الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

بَطَلٌ أم إنسان؟

المصدر: النهار - غريس عطيه
مُعظَمُ الرِجالِ في عالَمِنا العربيّ يَفتَخِرونَ برُجوليَّتِهم ويَلعَبونَ دورَ الذَكَرِ الحامي الرافعِ الرأس.
مُعظَمُ الرِجالِ في عالَمِنا العربيّ يَفتَخِرونَ برُجوليَّتِهم ويَلعَبونَ دورَ الذَكَرِ الحامي الرافعِ الرأس.
A+ A-
مُعظَمُ الرِجالِ في عالَمِنا العربيّ يَفتَخِرونَ برُجوليَّتِهم ويَلعَبونَ دورَ الذَكَرِ الحامي الرافعِ الرأس.
رَأيتُ رَجُلاً حقيقيّاً حانِياً رأسَه للمُشرَّدين والفُقراء والأُميّين مِنَ الأطفال ِالمَتروكين، المُهَمَّشين، الضائِعين، الحَزانى، المُتعَبين، كُهولٍ بأجسادِ أطفال.
هَذا هُوَ رَجُلٌ صالِحٌ، مثَّلَ الرُجوليَّةَ بالتَواضُعِ والمَحبَّة. رَجُلُ القَرنِ العِشرين. إنَّهُ المَثلُ في عالَمٍ صاخِبٍ يَركُضُ وراءَ مصالِحِهِ الشخصيَّةِ حتَّى الأنانِيَّة أحياناً.
مَن هُوَ يا تُرى؟
يَتَمَلَّكُكُمُ الفُضولَ أليسَ كَذَلِك؟
أهُوَ لبنانيٌّ؟ أيُمثِّل الدَّولَةَ اللبنانيَّة؟
لا بَل أفضَلُ من دَولَة. هو الحَنونُ، الرَحومُ على أبناءِ الوَطنِ بِجميعِ فِئاتِه. هو لُبنانُ الرِسالَة. هو تَحاوُرُ الثَقافات. هو عابِرُ الأديان. هو دينُ المَحبَّةِ المُطلَق. هو المَثَل. هو رَفيقُ الإنسانِ المَوجوع. هو الرَؤوفُ بالطِفلِ المَتروك. هو المادُّ يديه وفاتح ذراعيه للطفل المشرد المتروك لمصيره. هو نورٌ في قَلبِ الظُلمَةِ (الحَربُ الأهلِيَّة). هو مُعينُ ومعالِجُ الإنسانِ المَريض.
هو أعظَمُ من دَولَةٍ وأكبَرُ من إنسان. هو عالِمٌ في مَعرِفَةِ قَلبِ إلإنسان. هو مُبادَرَةُ إنسانٍ قَوِيّ. هو عَزيمةٌ لا تَخشى الخَطوَ خطّاً مُستَقيماً لا رُجوعَ عنه. هو هَجمَةُ الرَجُلِ الواحدِ على طَريقِ المَحَبَّة.
هو المُعلِّمُ، هو المُرشِدُ، هو الأبُ المُتَبَنّي، هو الأبُ الروحي. هو الأبُ الصادِقُ المُواليُ للحقّ. هو الدّاعيةُ لِحُقوقِ الطِّفل.
هو "دَربُ المَحَبَّةِ الشاقّ" والفَرح في آنٍ معاً. "هو دَربُ الكمال". هو رَجاءُ الأطفالِ في اليأس. هو مُؤهِّلُ ومُحيي الحُلمَ في قَلبِ الطِفل.
هوَ الَزبَّال، هو الفَرَّان، هو الدُكتور، هو المُتَصَوِّف، هو المُسلِمُ المَسيحيّ، هو التَطَّوُرُ الإنسانيّ، هو خادِمُ الفُقَراءِ والمَرضى. هو مؤسِّسُ مُستوصفاتٍ مجَّانِيَّةٍ للعِنايَةِ بالمَريض. هو مُؤّسسُ بيتِ العِنايَةِ الإلَهيَّةِ للأطفالِ المُشَرَّدين. هو خادِمُ كُلِّ المناطقِ اللبنانيَّة. هو مُوَحِّدُ المَحَبَّةِ بأشكالِها المُختَلِفَة.
اليومَ، أرى المُشَرَّدين على الطريقِ وأُرَدِّدُ وأقولُ : لا يا عفيفٌ أنتَ أعظَمُ من دَولَةٍ وأكبَرُ مِن إنسان، بَل أنتَ تُمَثِّل الإنسانيّةَ: "لَبَّيكَ يا رب!"
أنتَ عَفيفُ، أنتَ عُسَيرانُ، عَسَى أن نَتَمَثَّلَ بِكَ، وَكَم نَحنُ بِحاجَةٍ إليك!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم