الشعب اللبناني يريد الكهرباء الآن

الدكتور كمال ديب /كندا إن كان ثمّة أمنية واحدة لا غير يريد اللبنانيون تحقيقها الآن وليس غداً فهي توفّر الطاقة الكهربائية الرسمية ووضع حدّ لكارتيل الموتورات وإقفاله، وأن تكون أولوية الحكومة الجديدة والعهد الرئاسي الجديد هي عودة الكهرباء 24 ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع حتى يستفيد ما يناهز أربعة ملايين إنسان في كل لبنان. لقد تعرّضت الطاقة الكهربائية لانقطاع متواصل منذ عام 1975 ولكن حتى في أشد أيام الحرب ظلاماً كانت فرق هندسة شركة كهرباء لبنان تعيد التيار وإن جزئياً تحت القصف والمخاطر ويصيح الناس "رجعت الكهربا". ولم يحصل في لبنان ما يعانيه المواطن هذه الأيام من فقدان متواصل للكهرباء، فيعجز عن تشغيل التدفئة والتكييف والإنارة وأدوات الطبخ والغسّالة والبراد، والمصعد وضخ المياه والانترنت وشحن البطاريات، هذا إن لم نذكر حاجات المصانع والمزارع والقطاع السياحي والإدارة العامة والمرافق وسائر خدمات الطاقة الكهربائية. في كل البلدان وحتى تلك التي تعتبرها تقارير البنك الدولي تحت خط الفقر، يعيش المواطن حياته يوماً بيوم، فنجد في أفقر الدول الأفريقية شركات نقل عام وقطارات وكهرباء وماءً موصولة للمنازل. فالكهرباء هي المؤشر على أننا لم نعد في قرون الظلمات والعصور الوسطى بل في عصر الأنوار. أمّا في لبنان، فكلّما خفّت حدّة أزمة اندلعت أخرى كانت موجودة أصلاً ولكنّها كانت ناراً تحت الرماد. وهناك عبرة للمسؤولين في لبنان هي أن يكون أول عمل أطلقته الحكومة البلشفية بعد سقوط قيصر روسيا عام 1917 هو نشر الكهرباء كما حدّدت في بيانها الأول: "ستكون أولويتنا (1) محاربة فساد النظام السابق و(2) نشر الكهرباء في أصقاع روسيا".  ما تشخيص وضع الكهرباء؟صُنع أول موّلد كهرباء في العالم عام 1870، وعملت الحكومة العثمانية فوراً على مدّ بيروت درّة السلطنة آنذاك بالكهرباء فأنشأت شركة عثمانية - فرنسية مشتركة عام 1886 قامت بإنارة بيروت. وتأسّست شركة كهرباء بيروت عام 1923 وقد ورثت امتيازات الشركة التركية. ومنذ الاستقلال عام 1943 بدأت الدولة اللبنانية بالضغط على "شركة كهرباء بيروت" لتقوية قدراتها الإنتاجية وتوسيع شبكة توزيعها، ولمواجهة هذه الضغوط...