وبأقمار صناعية أميركية وطائرات تجسس، وبضباط استشاريين ألمان. وعلى الرغم من ذلك تم تنفيذ نحو 700 عملية. وإذا كان صحيحاً أنه سقط للحزب 158 مقاتلاً ،فإن عدد القادة هو واحد، وهو عدد منطقي لكل فصيل يشارك في هكذا معارك، مذكرة بجولة من معركة القصير التي خسر فيها "حزب الله" أكثر من 90 مقاتلاً في مدة زمنية قصيرة جداً.

 

لا تنفي المصادر وجود عملاء في القرى ومتعاونين وأناس يجري التغرير بهم، فالعدو عمل على فترات طويلة لتجنيد بعض الناس وصرف مبالغ هائلة، وأكبر دليل ما تسرّب من تحقيقات لعملاء جرى كشفهم ومدى نوعية العمليات التي يكلفون بها على مستوى تحديد أبواب الشقق والطرقات الفرعية ونوع الأبواب الموجودة، بالإضافة إلى جهد خرق الاتصالات وشبكات الإنترنت والكاميرات الخاصة نتيجة التقنيات العالية التي يمتلكها الإسرائيليون، عدا عن سلاح المراقبة والتجسس عالي الدقة والطائرات المسيّرة المعدّلة والجديدة التي تشارك للمرة الأولى في المعركة، إلّا أنها استبعدت في الوقت الحالي أن يكون الخرق قد طال جسم الحزب القيادي.

 

وتختم المصادر أنه في القراءة الواقعية يبدو أن "حزب الله" يعمل ضمن إطار المحافظة على الردع وإعادة إحياء قواعد الاشتباك من دون حرب، وهذا واضح من عمليات الردود التي بقيت ضمن إطار منطقي لا يؤدي إلى حرب رغم الأهمية الاستراتيجية للمواقع التي وصل إليها عند الإسرائيليين، فيما بالمقابل تبدو جرأة إسرائيل أكبر من خلال الدفع نحو معركة أوسع وربما إلى حرب.

لكن هذا الرأي لا يجد من يؤيده في الإعلام العبري، إذ ذكرت صحيفة "معاريف" أن اغتيال إسرائيل القياديين العسكريين في "حزب الله" علي حسين برجي، أمس، ووسام الطويل، أول من أمس، يعبر عن "تغيير جوهري في سياسة ممارسة القوة الإسرائيلية في الجبهة الشمالية".

 

واعتبرت أنه في أعقاب عمليتي اغتيال المسؤولين في "حزب الله" إلى جانب اغتيال القيادي في "حماس" صالح العاروري في الضاحية الجنوبية في بيروت، معقل "حزب الله"، "يتصاعد استنتاج واحد واضح، وهو أن إسرائيل، لأسباب ومصالح عديدة، لا تزال غير معنية بحرب بكامل القوة. لكن بسبب استمرار الوضع غير المسبوق بإجلاء عشرات آلاف السكان عن بلدات الشمال، الذين تحولوا إلى لاجئين، فإن إسرائيل مستعدة الآن لتحمّل مخاطر أكثر".

وحذرت من أن "تصعيد الضغط العسكري قد يقود إلى تصعيد سريع على الحدود الشمالية، ليصل إلى حرب شاملة بين الجانبين".

أما "هآرتس" فأشارت إلى أن قائمة الإغتيالات التي نفذتها إسرائيل في الأسابيع الماضية، بالاضافة إلى القيادي في الحرس الثوري الإيراني، رضي موسوي، الذي اغتيل في دمشق، وكذلك اغتيال ناشط في حماس في هضبة الجولان في سوريا، "تعكس محاولة إسرائيلية واضحة لتحصيل ثمن آخذ بالارتفاع من "حزب الله" وشركائه في الجبهة الشمالية... والنتيجة الفعلية لهذه العمليات هي أن جزءًا كبيرًا من قوات "حزب الله"، وبينهم مقاتلو الرضوان، انسحبوا من منطقة الحدود ويخوضون عمليات من خطوط خلفية تحسباً من خسائر أخرى".

ووفقًا للصحيفة، فإن "إسرائيل لا تنجح في هذه المرحلة في ترجمة هذه الإنجازات التكتيكية إلى نتيجة استراتيجية. على عكس، "حزب الله" الذي يصرّ على مواصلة الهجمات اليومية، وهو راض على الثمن الذي حصّله، بمغادرة حوالي 60 ألف مواطن إسرائيلي البلدات المحاذية للحدود".

بدورها "يديعوت أحرونوت"، أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي، بدعم المستوى السياسي، يسعى إلى إبعاد قوات الرضوان عن الحدود "من دون التدهور إلى حرب شاملة، الأمر الذي يسمح للجيش بمواصلة الحفاظ على غزة كساحة قتال مركزية".

ووفقًا للصحيفة العبرية، فإن "حزب الله ينجح في إلحاق أضرار كبيرة بالبلدات (في شمال إسرائيل) بواسطة قذائف مضادة للدروع، والدمار فيها غير مسبوق، ويكون أحيانًا تحت الرادار بسبب هجر السكان للمنطقة. ورغم ذلك، فإن الضرر لإسرائيل هو قومي واقتصادي ومعنوي. وبالإمكان الاطلاع من خلال هذا الوضع على الأدوات المتنوعة الموجودة بحوزة "حزب الله" من أجل التسبب بألم في الجبهة الداخلية الإسرائيلية وليس فقط في بلدات خط المواجهة".

وأضافت أنه "عندما ننظر إلى القتال في غزة، مقابل عدو أضعف بأضعاف، ينبغي الدخول إلى تناسبية حيال الحديث عن ’تنظيف المنطقة’ في جنوب لبنان. فسيكون لمهمة كهذه ثمن وسيستغرق وقتًا يجعل أيام الحرب الـ95 في غزة تبدو مثل مخيم صيفي".

وحسب الصحيفة، فإنه "لا مفرّ من حل آخر، وهو إبعاد حزب الله ولكن ليس إلى شمال نهر الليطاني، والحديث عن ’تنظيف المنطقة ليس أكثر من فنتازيا".

 

برأي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، فإن "لجوء إسرائيل إلى عمليات الاغتيال، كان متوقعاً نتيجة فشلها في حرب غزة".
ويقول: "مع مرور الزمن والتقدم التكنولوجي تطورت وسائل الاغتيال وهي تتم إما من خلال عملية عسكرية، أو عبر عملية أمنية استخباراتية، أي بكمين مسلح أو تفخيخ سيارة أو عبوة ناسفة".
ويضيف: "اليوم تلعب الطائرات المسيّرة دوراً هاماً في عمليات الاغتيال، إذ تعتبر أسهل وسيلة لإنجاز هذه المهمة، حيث لا يستغرق تحديد الهدف واستهدافه سوى نصف ساعة".
وبحسب جابر لدى إسرائيل بنك أهداف كبير جداً وخصوصًا من قادة "حزب الله"، وهو يسعى للوصول إليهم، ويمكن أن تنفذ عمليات أخرى في أوقات لاحقة، مشيراً إلى أن وسائل الاغتيال أصبحت سهلة".


ويشدّد جابر على أن "حزب الله" سيبقي الردود على قدر العمليات، فكلما كبر الهدف الإسرائيلي كبر الرد، لافتاً إلى أن قصف قواعد ميرون ودادو في صفد هو استراتيجي وهو أقسى من عمليتي الاغتيال اللتين طالتا العاروري والطويل، وستبقى الأمور على هذا المنوال من دون أن يعطي حجة للعدو للتوسع بحرب شاملة، إلا إذا ارتكب بنيامين نتنياهو حماقة كبرى تستأهل هذه الحرب.

ويؤكد جابر "وجود عملاء على الأرض يسبق عملية الاغتيال، لكن في الوقت نفسه بات تحديد مكان أي شخص متاحاً للجميع، من خلال الهواتف وشرائح خاصة، ومراقبة الشخص المستهدف بواسطة أجهزة متطورة وعملاء على الأرض تجري أيضًا في أي وقت، كما حصل في بيت ياحون حين استُهدف منزل كان مركزاً لعقد اجتماعات لمسؤولين في "حزب الله"، مبديًا اعتقاده أن "اختراق حزب الله من قبل العملاء ليس كبيراً، بل ضمن الحدود الطبيعية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم