الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

كيف تحوّلت فلوريدا البوابة الملكية للبيت الأبيض؟

ترامب (أ ف ب).
ترامب (أ ف ب).
A+ A-
محمد ماهر
 
تتجه أنظار العالم إلى الولايات المتحدة الأميركية، بعد غد الثلثاء، لمتابعة نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي بطبيعة الحال سيكون لها تأثير بشكل أو بآخر على كل دول العالم بلا استثناء، وليس مبالغاً فيه القول إننا في الشرق الأوسط نحبس أنفاسنا في انتظار إعلان الفائز وسيّد البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة، لما سيترتب عليه من تغيير أو استمرار في السياسات الأميركية الحالية تجاه المنطقة.

وعن هذه القضية، كتب محمد ماهر في "النهار العربي": "من بين كل الولايات الأميركية الـ50 يحظى عدد قليل منها بأهمية بالغة لما له من تأثير بالغ في الانتخابات، حيث تتنوع الولايات ما بين تأييد الديموقراطيين (ولايات زرقاء) أو الجمهوريين (الولايات الحمراء)، ولكلا الطرفين مراكز ثقلهما الطبيعي، لكنها لا تملك كلمة الحسم لتصويتها لمصلحة حزبها المفضل على الدوام، لكن من يملك الحسم هي الولايات المتأرجحة والتي تصوت مرة للمرشح الديموقراطي، وفي الانتخابات التالية تصوّت للمرشح الجمهوري وهكذا.

وتعد ولاية فلوريدا، جنوب شرق الولايات المتحدة الأميركية، أشهر وأهم ولاية متأرجحة في التاريخ الأميركي، ولا نبالغ هنا إذا قلنا إنها تملك كلمة الحسم لتحديد الفائز بالانتخابات الرئاسية الأميركية، فالولاية ثالث أكبر الولايات من حيث الأصوات في المجمع الانتخابي، وتمتلك 29 صوتاً، مثلها في ذلك مثل نيويورك، ذات الميول الديموقراطية المعروفة، وبعد كل من كاليفورنيا ذات الـ55 صوتاً، والتي تعدّ محسومة للمرشح الديموقراطي، وتكساس ذات الـ38 صوتاً، والمحسومة مسبقاً للمرشح الجمهوري، والتي يمكن خلال هذه الانتخابات أن تنقلب للمرة الأولى في التاريخ لمصلحة المرشح الديموقراطي، ولكن لهذا قصة أخرى.

نعود إلى فلوريدا، فولاية الشمس المشرقة كما يطلق عليها الأميركيون، المطلة على ساحل الأطلسي، تحظي بأهمية بالغة، قد تقلب كل النتائج رأساً على عقب، ومعركة انتخابات 2000، كانت خير شاهد على الطبيعة الخاصة لفلوريدا، حيث تسببت نتائج الولاية في تعليق النتيجة النهائية للفائز في الانتخابات الرئاسية أكثر من شهر بعد اللجوء للفرز اليدوي لملايين من أصوات الولاية بسبب الفارق الهش بين الطرفين، ثم أُعلن فوز بوش الابن بالرئاسة وقتها لحصوله على أصوات فلوريدا الحاسمة في الهيئة الانتخابية، بعد تفوقه على منافسه آل غور بفارق 537 صوتاً فحسب من إجمالي 5,8 ملايين ناخب، بينما تفوق آل غور في عدد الأصوات الشعبية، وفاز في ولاية إلينوي وحدها بفارق 606 آلاف صوت، وتُعتبر الولاية بمثابة البوابة الملكية للبيت الأبيض، وتشير النتائج التاريخية للولاية إلى أنه نادراً ما يفوز مرشح في الانتخابات الرئاسية بدون أصوات فلوريدا، وتكرر الأمر مع أوباما في 2008 و2012، ومع بوش في 2004 و2000، ومع ترامب في 2016.

حتى استطلاعات الرأي هذه المرة تشير إلى تفوق بايدن في فلوريدا بفارق أقل من 1%، وهذا لا شيء اذا ما أخذنا في الاعتبار أن هامش الخطأ في التقديرات في استطلاعات الرأي ما بين 2% إلى 5% مثلاً، وخلال الأسبوع الماضي فحسب، كثف المرشحان الرئاسيان جهودهما الانتخابية في ولاية الشمس المشرقة، الأمر الذي جعل سكان الولاية يتوقعون أن يقوم ترامب وبايدن شخصياً بدق أبوابهم لحضهم على التصويت لهما، ولعلها المرة الأولى التي يصطدم فيها المرشحان وجهاً لوجه في مدينة واحدة خلال فعاليات انتخابية وليس على مسرح المناظرات، حيث تصادف المرشحان خلال فعاليات انتخابية قبل يومين فقط في مدينة تامبا وسط فلوريدا، ولا يبعدان عن بعضهما البعض سوى عشرة أميال.

ومؤخراً كشفت مجموعة Kantar الأميركية لتحليل الدعاية السياسية، عن استحواذ ولاية فلوريدا، على نصيب الأسد، من إنفاق حملتي الرئيس ترامب، ونائب الرئيس السابق بايدن، على الدعاية التلفزيونية، والموجهة عبر الراديو، حيث انفقت الحملتان، نحو 145.2 مليون دولار منذ أول أيلول(سبتمبر) فحسب، بمافي ذلك الحجوزات التي دُفعت حتى 3 تشرين الثاني (نوفمبر) ، هذا بالإضافة إلى إنفاق عمدة مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ، ما يقرب من 100 مليون دولار في فلوريدا فقط، لإسقاط غريمه ترامب.

وفي الوقت الذي أشارت فيه التقارير إلى أن الانتخابات الرئاسية الحالية تعد الأغلى في التاريخ الأميركي، من حيث الإنفاق على الدعاية الانتخابية بما يقرب من 14 مليار دولار وفقاً لمركز The Center for Responsive Politics، في واشنطن، إلا أن مجموعة Kantar البحثية الأميركية أوضحت أن فلوريدا وحدها استحوذت على 3 مدن ضمن قائمة أغلى 5 مدن على مستوى الولايات المتحدة في الإنفاق على الدعاية الانتخابية خلال آخر شهر قبيل الانتخابات، ما جعلها أكبر سوق للدعاية الانتخابية في أميركا، وجاءت مدينة أورلاندو (وسط فلوريدا) في المركز الأول على مستوى أميركا من حيث الإنفاق الدعائي بـ 51.2 مليون دولار بها، ثم فينيكس، بولاية أريزونا بـ 50.6 مليون دولار، ثم ميامي (جنوب فلوريدا) بـ 47.9 مليون دولار، وتليها في المركز الرابع مدينة تامبا (وسط غرب فلوريدا) بـ 46.1 مليون دولار، وأخيراً مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا بـ 45.6 مليون دولار.

من المؤكد أن هناك سيناريوات مختلفة ليوم الانتخابات، فلربما ينجح ترامب في حصد أصوات فلوريدا، ويفشل في الحفاظ على أصوات تكساس، الجمهورية تاريخياً، فيخسر الانتخابات، لأن المرشح الجمهوري لا يملك أي فرصة للفوز بالانتخابات، إذا ما خسر تكساس التي تعادل إلى حد ما الكتلة التصويتية لكاليفورنيا الديموقراطية في المجمع الانتخابي (55 صوتاً حصة كاليفورنيا و38 صوتاً لتكساس) لكن من المؤكد أيضاً أن أهمية فلوريدا في السباق الانتخابي، تعد حاسمة، الأمر الذي جعل الحملتين تقاتلان على كل صوت من أصوات الولاية، دعونا ننتظر إلى الثلثاء العظيم لنرى".
 

*صحافي وباحث مصري مقيم في ولاية فلوريدا الأميركية

يمكن متابعة الكاتب على تويتر @maher004
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم