السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

صارو مية... ونحنُ ما زلنا تائهين في بحثٍ عن هوية

المصدر: "النهار"
بحث عن هوية (تصوير نبيل إسماعيل).
بحث عن هوية (تصوير نبيل إسماعيل).
A+ A-
*رنا الحجيري 
 
صارو مية، ونحن ما زلنا من هاوية إلى آخرى تتقاذفنا المحاور والمهالك،
بين المطرقةِ والسندان، نتأرجح بين الأقدار والأهواء.
 
صارو مية، ما في ثقة، في دولة تأكل مفهوم الحوكمة والمؤسسات فيها، فأصبحَ بندًا نزّينُ فيه التقارير ونُلوّن الوعود المارقة والخطط الواهية.
 
تصدح الأكاذيب، "الكل، النص أو زايد واحد". وتدق الطبول لمحاربةِ الفساد، والكل في استعراضٍ مَهيب، يتخلله طمَعٌ مُعيب، بينما المصالحُ والصفقات، المطامعُ والأجندات، هي هي .
 
صارو مية، والأجهزة الساهرة والقادة السارقة في تخبط، وما بين هذا وذاك، وحاني وماني، أيُّ جهازٍ وأيُّ رأسٍ أو رأي أو صولجان. وإن هناك من مية، فال ١٠٠٪، فشلٌ فشلٌ والمصابُ جللٌ!
 
والأهم، في حفلة تقاذف الفشل، مَن نحن؟ ممانعة أو محاصرة؟ فمية مية للفشل؟
 
صارو مية ولم نستطع بناء دولة، ولا اقتصاد حر فعلي، ولا منظومةٍ حقوقية تعطي عدالة اجتماعية وأماناً مجتمعياً، بل في المية، نعلنها قبلية، طائفية، حزبية، فئوية، منفعية.
 
حتى أضحينا في بحثٍ عبر الخرافات والمهاترات، وفي حركة الكواكب والمجرات، لعلها تُطلعنا على بختنا، على طالعٍ يعلنُ انتصارنا ما بين سيل من انتصاراتنا الوهمية.
 
 
صارو مية عن عبقرية، عن مسرحية. أوهمونا بألّا نصنع إلا لبنانياً،بأننا في ماليات العالمِ الحر خارج المألوف!
نحن المعجزة في ميزان المصروفات على أسسٍ خمسية وسداسية وما ورائية، واكتشفنا بعدها أن الافلاس طريقنا وأننا بصناعة لبنانية في مؤشرات الفساد العالمي، نحن في الطليعة.
 
وفي بصيرة، وبينما صارو مية،
وافتنا المنّية على أبواب المستشفيات أو في مزاريب المحسوبية. 
 
صارو مية، وحتى في أحوالنا الشخصية ما زالت تحتضر قوانين الطوائف وتُشرّع ذكورياً وليس حقوقياً،
فلم تجمعنا الهوية على قانونٍ واحد وناموسٍ واحد ووطنٍ واحد.
 
أضعنا الهوية، وما زلنا ننادي وتحاصرنا الكوارث.
 
يا مية سنة،
 
لا تغادري، لا تستسلمي لأجلنا، لذاك الفضاء الذي صدحت فيه التعددية، وتغنت فيه فسيفساء الالوان والتمازج... أسَقط
كما سقطت أضحوكة الديمقراطية التوافقية؟!
 
في الميه، ما زال بداخلي صوت يصدح، بيروت خيمتنا، بيروت نجمتنا، لا لن نترك الخندق حتى يمر الليل دائم الثورةِ يا قلبي، ويتمتم
 
مرات عدة: بيروت لا تموت... ثورة، قلبي، قومي قومي من تحتِ الردم.
 
صارو مية
ثورة مية على البقيِّة...
صارو مية...
 
* خبيرة التنمية المستدامة والتعاون الدولي في المنطقة العربية وآسيا الوسطى وأوروبا
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم