الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ردع العاقل بمفاهيم المتعاقل

المصدر: النهار - يوسف علي يوسف – العراق
مشكلة الغباء المستشري لم تأتِ من فراغ،
مشكلة الغباء المستشري لم تأتِ من فراغ،
A+ A-
مشكلة الغباء المستشري لم تأتِ من فراغ، والقصد هنا ليس الجهات التي تعمل بطريقة ممنهجة مدروسة (أي بقصد)، بل أقصد الأفراد الذين كانوا أحد أفظع أسباب جهل وفشل المجتمع، هؤلاء الأفراد يظنون في أنفسهم ظن الفاهم الذكي، وخلقوا حول أنفسهم هالة المعرفة والرقي العلمي، إلا أن واقعهم لا يصل إلى أبعد من سطرين في المعرفة في أحسن أحوالهم.
أصبحت هذه الثلة من الأفراد الجُهّل المتذاكين تشع غباءً في محيطها إلى أن توسع هذا الإشعاع إلى اتجاهات أوسع، والمصيبة أن هناك فئة ليست بقليلة تعتقد بمنطق هؤلاء الأغبياء من شدة الغباء الذي تعيش فيه هذه الفئة، فتجدهم يدافعون عن رأي هذا المتذاكي كما يدافعون عن معتقداتهم. ويعود سبب وجود هذا المتذاكي الغبي والفئة التي تؤمن بأهليته هو الجهل الذي التهم ثلثي المجتمع.
فتكون المعادلة الاجتماعية بسيطة ومفهومة للعقلاء وعويصة جدًا على أصحاب العقول البسيطة. لا نقول عويصة على الجهلاء فالجاهل لا يفهم ولا يعقل في أي حال من الأحوال. إن المعادلة باختصار تكون:
بيئة خصبة لنمو الجهل تحتوي على الكثير من الجُهّل يسيطر عليهم جاهل يتصنع المعرفة، فنتائج هذا المزيج معروفة وهي أن هذا المتصنّع للمعرفة مسلح بالكثير من الأفكار الغبية التي ينقلها إلى هذه الفئة المتهالكة فكريًا فتصبح الفكرة الغبية التي تخرج من فم هذا الفرد المتذاكي إلى عقول هؤلاء تساوي بالقيمة المعرفية والعلمية المعجزة التي لطالما تمنوا أن يعرفوها فيتمسكون بها تمسك العادات والمعتقدات، أي لا تهاون فيها، وبذلك تصبح هذه الأفكار سلاح شريحة كبيرة من المجتمع، وهذه الشريحة لا تتوانى عن الدفاع عن أفكار مفكرهم الغبي بأي ثمن من الأثمان.
لذلك إن هؤلاء الأفراد المتصنعي المعرفة سمّموا المجتمع من غير قصد. ومع مرور الوقت وجدوا هذا المجتمع يرفعهم رفعة العالم الحقيقي والعارف الجدير، وركنوا العالم الحقيقي وقلدوه وسام الغائب، لذلك اضطر هذا المتصنع أن يسمّم المجتمع عن قصد، فبات المتذاكي المتصنّع أمام مفترق طرق؛ إما أن يكمل الطريق ويبقي المجتمع على غفلته أو يتراجع عن هذا الطريق خشية الوقوع به، إلا أن الجميع يعرف وأقصد العقلاء أن هذا المتصنّع سيبقى عالماً في أذهان هؤلاء الأغبياء لأجيال، ومع مرور الزمن يصبح هذا الشخص هو صاحب القرار القطعي في مصائر هذه الفئة كونه "عالم" ويؤمنون بعلمه.
إن أعظم مشكلة سقطت على رؤوس العرب هي أن تتقبل آراء العلماء مهما كان نوعها وأبعادها دون نقاش ودون بحث وتقصٍّ، هذا من باب، ومن باب آخر دون البحث عن أهلية هذا العالم، وحتى إن كان هذا العالم مؤهلاً ومتفقهاً بالفعل، إلا أن موضوع ألا تبحث عن عالم أو عن صاحب قرار مع مرور الزمن، سيتجه هذا بالمجتمع إلى هاوية الجهل لأن المجتمع لا يبحث ووضع كل أموره بيد فئة العلماء وهم من يقع عليهم البحث والتقصّي وطرح النتائج. وبهذا ستصبح فئة قليلة جدًا تبحث وفئة كبيرة جدًا تنتظر نتائج الفئة الأولى فينتج عن ذلك تقاعس وخمول والتقاعس والخمول ينتج عنه جهل، هذا إذا كان الباحث هو عالم حقيقي وتنتج عنه آراء علمية صائبة، فكيف إذا كان هذا العالم هو عالم مزيف لا يفهم ولا يفقه شيئاً كما أشرنا في أول الأمر فكيف تكون نتائجه.
هذا ما نعنيه بأصحاب الهالات الواسعة الذين ازدادوا في الآونة الأخيرة وزاحموا غيرهم على أماكن وسمعة هم غير جديرين بها، فازداد جهل المجتمع أضعافاً مضاعفة، والأدهى من هذا العالم المتذاكي هو الذي يتشبّه بعالم دين، فهذه مشكلة أعظم وأدهى وأكبر. فهنا نقع في مسألة ذات أبعاد عقائدية تفتدى لها الأرواح وما هي إلا تعاليم تخرج من رجل لا يعرف بالدين إلا البديهيات.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم