الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

السلام الخليجي مع إسرائيل والرخاء الاقتصادي المنشود!

البيت الأبيض.
البيت الأبيض.
A+ A-
حمزة عليان



ليس مستبعداً أن تتولى حكومة بنيامين نتنياهو ملف المصالحة الخليجية وفق معلومات ديبلوماسية تتداولها الأوساط الأميركية! وليس مستبعدا أن تدخل إسرائيل كطرف تستفيد من عائدات النفط الخليجية لتجني "ثمار السلام" الذي تروج له...
سقوط المحرمات العربية التي سادت على مدى قرون ستنتج "شرق أوسط جديد" أكثر إزدهاراً وإستقراراً. هذا ما يتم التسويق له، بعد ما دخلت المنطقة في مرحلة "السلام الإسرائيلي".
عناوين المهمة القادمة لا تحتاج إلى تفسير "الاقتصاد مقابل الاقتصاد" وثمار السلام قائمة على تبادل منافع الإستثمارات بالدرجة الأولى، فتل أبيب تتهيأ للإستفادة من أموال النفط الخليجية وتوظيفها بتحريك عجلة الإقتصاد وتحديث البنى التحتية في مرافقها العامة، كما حال التجارة والسياحة، في مقابل تصدير خبراتها في مجالات الصحة والزراعة والأمن وحماية البيئة إلى الدول التي وقعت إتفاقات معها... فهي الأكثر تفوقاً ولديها إمكانات تكنولوجية متقدمة جداُ بالصناعات الإلكترونية والعسكرية في إستطاعتها أن تملأ الفراغ الذي تفتش عنه دول المنطقة وهي في سبيلها إلى الأخذ بدور الوكيل (نيابة عن أميركا).
لم يعد السلام مرتبطاً بوجوب حل الصراع مع الفلسطينيين، فبعد ثمانية حروب إنتهى الحال بالعرب بقبول الأمر الواقع والدخول في العصر الإسرائيلي.
لندع الكلام عن السلام جانباً ونضع المقاربة في صورة أخرى نتجاوز فيها ما إنتهى إليه الباحث الأميركي أنطوني كوردسمان في دراسته حول التحولات الكبرى في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي وتفشي وباء "الغزو الكوروني" من أن معظم دول الشرق الأوسط تندرج في فئة الدول الفاشلة لأسباب تتجاوز الخطر الإيراني والتطرف ومنها مصر وإسرائيل وتركيا وإيران، فهذه الدول فشلت في تقدم كاف في الإصلاحات المدنية والاقتصادية ومكافحة الفساد وقلة الكفاءة في السياسات الوطنية والحوكمة.
وبالعودة إلى التجربة المصرية في السلام مع إسرائيل نعيد طرح السؤال الآن، هل حقق الرخاء الاقتصادي المنشود؟
نعلم أن مصر والأردن كانتا في حالة حرب وخاضتا مواجهات عسكرية دامية، إستنزفت مواردها بشراء الأسلحة والتي كانت على حساب التنمية والتعليم والصحة ومستوى الخدمات للشعبين المصري والأردني؟
إستغل أنور السادات إحساس المصريين بالظلم تجاه الأثرياء العرب والفلسطينيين وإحباطهم الناتج عن كم التضحيات الكبيرة التي قدموها نيابة عن الفلسطينيين والعرب كذلك. السادات كان يريد أن يذكره التاريخ بأنه الرجل الذي عمل على تحسين مستوى حياة الشعب المصري! والتحدي الأكبر الذي واجهه بعد عقد الصلح مع إسرائيل عام 1979 كان يتمثل بإثبات أن السلام حقيقي وأنه سيجلب المنافع الاقتصادية لشعبه وأنه سيسمح لمصر بالتركيز على التنمية الاقتصادية، وستكون القاهرة قادرة على الإستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مجال الزراعة الصحراوية؟ وأنه سيخفض عبء الإنفاق العسكري وبالتالي يعطيها الفرصة لتمويل مواردها لبناء اقتصاد مدني.
جوهر الكلام، إذا لم يكن هناك تحسن في الظروف الاقتصادية والمعيشية، فماذا سيعني السلام عندئذ؟
أنصار السلام يبرزون الفوائد التي جنتها مصر من وراء ذلك.
وبحسب دراسة لمدير مشروع السلام في الشرق الأوسط بمعهد واشنطن ديفيد ماكوفسكي، يعدد تلك الفوائد بأن مصر إستعادت سيناء من دون قتال وضحايا، وكانت آخر الحروب، وحصلت على مساعدات أميركية جراء السلام بواقع 2.1 مليار دولار سنوياً كمنح لا ترد وبلغت حوالى 69 مليار دولار من عام 1979 إلى عاام 2011 يذهب منها 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية والباقي إلى الاقتصاد.
باعت مصر كميات من النفط إلى إسرائيل وزودتها بـ 40% من إحتياجاتها من الغاز وبما يعادل ملياري دولار سنوياً، ونالت دعماً تجارياً عن طريق ما يعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة وبالشراكة مع إسرائيل والأردن بتصدير السلع إلى السوق الأميركية، ما عزز حجم الصادارات إلى الخارج وبنسبة ضئيلة من الجمارك.
نقطة مهمة يضعونها في خانة الفوائد وهي أن 43 مليار دولار من ديون مصر تم إسقاطها بعد مشاركتها في حرب تحرير الكويت عام 1991.
معارضو السلام يدفعون بتلك الحجج ويبرزون أخطارها على الشكل التالي: لقد تضاعفت ديون مصر عشرات المرات بدلا من تخفيضها، فبعد توقيع معاهدة الصلح عام 1979 زادت 8 أضعاف ووصلت إلى 22 مليار دولار وإنتهت في العام 2019 إلى نحو 98 مليار دولار؟ وفي نهاية عهد الرئيس حسني مبارك كانت تساوي 84% من الناتج المحلي الإجمالي.
صحيح أن الإنفاق العسكري تقلص من 20% عام 1976 نسبة إلى الناتج المحلي ووصل إلى 2% عام 2009، أي بحدود 3.8 مليارات دولار، لكن ميزانية القوات المسلحة بين 2019 و2020 لم تزد سنوياً عن 4 مليارات دولار، وبالتالي كانت أفقر دولة بالإنفاق العسكري مقارنة بإسرائيل وتركيا وإيران! وهذا ما أدى إلى تهميش وإضعاف الجيش وعدم قدرته على تهديد إسرائيل والتي تعهدت لها أميركا بالتفوق عسكرياً على كل دول المنطقة العربية. وكان هذا الثمن مقابل الحصول على مساعدات أميركية...
إعلامي لبناني مقيم في الكويت
[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم