الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

المُواجَهَة بوصلة "القوات" في قدّاس الشهداء... جعجع: لا رئيس إلا بقناعاتنا وتطلّعاتنا

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
رئيس "القوات" سمير جعجع في خطاب أمام الحشود في قداس الشهداء ("النهار).
رئيس "القوات" سمير جعجع في خطاب أمام الحشود في قداس الشهداء ("النهار).
A+ A-
ليست ذكرى إحياء شهداء المُقاومة اللبنانية التي تنظّمها "القوات اللبنانية" هذه السنة كما سابقاتها من المحطات المُحَاكية استحضار أزمنة نماذج بَذَلَت ذاتها مُتَناثرةً على تخوم "لحظة خريفيّة" لإبقاء النضارة على وَجْنَتيْ المؤمنين بمشروع تجانسوا وإيّاه في المبادئ والأهداف. وهم تحضّروا لأن يعودوا هذا العام إلى أعلى جبل معراب، كما اعتادوا، ليتلاحموا مع ضباب أواخر الصيف المعهود في مشهدٍ أرادوا له أن يتشابه ويتشبّه بـ"أرزة في لبنان، جميلة الأغصان وارفة الظلّ، عالية، رأسها بين الغيوم". وفي ذلك القدوم إلى القداس الالهي الذي نظّم بعد ظهر الأحد، تضرُّع من الوافدين على نيّة تجاوز الصعوبات التي تعانيها البلاد على شتّى مستويات الانهيارات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية و"لتبقى لنا الحريّة". واستتبعه تأكيدٌ على المواجهة كخيارٍ كأنّ رئيس "القوات" سمير جعجع أراد أن يستمدَّه من "جذوع حكايات" عن تاريخية الأرْز اللبناني شُمولاً بما أوردته الكتب القديمة عن غابات بشرّي العصية نتوءات جذورها على العواصف العاتية.

وما اختلف بين "أيلولَيْن" في الوُجهة الجغرافية نفسها شغور رئاسيّ متمادٍ زمنياً منذ 10 أشهر مع سكونٍ قائم في القصر الجمهوري، ما استوجب أن تتركّز إضاءة رئاسة "القوات" وفق معطيات "النهار" المواكبة للتحضيرات التي سبقت المناسبة على "معضلة التعطيل" المتفاقمة مع إصرار قوى محور "الممانعة" على التمسّك بمرشّح أوحد للرئاسة الأولى وما تسمّيه القراءة "القواتية" اللعب على "وتر الوقت" الذي يعتمده "حزب الله" للوصول إلى متبغياته. وكان صودف أن أكّدت مقاربة رئيس "القوات" قبل سنة بالتمام على أهمية إجراء الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستوريّة ما لم يتحقَّق رغم كلّ الأزمات المتضاعفة. وهذا ما حَرصَت المواكبة التحضيرية "القواتية" للمناسبة على التداول به من دون إغفال "جرس محاذير" تَفاقُم الانهيار وغياب المعالجة الجذرية لمُسبّباته. ولا يغيب عن "الإضافات العاصفة" التي لفَحَت البلاد هذه السنة التوتّرات الأمنية بدءاً من اشتباكات المخيّمات إلى واقعة عين إبل واستشهاد القيادي "القواتي" الياس الحصروني ثم شاحنة ذخيرة "حزب الله" في الكحالة، ما أعاد التأكيد على رفض البيئات اللبنانية واقع السلاح غير الشرعيّ والخلاف بين مشروعين وضرورة استعادة المقوّمات السيادية. وأُريد للكلمة التي نُسجَت من مواقف رئيس "القوات" تشخيص الحال وتفصيل مآسي البلد مع التأكيد على المواجهة المُستمرّة والصمود ومواصلة المسيرة تحقيقاً للتطلعات، ورفض كلّ محاولات القوى "الممانعة" للقفز فوق منطلقات الدستور اللبناني والاحتكام إلى بازارات سياسية في استحقاق رئاسة الجمهورية.

وفي "أبجد هوّز" مضامين نقاط مواقف جعجع ضرورة تطبيق المندرجات الدستورية خارج ما سُميّ "الطروحات الحوارية" التي لن يكون هناك استجابة لها من القوى المعارضة التي باتت تشكّل فريقاً متيناً مع بُنية صلبة للمواجهة السياسية في مقابل قوى "الممانعة". وأمام جمهور غفير احتشد لإحياء الذكرى، شخّص رئيس "القوات" مسببات المعضلة، في قوله إنّ "محور "الممانعة" و"حزب الله" في لبنان يتصرّفان خارج كلّ قانون ودستور وبعيداً من رأي جميع اللبنانيين الآخرين". وفي الاستنتاج الأساسي الراسخ في خاتمة كلمته، "الاستعداد أن نتحمّل الفراغ لأشهر وسنوات، إلا أننا غير مستعدين أبداً لتحمّل فسادهم وسرقاتهم وسوء إدارتهم وسيطرة دويلتهم على دولتنا بالدرجة الثانية، لذلك لن نرضى إلاّ برئيس يجسّد، ولو بحد مقبول، قناعاتنا وتطلّعاتنا فيكون بقدر مهمة الإنقاذ التي يحتاجها البلد". ويكمن ترياق "الحلّ الفعلي" في تأكيد جعجع، "بعدم الرضوخ بل التمسك بموقفنا وتطلّعاتنا وقناعاتنا، "وألا يرفّ لنا أي جفن رغم كلّ الصعوبات حتى يتعب التعب منّا ويتأكّد محور "الممانعة" أنّه فشل بفرض ما يريده علينا، وعجز عن تخطينا مهما طال الزمن، عندها سيُجبر على الأخذ بالاعتبار الحقائق اللبنانية التاريخية والتصرّف بعقل ومنطق وواقعية".

ولم يغب عن مقاربة رئيس "القوات" الحديث عن مدخل الإصلاح، و"كلّ شي جاهز لدينا للبدء بعمليّة الإنقاذ المطلوبة، شرط أن تتشكل السلطة التي ترغب بالانقاذ الفعلي وتنطلق مع رئيس جمهورية انقاذي، وأذكر هنا بتواصلنا مع كل النواب الذين لا ينتمون إلى محور الممانعة، والنجاح في تكوين نواة معارضة صلبة، واضحة، لا تساوم، مصممة على مسيرة الإنقاذ حتى النهاية، وسوف تتابع مساعيها رغم الصعوبات، للتوسّع أكثر وأكثر في إطار المعارضة. ولا خلاص للبنان من دون معارضة واسعة، واضحة، لا تساوم، ولا خلاص من دون عملية إنقاذ واضحة المعالم، وما من انقاذ من دون رئيس سيادي إنقاذي".

وأضاء رئيس "القوات" على واقعة عين إبل التي تشكّل "مؤشّراً للحوار الذي يبشّر به محور الممانعة منذ أشهر وأشهر، فيدعونك الى حوار حتى يقتلوك أو ليخنقوا مبادئك وقناعاتك وحريتك ويلزمونك أن تفعل ماذا يريدون"، مضيفاً أنّ "فريق الممانعة فريق إجرامي بامتياز والتعدي بات شبه يومي على ثقافتنا وطريقة عيشنا وحبّنا للحياة، ومن جهة أخرى على صورة لبنان في الخارج في وقت بذل في سبيلها أجدادنا وأباؤنا الغالي والرخيص". واعتبر "ألا مشكلة لدى "القوات اللبنانية" مع "حزب الله" أو الأحزاب الممانعة الأخرى كأحزاب سياسية، لكن المشكلة الأولى ترتبط بمشروعهم للبنان الذي يتمثّل اليوم من خلال الواقع الذي نعيشه، إلا أنّ المشكلة الأكبر تبقى مع طريقة فرض مشروعهم بالقوّة والإكراه والغصب والاغتيالات".

وانتقد جعجع "إصرار البعض على القيام بصفقات مع "حزب الله" رغم كلّ ارتكاباته، و"كأنه لم تحصل حوادث الكحّالة أو عين إبل أو عين الرمانة أو 7 أيار، أو الكبتاغون والتهريب والفساد، بغية تغطية صفقة محتملة"، مسميّاً فكرة الحوار بـ"خزعبلات يراد منها تارة مقايضة رئيس الجمهورية برئيس الحكومة، وطوراً تخطي الدستور وقواعد اللعبة الديمقراطية الفعلية وتخطّي المجلس النيابي عبر صفقات جانبية يُطلق عليها زوراً اسم "حوار". وهذه الخزعبلات كانت أصلاً سبباً في هلاك لبنان في السنوات الماضية".

وفي صدى نداءات جعجع في مناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، "حان الوقت ليتّخذ اللبنانيون القرار؛ فهل لبنان الذي نعيشه حالياً هو لبنان الذي نريد؟ هل هذا لبنان الذي تعبنا وضحّينا وسهرنا ليالي وسنوات وقرون من أجله؟ هل هذا لبنان الذي استشهدنا من أجله عشرات آلاف المرات؟ هل هذا لبنان الذي اخترناه بيتا لنا من بين بيوتٍ أخرى على وجه الأرض؟ هل هذا لبنان الذي نريد توريثه لأولادنا؟... بالتأكيد لا، وألف لا!".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم