الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

إعلاميات يخضن السباق الانتخابيّ... واجب أم مواجهة؟

المصدر: "النهار"
ايسامار لطيف
ايسامار لطيف
الإعلاميات: ليال بو موسى، ريما نجيم وغادة وعيد (من اليمين إلى الشمال).
الإعلاميات: ليال بو موسى، ريما نجيم وغادة وعيد (من اليمين إلى الشمال).
A+ A-
تشهد انتخابات هذا العام "زخماً" إعلامياً غير مسبوق، تجلّت مشاهده منذ فتح باب الترشيحات، حيث تقدّم نحو 26 صحافيّا وصحافيّة لخوض غمار الاستحقاق المنتظر بعد ثورة 17 تشرين وتفجير مرفأ بيروت. فبعدما كانوا ينقلون صوت الناس عبر التلفزيونات والوسائل التقليدية، قرّروا الانتقال من "السلطة الرابعة" نحو "السلطة الأولى" أيّ السلطة التشريعيّة، ليكونوا بذلك صوت الناس من داخل المجلس و"معالجة المشاكل العالقة في الجوارير" على أرض الواقع عوضاً من اللجوء إلى "القضاء المسيّس والمرتهن للأحزاب".
 
وبغضّ النظر عن نتائج صناديق الاقتراع لا سيّما تلك التي تشهد توجهاً سياسياّ أو تبعية حزبية معيّنة، أكّد الصحافيون في لبنان اليوم أن رسالة المهنة لا تقتصر على الظهور التلفزيوني أو "البروباغندا" الشعبيّة وحسب، بل على جوهر المسؤولية الملقاة على عاتقهم والمعطاة من الشعب مباشرة الذي يختار أيّ إعلاميّ يُتابع ويصدّق. وبعيداً عن الكلام "الشاعريّ" الذي يُطلق في الاحتفالات والبرامج، يبقى الإعلام "عرّاب" السياسة في لبنان، كما الحال في العالم عموماً، وذلك ببساطة لأن هذه الوسيلة الممزوجة ما بين التقليديّ والرقميّ تنقل الحدث إلى المشاهد وتصوّب أفكاره أحياناً، حتّى أن أهل المجال أطلقوا على الصحافيين لقب "أصحاب المسدس كاتم الصوت". أي أنّهم يُصيبون أهدافهم بصمت دون الحاجة إلى استخدام العيار الناريّ، بل عن طريق الكلمة التي غالباً ما يكون وقعها أكثر تأثيراً وخطورة.
 
وفي حديث لـ"النهار" أكّدت بعض المرشحات أنّهنّ "وجدن في الانتخابات فرصة للدفع قدماً بأهدافهنّ وصرخات الشعب المثقل كاهله، منذ انتفاضة 17 تشرين حتّى اليوم في ظلّ ظروف قاهرة وصعبة".
 
 
الاقتراع الحلّ أم... "على لبنان السلام"
"إذا ابني غُلِط بدي ربّيه، بتمنّى العالم تشوف مين غُلط بحقّها وتنتخب على هيدا الأساس"، بهذه الكلمات وصفت المرشحة في دائرة المتن ريما نجيم في حديث لـ"النهار" واقع حال البلد اليوم، إذ اعتبرت أن "السّاسّة في لبنان اليوم لم يرحموا البلد وأوصلوه إلى هذا الدرك من الانحطاط، وبالتالي لا يجب التغاضي عن هذه الحقيقة في 15 أيّار تحت أيّ ظرف".
 
وتشرح نجيم في سياق الحديث مخاوفها من الاستحقاق النيابيّ، قائلة: "انشالله ما أُحبَط الأحد المقبل"، وذلك ردّاً على سؤال حول ما إذا كانت فعلاً تعتقد أن "الشعب استحق ما حصل له وأصبح أكثر وعياً على الصعيد الانتخابيّ أم ستُعاد كرّة اختيار الأشخاص ذاتهم مجدّداً؟".
 
وتُضيف: "إذا كانت الناس صادقة في ثورتها ووجعها فستختار من بإمكانه تحسين الأوضاع ومساعدة البلد على الوقوف على قدميه وأنا كلّي إيمان بأن شمس التغيير ستشرق قريباً لأنّ لبنان من أكثر البلدان حرّية في محيطنا ومن غير المنطقي أن نبقى "عميانا" طيلة العمر".
 
ماذا عن الثورة؟، تُؤكد نجيم أن الثورة غيّرت توجهاتها، معتبرةً أنّه "إذا تمّ انتخاب الطبقة ذاتها بعد كلّ هذا العناء وما مررنا به، فعلى لبنان السلام".
 
أمّا عن انتقالها من الإعلام إلى السياسة، تلفت إلى أنّها "لطالما دعمت وساندت المطالب الشعبيّة التي تمثلها، وهي كانت على اطّلاع دائم بآخر التطوّرات على الساحة السياسيّة، وبطبيعة الحال هذا الأمر لا يُخفى عن أهل المهنة الذين يشكلون ركناً أساسياً من الشقّ السياسيّ أيضاً"، موضحةً أنّه "ليس من الصعب أن يتحوّل الإعلامي نحو البيئة السياسيّة لا سيّما وإن مارسها لسنوات طويلة، ولكن يبقى الأساس كيفية تعاطيه مع القضايا العالقة التي كانت مهمته المحاسبة عليها، ليُصبح هو من سيُحاسب في حال فشل أو تقاعص".
 
واجب أم مواجهة؟
ومن بين المرشحات أيضاً ليال بو موسى التي قدّمت برامج تتعلّق بمحاربة الفساد لسنوات على شاشة "الجديد"، وهي تترشح في دائرة البترون، حيث يتوقع البعض أن تكون المنافسة "حامية" هناك. إذ تتنافس القوى السياسيّة الكبيرة التي تحظى بتأييد شعبيّ كبير، فماذا عن حظوظ المجتمع المدني أو المستقلين؟
 
أسئلةٌ كثيرة تدور في ذهن الناخب اليوم، فهل يستطيع الصحافيّ الانتقال من مركز الرقابة والمحاسبة نحو كرسيّ المسؤولية؟، ترى بو موسى أن "هذا الأمر ليس بعيداً عن الصحافي خصوصاً أنّه على تواصل يوميّ بأهل السلطة والمسؤولين وقضايا الشعب التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من يومياته المهنيّة حتّى في العطل. وأسفت لأن الظروف العامة في البلد لا تترك له خياراً آخر فيُصبح رغماً عنه على اطّلاع بالمشاكل كافة، فكيف الحال إذا كان هو أساساً معنياً بهذه المشكلات كسائر المواطنين؟ بنهاية المطاف الإعلاميّ أو الصحافيّ هو مواطن لبناني قبل أن يكتسب أيّ صفة أخرى، فإذا كان يحمل نهجاً تغييرياً وخطّة عمل، لمَ لا يأخذ فرصته؟".
 
"حضور الشباب الواعي والمستقل لافت في هذه الدورة وسيُحدث تغييراً، تؤكد بو موسى في حوار مع "النهار" حول أبرز النقاط التي شجّعتها للترشح مرّة أخرى، علماً أنّها ترشحت سابقاً في دورة 2018 ولم يحالفها الحظ حينها.
 
"أؤمن بأن الانتخابات واجب ومواجهة في آن معاً، وأنا شخصياً بدأت هذا الغمار في الـ2018 ولطالما حذّرت من الوصول إلى هذا الوضع، وأعتقد أنّه من المعيب التراجع الآن في حين أنّنا بتنا قريبين جداً من التغيير". وتُضيف: "الناس تُسمي البترون بـ"دائرة الرؤساء" ولكن هذا الأمر غير صحيح إذ أؤكّد لكم أن أبناء المنطقة يتوجهون نحو روحية الثورة بشكل أساسي لا سيما الشباب منهم".
 
ماذا عن الحضور النسائيّ؟ ترى بو موسى أن "الثورة لعبت دوراً بارزاً في تشجيع النساء على الترشح والتعبير عن آرائهنّ السياسيّة أكثر ممّا مضى"، مشدّدةً على أنّها ستستكمل نشاطها السياسيّ وتعاطيها في الشأن العام حتّى لو لم يُحالفها الحظ في الدورة المقبلة، لأن القضية ليست قضية كرسيّ أو "شوفة حال"، بل هي وليدة مثابرة وطنيّة طويلة خضناها وسنستمرّ مهما كانت النتائج".
 
نضال ثابت... وأرقام مشجعة
تقول الإعلاميّة غادة عيد التي اشتهرت بانخراطها في الشأن السياسيّ والاجتماعيّ على حد سواء منذ سنوات طويلة، دفاعاً عن حقوق المرأة والمواطن بالدرجة الأولى، في حديث لـ"النهار" إنّها "اختارت إعادة الترشح هذه السنة على الرغم من خسارتها في العام 2018 لأن رحلة النضال التي اختارتها وملفات الفساد التي كشفتها لم تلق صدى في القضاء، لذا كانت الرقابة التشريعيّة هدفي".
 
هذا وتُشير عيد إلى أن "أرقامها مشجعة لهذه الدورة وأن غالبية الشعب اليوم أصبح على يقين أن الطبقة الحالية لا تُحاكي تطلعاته، وبالتالي أثبتنا أن المرأة قادرة على تحقيق المستحيل وقلب المعادلة إذا تحلّت بالإرادة".
 
وتستطرد حديثها مستعرضةً بعض القضايا التي تناولتها في برامجها التلفزيونية لسنوات، والتي تتعلّق بالفساد الإداري في الدولة وملفات أخرى، وتقول: "أليست هذه الأمور التي يتناولها الصحافيّ مادة سياسية "دسمة"؟ ألسنا نحن من ننقل صوت الجمهور ونتابع الملفات العالقة أو المهملة لأسباب باتت معروفة؟... طيلة مسيرتي المهنية عرضت مئات القضايا التي لم تلقَ أيّ ردّ في المحاكم، فأعتقد أنّه حان الوقت لكي أنتقل أنا أو غيري من موقعنا كصانعي للخبر إلى محاسبي الفاسدين وملاحقيهم، حان الوقت لنطبّق دور الإعلام الرقابي وخبراتنا في المجلس النيابيّ، عندها فقط يمكننا أن نلعب الدورَين: المراقب والمحاسب في آن واحد".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم