الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

المستقبل الآن للبودكاست... الجائحة فرضت منصات جديدة للتعبير

المصدر: النهار
هديل كرنيب
هديل كرنيب
تعبيرية
تعبيرية
A+ A-

 

أدت عمليات الإغلاق العام التي أحدثتها جائحة كورونا في العامين الماضيين إلى ارتفاع الاستهلاك الرقمي للموسيقى والفيديو والألعاب الإلكترونية وغيرها من أشكال الترفيه عند الطلب. وفي منطقة الشرق الأوسط، يُعد "البودكاست" إحدى أبرز هذه الوسائط الرقمية التي تلقى رواجاً كبيراً حالياً.

 

اليوم، أصبحت المدونات الصوتية، أو ما يعرف بالبودكاست، وسلسلة التسجيلات الصوتية الرقمية التي يمكن الولوج إليها أو تحميلها للاستماع من خلال الهواتف الذكية، شائعة بشكل متزايد في العالم وفي المنطقة العربية على وجه التحديد، اذ تساعد هذه المنصات الناس على الاطلاع على كافة المواضيع بحرية تامة دون أي قيود متعلقة بالوقت.

 

وبحسب أحمد عصمت، استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي، فهذه المنصات ساعدت الأشخاص محبي التدوين وصناعة المحتوى على الاستسهال، أي عوضاً عن الكتابة وما يلاحقها من عوائق متعلقة بالأسلوب واللغة الممكنة، بات بإمكانهم الآن التعبير والحديث بطلاقة تامة، كما ان المستمعين يمكنهم الاستماع إلى المواضيع أو البرامج التي تجذبهم في أوضاع مختلفة على سبيل المثال: أثناء ممارسة الرياضة، القيادة، الدراسة، وفي الوقت الذي يناسبهم.

 

وعلى الرغم من أن البودكاست في المنطقة العربية وفي لبنان بالأخص لا يزال في بداية مشواره، إلا أنه يحقق نمواً، ويجذب نسب استماع جيدة، وهو الأمر الذي أكده مُعين جابر وميديا عازوري، مقدما بودكاست "سردة بعد العشا" وصاحبا الفكرة.

 

وبحسب عازوري، القادمة من عالم الراديو والتقديم الإذاعي، فالمستقبل الآن هو للبودكاست، وهذا هو السبب الرئيسي وراء فكرة "سردة"، في حين أن الشغف والإنتاج هو الذي دفع بجابر للدخول والتعاون مع عازوري وإلانطلاق في هذا البودكاست.

 

وبحسب المقدمين، فما يميز "سردة" عن غيره من المنصات الصوتية الأخرى هو إتاحته على منصات متعددة كـ "سبوتيفاي" و"ابل بودكاست" و"أنغامي"، كما انه متاح أيضاً على يوتيوب بطريقة "الصوت والصورة". لذا فهو يتوجه إلى جميع الجماهير من كافة الجنسيات والأعمار.

 

ويتمحور البودكاست الصوتي على المواضيع السياسية والتاريخية والاجتماعية التي تُعرّف بتاريخ لبنان وسياساته ، كما انه يطرح المواضيع الإنسانية التي تطال الجمهورين اللبناني والعربي. أما الضيوف فهم من جنسيات مختلفة يأتون لسرد تجاربهم وقصصهم التي تكون مصدر إلهام وتشكل رؤية مختلفة للجمهور.

 
 

إختلاف البودكاست عن وسائل الإعلام التقليدية

 

يختلف البودكاست عن العالمين المرئي والمسموع كالتلفزيون والراديو في أنه عالم رقمي بحت، أي أن الأشخاص الذين يرغبون بمتابعة البودكاست يمكنهم متابعته بحريتهم المطلقة، أثناء الطبخ، الركض، في المترو في السيارة "أينما كان وفي كل مكان"، فهو لا يتطلب تركيزاً بما إنه يعمل في الخلفية أثناء ممارسة النشاطات الروتينية.

 

اما العامل الأهم الذي يميز البودكاست فهو الوقت والمرونة. الوقت في عالم البودكاست مفتوح لا أفق له ولا قيود عليه كبرامج التلفزيون والراديو، حيث يمكن للمقدم التحدث لساعة، ساعتين او أكثر طبقاً للموضوع الذي يناقشه، كما يُمكن للمستمع الرجوع للبودكاست والإستماع اليه في الوقت الذي يناسبه، قبل النوم، أو بعد أسبوع، أو متى شاء.

 

من ناحية أخرى، يتميز البودكاست بالمؤثرات وطريقة التقديم، إلى جانب عدم خضوعه للرقابة كالبرامج الموجودة على وسائل الإعلام التقليدية، فوفقاً لمعين وميديا: "عالم السوشيال ميديا" لا رقابة عليه وبالتالي يمكن طرح جميع المواضيع على البودكاست حتى تلك التي تُعتبر "تابو" وبالتالي نحن في "سردة" نسعى دوماً لأن يكون الحديث تفاعلياً، أي نطرح مواضيع بلسان حال الجمهور ونقدم له الأجوبة التي يرغب بسماعها بطريقة سلسة تثقيفية وحيادية في آنٍ.

 

ويضيف ثنائي التقديم: "الجمهور اللبناني والعربي بات ناضجاً وبات يريد أن يعلم ما يحصل في كل مكان، لذا بات يلجأ للبودكاست. العلاقة مع الجمهور والتفاعل مع تعليقاتهم مهمة جداً وهو ما يفتقده إعلامنا التقليدي اليوم".

 

الاستثمار في هذا العالم

 

بشكل عام، تتزايد نسب الاستماع إلى البودكاست في العالم العربي، ما يخلق من سوقه فرصة للاستثمار، لكن وعلى الرغم من كونه فرصة واعدة، يوجد العديد من التحديات التي تواجه هذا النوع من المحتوى، أبرزها تحقيق دخل من إنتاج البودكاست، خاصة وان الإعلانات ما تزال خجولة على هذه المنصات في العالم العربي.

 

وفي الوقت الراهن، لا يُمكن إدخال عائد إلا من خلال بيع الخدمات، أي إنتاج برامج بودكاست لشركات ومؤسسات، أو الحصول على إعلانات من العلامات التجارية أو دعم وتمويل من شركات خاصة.

 

مستقبل البودكاست

 

البودكاست، لم يكن منتشراً قبل عام 2020 كما هو عليه اليوم  فخلال العام الماضي تم تسجيل 900 ألف بودكاست في العالم بأكثر من مئة لغة مختلفة، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف ما كان عليه عام 2019. ونشهد اليوم كل دقيقة واحدة إطلاق ملفيّ بودكاست جديدين حول العالم، كما ارتفعت عائدات الإعلانات بنسبة 15%.

 

وكما ذكرنا سابقاً، فالسبب الرئيسي بنمو هذه المنصات هو الحجر الصحي الذي فرضه الوباء، حيث أصبح للمتابعين على الانترنت الوقت الكافي للاستماع الى هذا النوع الإذاعي الجديد المتوفر تحت الطلب، في الوقت الذي تضاءلت فيه مساحة فرص اللقاءات الاجتماعية. يُضاف الى ذلك هجرة متابعي منصات التواصل الاجتماعي التقليدية الى محتوى يناسب اهتماماتهم وذوقهم، كما أن تطور الهواتف الذكية والأجهزة النقالة والتطبيقات الصوتية فيها قد سهّلت من عملية توزيع وبث المحتوى الصوتي تقنياً.

 

وحسب موقع شارتبل، لم يقتصر هذا النمو على استهلاك الصوت على الانترنت، فقد شهدت الكتب المسموعة أيضاً نمواً في العام الماضي مع زيادة بنسبة 21%مقارنة بعام 2019. ومع تزايد عدد الأشخاص المحجورين داخل منازلهم وبحثاً عن طرق جديدة في مجال الترفيه، ارتفعت الاشتراكات المدفوعة مثل سبوتيفاي وآبل ميوزك وغيرها بنسبة 24%.

 

وفي المحصلة، المرونة التي تتمتع بها منصات البودكاست هي التي ستفتح لها أفقاً كبيراً في المستقبل القريب، إنها ببساطة "راديو" على الطلب يُمكن تشغيله وإيقافه طبقاً للمزاج. وخير دليل على مستقبل هذه المنصات هو ما نلحظه اليوم من لجوء مؤسسات إعلامية عربية لبدء إنتاج برامج بودكاست، ليصبح السؤال القادم في الفترة القادمة "هل تستمع إلى برامج بودكاست؟" و"هل سمعت هذه الحلقة من هذا البرنامج؟".

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم