الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

"كان سراً"...تجربة مع المرض وقصة حياة وأكثر من رسالة

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
ميساء مع كتابها
ميساء مع كتابها
A+ A-

تكسر تجربة المرض للبعض، فيما تشكّل درساً لآخرين ليتابعوا حياتهم بمزيد من القوة والاندفاع والشغف. بالنسبة إلى ميساء رعد لم تكن مراحل المرض سهلة، وهي لا تزال تكافحه متسلّحة بإيمان وشجاعة وحبّ يحيطها به كلّ من حولها. في كتابها "كان سّراً"، أرادت أن تشارك كلّ امرأة تجربتها مع المرض وما تعلّمته منه. وأهمّ درس تودّ أن تنقله إلى النساء، هو ضرورة التعبير بحريّة عن كلّ مصدر إزعاج أو توتّر، وأن يتعاملن معه بالشكل الصحيح

لتخطّيه وتجنّب تداعياته

عندما أصيبت ميساء للمرّة الأولى بسرطان الثدي، كانت في سنّ الـ 22. صغر سنّها أخّر تشخيص مرضها لأنّ الإصابة بسرطان الثدي في هذه المرحلة العمرية لا تكون متوقّعة، ولا شائعة. لذلك انتشر المرض ضمن الثدي ما استدعى استئصاله كاملاً. طالت مدّة العلاج بعد الجراحة عامين للتخلّص تماماً من المرض.

بعد أن انتهت رحلتها مع العلاج تزوّجت ميساء وأنجبت ابناً اعتبرته معجزة، لكن شاء القدر أن تعود وتقع مجدّداً ضحية المرض بعد 10 سنوات من إصابتها الأولى، بعد أن ظنّت أنّها تخلّصت منه إلى الأبد، ويمكن أن تتابع حياتها بسعادة كأيّ شابة أخرى، وتؤسس عائلة.

"إصابتي مرّة ثانية كانت أكثر صعوبة من الأولى، لأنّني كنت قد أسّست عائلة وأنجبت طفلاً لا يزال صغيراً وعندي مسؤوليات. فبعكس ما يعتقد كثيرون، لم يأتِ التشخيص في المرّة الأولى قاسيًا كالمرة الثانية".

كان همّ ميساء الأساسّي حين شُخّص المرض لديها مرّة ثانية، وهو في المرحلة الرابعة، ألّا تؤذي طفلها البالغ من العمر 4 سنوات. أمّا الخوف الذي كان من الممكن أن تشعر به فقد تحوّل إلى قوّة خارقة دفعتها إلى محاربة المرض بشراسة من أجل ابنها. فقد أخذت عهداً على نفسها بألّا تترك ابنها مهما حصل وهو في هذا السنّ.

لم تترك اليأس يغلبها في أيّ لحظة، بل اتخذت قراراً بمكافحة المرض بكلّ قواها، لكنّها لا تنكر مرورها بلحظات صعبة حيث أنهكها التعب والإرهاق والألم بسبب صعوبة العلاج الملزمة بمتابعته طوال أيام حياتها، بهدف السيطرة على المرض ومنعه من التطوّر والانتشار إلى مواضع أكثر خطورة. أمّا طفلها فكان يعرف أنّها مريضة ويرى الآثار الجانبية لمرضها وعلاجها، وإن كانت تحرص دوماً على الحدّ من أيّ أذى نفسيّ يمكن أن يتعرّض له بسبب مرضها. في الوقت نفسه حرصت على أن تفسّر له عن المرض بما يناسب سنّه، خصوصًا أنّها فقدت أمّها بسبب إصابتها بسرطان الثدي عندما كانت طفلة، وتعرف حجم الألم والمعاناة لدى طفل يجهل سبب فقدانه أمّه.

مرحلة النضج في التعامل مع المرض

كانت ميساء تدرك أنّها ستضطّر إلى مواجهة المرض وتحمّل العلاج طوال حياتها، لذلك علمت جيّداً أنّها تحتاج إلى التسلّح بالشجاعة والقوة والإيمان لتواجهه. فتؤكّد في حديثها أنّها قرّرت ألّا تسمح للمرض والألم بالتحكم بحياتها، ولا بدّ لها من أن تتحكّم بالأمور ليكون المرض تحت سيطرتها. وما ساعدها في ذلك دعم زوجها وأهلها وأصدقائها المستمرّ، فتقول: "الإيجابية التي تعاطيت فيها مع المرض نابعة منّي ومن المحيطين بي. واجهت المرض بقوة ولم أتركه يهزمني أو يجعلني أنهار. حتى أنّ كثيرين كانوا يفاجؤون عندما يعرفون أنّي مريضة، لأنّ ذلك لم يكن يظهر عليّ أبداً".

تعاملها مع المرض مفروض عليها سنوات طويلة، فعلمت أنّ الحفاظ على جودة الحياة ضروريّ لها كما لكلّ مريض في مثل حالتها مضطرّ إلى محاربة المرض طوال حياته.

كتاب وتجربة حياة ورسالة إلى ابنها

منذ إصابتها بالسرطان في المرّة الأولى، أرادت ميساء أن تكتب كتباً عن قصّتها. أمّا في المرة الثانية، وبعد تحدّثها إلى مريضات يتلقّون العلاج مثلها، اكتشفت أنّهنّ عانَين من التوتر ومشكلات في الحياة، بجوانبَ مختلفةٍ قبيل الإصابة بالمرض.

وانطلاقاً من تجربتها الخاصة أدركت تأثير التوتر والضغط النفسي في زيادة خطر الإصابة بالمرض وأرادت أن تنقل رسالتها هذه إلى نساء أخريات. فتوجّهت في كتابها إلى كلّ شخص كي يدرك نعمة العيش، وإلى التعبير بحريّة عن أيّ مشكلة يمكن مواجهتها حتى لا تتحوّل إلى خطر يهدّد الصحّة والحياة، مع ضرورة التركيز على الحفاظ على جودة الحياة وعدم إفساح المجال للمرض للتأثير سلباً، فيما تشير إلى أهميّة الذكاء العاطفي في تعامل المحيطين مع أيّ مريض.

وفي رسالة مؤثرة تتوجّه فيها إلى ابنها الوحيد، تخبره عن حّبها الكبير له وعمّا تتمناه. "ما رأيته في عينَي ابني في يوم توقيع الكتاب سعادة لا توصف، شعرت من خلالها كأنّني عوّضته كلّ العذاب والألم الذي شعرت به من قبل".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم