السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

ما هكذا يترجّل الأبطال

المصدر: "النهار"
غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
الأبطال أيضاً يرحلون...
الأبطال أيضاً يرحلون...
A+ A-
لم تكن مرة في حياتك خائناً، ولا فاتراً، ولا متردّداً، ولا مساوماً على مواقفك. كنت بطلاً في الحرب والسلم، تشهد له الساحات. من القلائل الذين عرفوا كيف يخلعون عنهم الثياب الميليشيوية، على رغم قدسيتها في زمن القضايا الكبرى، قبل أن تمحى تلك الأخيرة، ليدخل الجميع في صراعات على فتات، وفي عملية البحث عن مواقع ومناصب فارغة من كل مضمون.
 
دخلت الحياة المدنية من بابها العريض، فلم تكن تتبجّح بماضٍ كنت فيه في الموقع المتقدم. تحوّلت الى الانسان الذي فيك، رافقت رفاق الأمس ولم تنسَ ذكرى الذين سقطوا. ربما تكون من الأفراد القلائل الذين ظلوا يتذكّرون الشهداء واحداً واحداً، وتنشر صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتصلّي لهم. والاهم، وهو ما لا يعرفه كثيرون، انك وقفت الى جانب عائلاتهم، بقدر ما استطعت، لتضمن عدم شعور هؤلاء بانهم متروكون لقدرهم، وبأنّ شهادة اقربائهم ذهبت سدىً. 
 
مساعيك الدائمة، وركضك اليومي، لمساعدة أحدهم مما علق به، أو إخراج آخر من توقيف احتياطي ظالم، او التوسّط لاحدهم في الجامعة والمدرسة، أو السعي لتوظيف ابنة شهيد، لم تكن اعمال توثق او تنشر في الإعلام، بل كنت تتبع قول المعلم "لا تعلم يسراك ما صنعت يمناك"، رغم قول السيد ايضاً "لا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميه الذين في البيت". 
 
مسعود الأشقر، انت الذي احببناه، كبيرنا وصغيرنا، خنتنا اليوم، لاننا كنا ننتظر ان تقوم مجدداً، وان نلتقيك مجدداً، وان نضحك مجدداً، وان نتبادل الشكوى مما آلت اليه اوضاع البلاد، والسياسة في بلادنا. مسعود، كنا نفضل ان نخطّط لصيف بكاسين، ومشغرة، ولكل الضحكات التي ترافقنا في لقاءاتنا، ولموعدنا الشهري من دون قهوة. لم نكن نتصور أن يترجّل البطل بهذه الطريقة، وان يتمكن منه وباء سخيف. لكن الحقيقة المرّة، أنّ الابطال ايضا يموتون، وأنّ لا استئذان في الموت. 
اذهب مسعود الى "حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهد، بل حياة لا نهاية لها" (وفق رتبة الجناز البيزنطي)، لأنّ السيد المسيح يدعوك و"جميع الذين سلكوا في هذه الحياة الطريق الضيقة الحرجة، وحملوا الصليب كالنير، وتبعوني بايمان، (ان) هلموا تمتعوا بما اعددته لكم من الجوائز والاكاليل السماوية". 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم