الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مونيكا بورغمان تسلّمت الجائزة الفرنسيّة - الألمانيّة لحقوق الإنسان: فرنسا مطالبة بمنحنا معلومات عن اغتيال لقمان سليم

المصدر: "النهار"
مونيكا بورغمان ووالدة لقمان سليم سلمى مرشاق في قصر الصنوبر (مارك فياض).
مونيكا بورغمان ووالدة لقمان سليم سلمى مرشاق في قصر الصنوبر (مارك فياض).
A+ A-
تسلّمت مديرة مركز "أمم للتوثيق والأبحاث" مونيكا بورغمان، الذي أسّسته و زوجها الراحل لقمان سليم، الجائزة الفرنسيّة- الألمانيّة لحقوق الإنسان وسيادة القانون في حفل أقيم مساء أمس في قصر الصنوبر.
 
تُمنح هذه الجائزة لشخصيّات حول العالم عُرفت بدَورها البارز والفاعل في الدفاع عن حقوق الإنسان في مُختلَف مَيادين العمل. لمونيكا بورغمان، مسيرةٌ مهنيّةٌ حافلة تشمل عملها في "أمم للتوثيق والأبحاث" والصحافة والإخراج ومشاريع أخرى تتمحوَر حول الذاكرة وأشكال العنف. ومنحت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غرييو ونائبة السفير الألماني أندرياس كيندل بورغمان الجائزة.
 
(مارك فياض)
 
وقالت بورغمان: "منذ أولى البدايات، وقفتنا المناهضة لثقافة الإفلات من العقاب كانت تصبّ في محور عملنا أنا ولقمان، واليوم أكمل ومن خلال عملي في (أمم)، النضال من أجل الغاية ذاتها وإن كنت أتابعه منفردة هذه المرة فهو من أجل لقمان. هذه المهمة بالطبع باتت أكثر صعوبة في ظل غياب لقمان. لكن على الرغم من ذلك تجاربه، معارفه، طرقه المختلفة في التعبير وكل ما كان عليه، لم يزل حاضراً معي وسيبقى دوماً في صلب عملنا. لقمان لم يكن زوجي وشريكي فحسب، بل كان أيضاً قدوة لكلّ من شاركه رؤياه التي تحضّنا على مراجعة التاريخ والسعي من أجل مستقبلٍ يكون فيه للعدل مكان ومكانة".
 
وأضافت في كلمة من قصر الصنوبر: "مسيرتي ولقمان بدأت منذ عشرين عاماً، تحديداً في 2001، لما قدمتُ إلى بيروت للعملِ على مشروع فيلم (مَقتَلة) الذي يستعيد المجازر التي ارتُكِبَت في مخيمي صبرا و شاتيلا في لبنان عام 1982 من منظور القتلة ويطرح أسئلة حول الذاكرة والعنف الجماعي وتداعيات الحرب الأهلية. العمل على هذا الفيلم قادني ولقمان إلى تأسيس (أمم للتوثيق والأبحاث). بعدها بسنوات عدّة، عملنا في (أمم) دفع بنا صوب مشروع مشترك لفيلم ثان هو (تدمر)، الذي يتضمن شهادات حية لمعتقلين سابقين في سجن تدمر السوري".
 
واعتبرت بورغمان أنّ "أفضل وصف قد ينطبق على (أمم)، أنها مؤسسة تعني بتاريخ العنف في لبنان والذاكرة الجماعية. عبر السنوات تمحور عملنا حول التاريخ السياسي والثقافي والاجتماعي للبنان. من ضمن ذلك مشاريع تتطرق إلى الاختفاء القسري، العدالة الانتقالية، اللاجئين والنزوح، السجون والنظم السجنية، وسائل التعذيب والتروما. انشغالنا بهذه المواضيع قادنا إلى مقاربة إقليمية أوسع و حاليا اهتمامنا ينصب حول كامل منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا بخاصة من خلال منتدى المَشرِق والمَغرِب للشؤون السجنيّة، وهو مشروع يتناول الديناميات السجنية من خلال البلدان المتواجدة في هذه المنطقة".
 
(مارك فياض)

وتابعت: "طبيعة عملنا يعبّر عنها بدقّة اسم المؤسسة (التوثيق). قادنا بحثنا وتتبعنا لمختلف الدلائل والمواد، إلى جمع هذا الأرشيف الذي هو دائماً قيد البناء و التوسع و يتناول من خلال عدة زوايا الذاكرة الجماعية للبنان التي هي مزيج متنوع العناصر. دائماً ما نشير إلى أنّ  أرشيفنا هو أرشيف المواطن، ممّا يعني أنه بوسع أيّ كان الاطلاع عليه، وهذا نابع من قناعتنا بأن للأرشيف أثر بالغ الأهمية في نسج علاقتنا بالماضي وكيفية التعامل معه ولفهم أعمق للحاضر، ولتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل".
 
وأضافت: "حضرات السفراء، أنا ألمانية منذ ولادتي وبما أن الجائزة ألمانية –فرنسية، اسمحوا لي بأن أحدثكم قليلاً عن ماضيّ الشخصي وعن هذه الشراكة. المصالحة ما بين فرنسا وألمانيا تمت بعد الحرب العالمية الثانية والهولوكست. لكنّني أظنّ أنّ الفضل في ذلك يعود إلى محاكمة نورنبرغ وكل المحاكمات الأخرى التي تلتها. أنا على اقتناع أن المصالحة بين هاتين الأمتين العظيمتين باتت ممكنة لسبب واحد وهو أن العدالة تحققت. أنتمي لجيل من الألمان وتبعاً لما عاشوه أيقنوا أن العودة إلى الماضي هي ضروة لبناء حاضر ومستقبل أفضل. وتلك قناعة تشاركتها ولقمان وكانت دائماً حاضرة ضمن عملنا في (أمم للتوثيق والأبحاث). أنا أيضاً لبنانية وهي جنسية استحصلت عليها لاحقاً، لكنّها تعزز هذا الانتماء الراسخ الذي أحسّ به تجاه بيروت لأنّ العدالة لم تتحقّق أبداً في لبنان ولم تجر محاسبة على أحداث الماضي أو الحاضر. نجد أنفسنا اليوم أمام طريق مسدود، ولا قدرة لنا على العبور نحو الحاضر ولا المستقبل. من دون العدالة، لبنان لن يستطيع أبدا أن يمضي قدماً نحو السلام".
 

وأردفت: "أقف اليوم بينكم لأقول بوضوح، ما نحتاج إليه و على نحوٍ ملحّ  يفوق كل حاجاتنا الأخرى، هو العدالة. العدالة لضحايا الإغتيالات السياسية. العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت. العدالة لضحايا الحرب الأهلية، بما فيهم عائلات المفقودين. العدالة للبنان. نحتاج العدالة لسوريا والعراق والكثير من البلدان في هذه المنطقة التي عانت ولم تزل تعاني من غير أن يتم اللجوء لأي إجراء يطمح لتحقيق العدالة أو الحساب. لكنّنا أيضاً نحتاج إلى العدالة في قضية اغتيال لقمان".

وأشارت بورغمان إلى أنّ "لقمان جرى خطفه في جنوب لبنان، في منطقة اليونفيل، وعلى وجه التحديد في المنطقة الفرنسية، على بعد أقل من كيلومتر واحد قرابة مدخل الثكنات العسكرية الرئيسية للكتبية الفرنسية في بلدة صريفا. اليوم و فيما أقف على أرض فرنسية، أطالب فرنسا بالمساهمة عبر منحنا المعلومات اللازمة للتعرف على قتلة لقمان ومحاكمتهم".

وتابعت: "أعي تماماً ما أطالب به، لكنني على ثقة بأن فرنسا التي لعبت دوراً أساسياً في بناء دولة القانون في لبنان الحديث تتطلّع لإنهاء عصر الإفلات من العقاب الذي نعيشه في هذا البلد. وحتى اليوم، يصعب عليّ العثور على الكلمات التي بوسعها التعبير عن حزني وانفعالي وفيما اقف هنا، لا تفارقني الذكرى و لا شعوري بالغضب. عمل (أمم) سيستمرّ من خلال توثيقنا للأرشيف ومتابعة مشاريعنا للحفاظ على الإرث الفكري للقمان وكي تبقى ذكراه حية".
 
وختمت: "في الوقت الحالي وبخاصّة من بعد تأسيس مؤسسة لقمان سليم، سنولي اهتماماً أكبر لموضوع الإغتيالات السياسية في لبنان وأيضاً في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. هذه الجائزة تمثّل دعماً مهماً لكل القضايا التي نحارب لأجلها".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم