السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الجحيم الّذي يعيش

المصدر: النهار - غادة المرّ
ذاك المساء.. بعلبك، مدينة الشّمس، من معبد باخوس، إبداع وميض أمل وفرح عبرَت حدود الوطن إلى العالم
ذاك المساء.. بعلبك، مدينة الشّمس، من معبد باخوس، إبداع وميض أمل وفرح عبرَت حدود الوطن إلى العالم
A+ A-
ذاك المساء..
بعلبك، مدينة الشّمس، من معبد باخوس، إبداع وميض أمل وفرح عبرَت حدود الوطن إلى العالم، فأنارت جحيم ليل وطن يرزح تحت عجلات حاضر بائس ومظلم.
طغى حضور بيتهوفن، جبران خليل جبران، فيروز، الرّحابنة، وسحر وروعة أنامل مبدعة، وصوت وكلمات وعزف الفرقة الموسيقيّة اللّبنانيّة بقيادة المايسترو هاروت فازيليان، عمالقة الإبداعِ العالميِّ والّلبنانيِّ.
ذاك المساء..
صدحت موسيقى الحياة وأطيافها في عروقنا وأرواحنا وأيقظت ذاكرة وحنيناً لا يهدأ،
وفاض سيل من الصّور والعزّ والأمجاد، لحقبة ذهبيّة ولّت وما زالت تعيش في وجداننا.
برزت صورة لبنان، حضارته، ثقافته وأمجاده، الّتي أمعنوا في تهشيمها وتشويه معالمها وطمسها،
فطغت على هدير صوت الجّوع والوجع والحقد والذّل والحرمان.
لا تطفئوا أنوار مدينة الشّمس كي لا ينطفئ الحلم والأمل والحنين في قلوبنا الموجوعة والدّامية.
أطفئوا بيوت السّياسيّين وحكّامنا الفاسدين المستبدّين، وأضيئوا بيوت النّاس المقهورة.
أشعلوا أنوار قلعة بعلبك وصور وصيدا وجبيل وطرابلس وعنجر وردّوا الرّوح لساكنيها.
ذاك المساء..
وقفت مدينة الشّمس شامخة، وعبرَت الوجدان والحواسّ لشعب ترعرع على روعة الإبداع والموسيقى والفنِّ الراقي وثقافة الحياة والانفتاح والحرّية.
ذاك المساء..
كان الصّمت والخشوع والدّموع والغصة أبلغ صلاة جماعيّة صامتة.
أأبكيك يا وطني أم تبكيني؟
حين يبكي الرّجال في وطني، وينتحرون..
فلتحلَّ عليكم لعنة ساكن السماء ولتدوسكم عجلات مزبلة التاريخ.
الجحيم الّذي يعيش فيه كلّ شياطين الأرض.. هو وطني لبنان.
عذراً منكم يا أولادي. لم أستطع أن أُهديكم وطناً على مساحة أحلامكم وطموحاتكم، تعيشون فيه بكرامة وحريّة وحضارة، تتمتّعون بكامل حقوق الإنسان والمواطن وتبنون فيه حياة كريمة،
مريحة ومستقبلاً واعداً لكم ولأولادكم.
أن تتمنّى حصول السيِّئ خوفاً من الأسوأ والأسوأ.. هو أسوأ ما يمكن أن يحصل لك.
شياطين الطّبقة السّياسيّة في لبنان، سرقوا.. نهبوا.. وجعلوا من الوطن جهنَّم. قتلوا أحلامنا وبعثروا جنى عمرنا ونهبوا ثروات وخيرات الوطن، ودفعوا فلذات أكبادنا للهجرة سعياً وراء أحلامهم ولقمة عيشهم وحقوقهم كبشر.
إنّهم شياطين وطني..
غيّروا وجهه، طمسوا حضارته وفصّلوا الحياة فيه على مقاس فسادهم وصفقاتهم وأجنداتهم الخارجيّة وجعلوه جحيماً فيه يرقصون رقصة الموت والانتحار البطيء.
ذاك المساء..
لبنان رقص زهواً بألون قوس قُزَح في قلوبنا وعيوننا.
ذاك المساء..
حين صمتتِ الموسيقى وأنطفأتِ الأنوارُ، لم يكن وداعاً.. كان اختناقاً وموتاً بطيئاً
للحلم والحياة فينا.
ذاك المساء..كان لبنان، لبناننا نحن، هناك..
وعاد الحلم والأمل ينبض فينا.
ِ


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم