الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

المحامون الذين ساهموا في صعود كارلوس غصن و... سقوطه!

رجل الأعمال كارلوس غصن (نبيل إسماعيل).
رجل الأعمال كارلوس غصن (نبيل إسماعيل).
A+ A-
نورا عامر
 
وكان لغصن، الذي أصبح قوة بارزة منذ ساعد في إنقاذ "نيسان" من الإفلاس عام 1999، الكثير من الأعداء.

ومنذ مطلع عام 2018، أطلقت حملة بقيادة نائب رئيس الشركة هاري ندا ومجموعة من الشخصيات المطلعة على المسألة، للإطاحة به، وفق ما كشفت وكالة "بلومبرغ" العام الماضي. وأثارت خطط غصن لدمج شركتي "نيسان" و"رينو" مخاوف هذه الشخصيات على مناصبها وعلى استقلالية الشركة اليابانية.

وكشف تحقيق أجرته "بلومبرغ"، بناء على المئات من الوثائق والمقابلات والشهادات من محاكمة غريغ كيلي، المسؤول التنفيذي السابق في "نيسان"، دور الشركة القانونية التي تتعامل مع شركة السيارات منذ ثمانينات القرن العشرين، في الكثير من المنعطفات الرئيسية.

ورغم تشديد باسي على التضارب في المصالح، بقيت "لاتام آند واتكينز" المستشار القانوني الأول لـ"نيسان"، التي تواجه دعاوى قضائية قدمها مساهمون وشركاء وموظفون سابقون في مختلف أنحاء العالم.

وتراجعت الضجة التي أثارتها قضية غصن، إلا أنها خلفت تبعات على الشركة، معيقة جهودها الرامية إلى استعادة ربحها والتعامل مع التغييرات التي تجتاح عالم السيارات.

تحقيق "قويّ"
وأعلنت المتحدثة باسم "نيسان" أزوسا موموز، أن تحقيق "لاتام آند واتكين" تجاه غصن وكيلي كان "قوياً وشاملاً ومناسباً"، وأن الكثير من الوكالات الحكومية دعمت نتائجه في "تحقيقاتها الشاملة والمستقلة". وأشارت إلى غياب أي تضارب في مصلحة الشركة القانونية، مؤكدة أن "نيسان" تبقى موكلتها الأولى والأخيرة.

وفي بيان اطلعت عليه "بلومبرغ"، أعلنت الشركة القانونية أنها ناقشت بانتظام مشاركتها في التحقيق الداخلي مع "نيسان" ومديريها التنفيذيين وموظفيها، ومنهم باسي، مؤكدة أنَّ جميعهم وافقوا على هذه الخطوة.

ونفت الشركة ظهور أي تحيز في التحقيق الداخلي، مشيرة إلى أن تحقيقات الكثير من الوكالات المستقلة وسلطات إنفاذ القانون في اليابان والولايات المتحدة توصل إلى الاستنتاجات عينها.

وفي آذار، أدلى الشريك في "لاتام آند واتكينز" في طوكيو هيروكي كوباياشي بشهادته في محاكمة كيلي. وقدم آخرون، ومنهم مايكل يوشي، شريك آخر في الشركة، استشارات لـ"نيسان"، بدءاً من عقدها مع شركة "رينو" إلى إنشاء الشركات الفرعية والعقود التجارية. وقال كوباياشي إن الشركة القانونية نصحت بتقديم تعويضات للمديرين.

كان ذلك عملاً قانونياً نموذجياً تقوم به شركة قانونية خارجية لعملائها من الشركات منذ فترة طويلة، إلا أن العلاقة بدت أكثر تعقيداً في الأشهر التي سبقت اعتقال غصن وكيلي.

ففي مطلع 2018، كان غصن يبحث عن طرق لاسترداد بعض الدخل الذي تخلى عنه طوعاً بعد أن شددت اليابان قواعد الإبلاغ عن مكافآت المديرين التنفيذيين عام 2010. وطُلب من الشركات الإفصاح عن رواتب المديرين التنفيذيين وكبار المسؤولين التي تفوق المعدل المقدر بـ100 مليون ين، أي ما يعادل 1,1مليون دولار.

وفي 3 تموز 2018، قدم كوباياشي لندا نصائح حول متطلبات الإفصاح عن الرواتب في اليابان، في حال سعت "نيسان" إلى دفع راتب غصن التقاعدي قبل تقاعده، وفقاً لرسالة الكترونية اطلعت عليها "بلومبرغ"، وقدم له المشورة حول إمكانية إعادة بيع عقارات غصن التي قدمتها له الشركة في البرازيل وفرنسا ولبنان.

وأبلغت الشركة القانونية ندا وكيلي أن موافقة المساهمين على دفع الرواتب التقاعدية لا تشترط إعادة الكشف عن تعويض المدير.

وقدمت الشركة المشورة المفصلة لندا، الذي سعى إلى الحصول على معلومات لاستخدامها ضد غصن، وفقاً لأشخاص على دراية بالمسألة والوثائق التي اطلعت عليها "بلومبرغ".

وأوضحت وثيقة داخلية أرسلت لندا تفاصيل حول تفسير السلطات اليابانية لتخلف "نيسان" عن سداد تعويض غصن بالكامل، مشيرة إلى احتمال فرض غرامات وعقوبات أخرى، تصل إلى سجن المسؤولين.

وأظهرت الوثيقة أن الشركة القانونية كانت تقدم توجيهات إلى ندا، حول إجراءات التعويض التي قد تتعارض مع قانون الأوراق المالية. وتظهر المستندات أن بعض التوجيهات أرسلت إلى البريد الإلكتروني الشخصي للأخير بدلاً من حساب الشركة.

وبعد الاعتقالات، قبلت الشركة القانونية تفويضاً رسمياً من الرئيس التنفيذي لشركة "نيسان" آنذاك هيروتو سايكاوا للتدقيق في الأمر. وأوكل الأخير الشركة القانونية بناء على نصيحة من ندا. ورفض سايكاوا، الذي غادر "نيسان" في أواخر عام 2019، التعليق على الأمر.

ووصل التقرير الذي نتج عن التحقيق إلى أكثر من 170 صفحة، وأمضى جيش من المحامين والمساعدين القانونيين للشركة القانونية في طوكيو ولوس أنجلس ساعات في غربلة رسائل البريد الإلكتروني لوضع جدول زمني لكيفية تحديد راتب غصن، والجهات التي اتخذت القرارات والتواريخ المحددة.

وأعلنت المتحدثة باسم غصن ليزلي جونغ إيزن ووتر أن التحقيق الداخلي الذي أجرته "نيسان" مع الشركة القانونية يشوبه تضارب مصالح وغير مستقل، مضيفة أن الشركة، التي كانت المستشارة الخارجية لـ"نيسان" منذ فترة طويلة، لم تكن جهة مستقلة لتقصي الحقائق، وقدمت المشورة القانونية في ما يتعلق بالمسائل التي كانت موضوع التحقيق.

ووصف جيمس ويرهام، محامي كيلي في الولايات المتحدة، الوضع بـ"الأكثر تضارباً على وجه الأرض" لتحقيق الشركة في استشاراتها الخاصة. وشدد على ضرورة تعيين مستشار مستقل لإعادة النظر في القضية، بما في ذلك دور ندا والمتآمرين الآخرين، ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، والمدعين اليابانيين.

تحذيرات أخرى
وحذرت ست شركات قانونية أخرى القسم القانوني في شركة السيارات، بقيادة باسي سابقاً، من المخاطر القانونية المحتملة وتضارب المصالح في حال استمرار مشاركة ندا و"لاتام آند واتكين" في القضية.

وفي كانون الثاني 2019، أعلنت شركة "ألين آند أوفري" أن شركة "لاتام آند واتكين" غير مستقلة، لأنها كانت متورطة في مسائل قيد التحقيق.

وكتبت شركة "كين، إيمانويل، أوركوهارت، آند ساليفان"، التي استعانت بها "رينو" للنظر في الظروف المحيطة بالاعتقالات أن الشركة القانونية كانت متورطة، ولفترة طويلة، في مسألة التعويضات، التي تشكل أساس التهم الموجهة إلى غصن.

وحذرت شركتا "كليري غوتليب ستين آند هاملتون" و"موري هامادا آند ماتسوموتو"، التي لجأ إليهما باسي لمراجعة التحقيق، من ضرورة إبقاء الشركة القانونية بعيدة عن الإجراءات القانونية والتحقيق الداخلي.

ورفض ممثل "كليري غوتليب ستين آند هاملتون" التعليق على المسألة. ولم يستجب ممثلو "ألين آند أوفري" و "كين إيمانويل" و"موري هامادا" لطلبات التعليق.

إلى ذلك، أعرب ميغومي يامامورو عن صدمته بمشاركة الشركة القانونية في التحقيق في قضية غصن وكيلي، في ظل التضارب في المصالح.

ومع حلول نهاية عام 2019، غادر محاميان الشركة القانونية في طوكيو، خوفاً من تبعات القضية على مسيرتهما المهنية.

وعندما تجد الشركات نفسها تحت ضغط لإجراء تحقيق داخلي، يتجه مجلس الإدارة إلى تعيين شركة قانونية خارجية غير مرتبطة بالشركة لإجراء التحقيق.


وهذا ما قامت به شركة "توشيبا" في وقت سابق من هذا العام، بعدما اتهمها المساهمون الناشطون بالتواطؤ مع الحكومة اليابانية لإحباط جهودهم لتعيين مديرين في مجلس الإدارة. وتم التوصل إلى نتائج مختلفة عن تلك التي جاء بها التحقيق الداخلي للشركة، وتبين أن الأخيرة قامت بتزوير التصويت على تعيينات مجلس الإدارة في اجتماع المساهمين.

وتعليقاً على قضية الصرف غير المشروع، أعلن باسي أن شركة "نيسان"، بقيادة ندا، أطلقت حملة من المراقبة والمضايقات لطرده.

وامتنعت "نيسان" عن التعليق على تصريحات الأخير.

وحذر باسي من أن استمرار مشاركة ندا والشركة القانونية بالتحقيق سيعرض "نيسان" للمخاطر، مؤكداً أن قدرة الأخيرة على الدفاع عن نفسها في المحاكمة ستكون مهددة.

وأنفقت نيسان مئات الملايين من الدولارات على التحقيقات والاستشارات المتعلقة بقضية غصن، في ما يفوق مبلغ 80 مليون دولار الذي يزعم أن الأخير قد أخفاه.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم