الأحد - 05 أيار 2024

إعلان

"تصفير" المشكلات لمدّ جسور العلاقات البينية العربية

المصدر: "النهار"
أعلام البلدان العربية (أرشيفية).
أعلام البلدان العربية (أرشيفية).
A+ A-
د. ماجد بن عبد العزيز التركي 
 
اشتغلت الأمّة العربية، أو أُشغلت، بخلافات بينية، وأغرقت شعوبَها في تفاصيلها، فغاب الوعيُ الجمعيُ عما يُدبّرُ لها. وتسارعت وتائرُ التحولات المتناقضة، وتزامن مع ذلك إسقاطٌ للرموز وتجفيفٌ للساحة من أصحاب الرأي النابهين.
 
فقد يكون من متطلبات المرحلة العربية الراهنة، تجنّباً لمزيد من التصعيد العربي البيني، العمل على مسارات عدّة:
 
أوّلها: اعتماد مشروع "تصفير" المشكلات والخلافات الحكومية العربية، بالرغم من أنّها ثقيلة على النفس، بما فيها من نتوءات ومواقف لا تُستساغ، علقاً ولا منطقاً، ولكنّها من متطلبات المرحلة العربية الراهنة؛ لتجاوز مستقبل أسوأ.
 
ثانياً: تأتي الخطوات التفاعلية الإيجابية شعبياً، حتى ننتهي إلى انفراجات عربية عربية، وعربية إقليمية، فنمسك بزمام المبادرة العربية لتحقيق انفراجات عربية دولية.
 
أمامنا ملفات عدّة ساخنة، تستلزم قرارات صارمة، وإن كانت مؤلمة:
 
1. الملفّ الليبي: فهو ملفّ غامض رغم أنّ كامل معطياته محليّة، بغضّ النظر عن التدخلات الخارجية، التي حدثت بعد "عبث الناتو عسكرياً"، استناداً إلى قرار مجلس الأمن وفق البند/7، ونراقب حالياً سعياً روسياً حثيثاً لإنهاء الأزمة سلمياً، من خلال الضغط على الأطراف، وتحييد المناوئين.
 
2. الملف السوري: وهو ملف جريح يدمي القلب، صنّاع العبثية فيه "النظام السوري وأركانه" متكأين على مسار طائفي "شيعي/علوي" وإن أفضى إلى تغيير ديموغرافي "إثني" فارسي، وكردي، ويهودي... فقد وصل الملف السوري إلى حدّ يجب أن يتوقف عنده، قبل أن نفقد سوريا بالكلية، ونراقب تأسيس كيان عرقي/طائفي في قلب العمق العربي الذي يمثله تاريخ الشام، ولن تنحصر تداعياته على العمق السوري، بل ستنتقل عدواه من خلال التشظي بعيد المدى.
 
3. الملف اللبناني: مسألة مبنية على اختطاف مؤسسات الدولة، وارتهان سيادة الدولة لحزب "نشاز" فكراً وسلوكاً ومنهجاً، له مغذيات دولية "فرنسية" ومحركات إقليمية "إيرانية" تبقى مسألة خروج لبنان من أزمته مرتهنة لعدة ملفات، من الصعوبة تجاوزها او مجرّد أن يتجاهلها اللبنانيون ولو مرحلياً، وهي: (المحاصصة، اغتيال الحريري، الولاءات الخارجية).
 
4. الملف اليمني: رغم أنّه انقلاب عسكري على "شرعية وطنية" مستندة على قرارات أممية، إلّا أنّ المجتمع الدولي يراقب بتراخٍ، والمحيط الإقليمي يتحرك بحسب مصالحه الثنائية، وبدأ في التعامل مع هذا الملف وفق "معطيات الواقع" في تجاهل للبدايات والمقدمات وتسلسل الأحداث، وكأن ما يتجه إليه العمل بمثابة "مكافأة الانقلابيين".
 
5. الملف العراقي: بدون أدنى مبالغة، العراق بوابة الأزمات لدول المنطقة، فقد كان الحاضنة للحضور الدولي "الأميركي – البريطاني" للتغير الاستراتيجي في المنطقة، ثم تحول إلى المعبر للمشروع "الإيراني الطائفي" للتغلغل في المنطقة العربية، وتمّ التأسيس لكيانات وولاءات طائفية مركزها العراق، ومحاور عملها في مناطق النفوذ العربية المستهدفة من قبل نظام الملالي الإيراني.
 
نلحظ أن القاسم المشترك في هذه الملفات (إيران وأذرعها الطائفية الإرهابية)، عدا ليبيا "فإيران لا تزال مستترة هناك، وغير ظاهرة "وإن كانت حاضرة.
 
يتزامن مع هذه المشاهد العربية "الجمعية والقطرية" أصوات إعلامية نشاز ملأت الفضاء ضجيجاً في ساحة الخلافات العربية، فتصدر المشهد العربي من لا خلاق لهم، ففقدت الأمة أخلاقها فيما بينها، وتغافلت عن ملامح مستقبلها الذي يعبث به الطائفيون.
 
هذا الواقع العربي المتردّي يستلزم حراكاً عربياً حازماً، يجتمع فيه الرأي السياسي "بكامل مكوناته" والقوى الوطنية "بمختلف اتجاهاتها" والمغذيات الشعبية "بجميع أدواتها" لاستجماع أدوات القوة، والعمل بقوة في مسارات:
 
-التحييد للقوى الطائفية، ومكوناتها وأدواتها.
 
-إسقاط الولاءات "الطائفية" المنتمية خارج المساحة العربية.
 
-الردع بحزم "سياسي وعسكري ومنهجي".
 
نتطلع لمشروع عربي متكامل لإزالة الألغام الطائفية، وتجفيف منابعها.
 
 
*رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية- الروسية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم