الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

كلّنا جاهلون

المصدر: النهار - راوية المصري
ما معنى الجاهليّة؟ وما الفرق بين الجاهليّة والجاهل؟
ما معنى الجاهليّة؟ وما الفرق بين الجاهليّة والجاهل؟
A+ A-
ما معنى الجاهليّة؟ وما الفرق بين الجاهليّة والجاهل؟
مصطلح الجاهلية هو حصراً ما كان عليه العرب قبل ظهور الإسلام. ويرتبط بالفترة ما بين مجيء الإسلام وقبل مجيئه.
وسمّيت الجاهلية من الناحية الدينية الإسلامية ولا تدلّ على الجهل الفكريّ والأدبي لأنّ العرب ما قبل الإسلام كانوا من أصحاب الحضارة.
لم يكن للعرب دولة كانوا يتنقلون على شكل قبائل، وكان لكلّ قبيلة شيخ ومستشارين يديرون شؤون القبيلة ولم يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، فكان هناك العبيد والأسياد.
اهتُمّ في العصر الجاهلي بالثقافة والأدب، فشعراء العصر الجاهليّ من أفضل المتمكّنين في قول الشعر، وكلّ قبيلة لها شعراؤها وخطباؤها يدافعون عنها في أوقات الحروب.
العادات والتقاليد من ميزات ذاك العصر الذي ورثوها عن أجدادهم، ومن العادات المذمومة: النهب والسلب ولعب القمار وشرب الخمر..
إذا صحّ التعبير يمكننا القول انّ العصر الجاهلي تطوّر فأصبح بربطة عنق أنيقة، وتعزّزت العصبية القبلية وتطور السلاح، وأصبح لكلّ قبيلة مئات الشيوخ والمستشارين، من دون تدبير شؤون القبيلة! وتغيّرت أسماء العبيد الى خدام منازل واتباع الأسياد، وقلّ الاهتمام بالثقافة والأدب فأصبح في عصرنا الحاليّ أكثر من نصف الأمة أمّي لا يقرأ ولا يكتب! وتحوّل الخطباء والأدباء من مدافعين عن القبيلة إلى مدافعين عن الفساد والظلم! وتحوّل الشيوخ الى مفتين للسلاطين.
العادات الموروثة والتقاليد البالية كانت وما زالت تحافظ على أصالتها ربّما لأنها لا تشكّل خطراً على الأسياد أو ربّما لمصلحة شيوخ القبيلة ومستشاريها...
أمّا الجهل نشأ مع أوّل إنسان على وجه الأرض، ورافق الإنسان طيلة حياته، لا زمان له ولا مكان!
فالجهل تهمة مجحفة أُطلقت على غير المتعلّم القراءة والكتابة دون سواه من الجهلة!
فالجاهل هو عديم المعرفة بالشيء!
والجهل يتفرع منه العديد من الصفات مثال....
المتكبّر جاهل بأخلاق التواضع..
البخيل جاهل بحسنات الانفاق.
المجرم جاهل بقيمة الحرية.
الكاذب جاهل بمتعة الصدق.
الحسود جاهل بنعمة العطاء.
الحاقد جاهل بنبل المسامحة.
الفاشل جاهل بنشوة النجاح.
الثرثار جاهل بوقار الصمت.
المتهوّر جاهل بلذّة الحياة.
الفاسد جاهل بمعنى الستر.
الغشّاش جاهل بمبدأ الأمانة.
التابع جاهل بمفهوم الوعي. واللائحة تطول...
عندما يعترف الإنسان بجهله بأمر ما، أو عدّة أمور هو إنسان عاقل يعرف حدوده ويحترم ذكاء الآخرين...
أمّا الكائن الغريب الذي يدّعي المعرفة بكلّ شيء ولم يفلح بشيء، فهو الغشيم والمدّعي وهذا الأخطر بينهم.. لا تفوته كبيرة أو صغيرة تراه يتدخّل ويناظر بكلّ شيء يفهم بالدين، السياسة، التاريخ، الجغرافية، الأدب، والشعر! ويتحوّل عند الضرورة الى طبيب، مهندس، معلّم، مفتٍ، محامٍ وأحياناً قد يتحوّل الى مشعوذ بارع بالوصفات السحرية التي تجلب الحبيب وتفكّ المربوط...
وما أكثرهم في عصرنا الجاهليّ الجديد...
يقول الشاعر عجاج المهتار
"أهون على كون أعمى العينتين...والابر والشوك فرشي ومضجعي...
وعي اللسان وأطرش الأذنين.. وعايف سماي وقرش سوري ما معي..
وكون أفصع من الأيدتين والاجرتين.. وفاقد صوابي وكل رشدي والوعي.
وعن بلادي بعيد ألف وفرسخين...ولا ابتلي بعشرة غشيم ومدّعي.."

العالم يعلم فقط بمهنته ويجهل الكثير من الأمور الأخرى فالنتيجة كلّنا جهلة بأمور ومبدعون في أمور أخرى.. فلا أحد يمكنه أن يدّعي المعرفة المطلقة...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم