كان لافتاً في كلمة أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الإثنين، تأكيده أنّهم لا يهدفون في "حزب الله" من خلال استيراد النفط الإيراني "منافسة الشركات المستوردة ولا المتاجرة بالمحروقات".
ورسم نصرالله في كلمته خارطة طريق وصول المازوت الإيراني يوم غد إلى لبنان، وذلك بعد صدور جدول تركيب الأسعار عن وزارة الطاقة والمياه، حتى يتمكّن الحزب من تحديد سعر المادّة الآتية من إيران في الأسواق، والتي ستوزّع من خلال شركة الأمانة "طالما أنّ الأميركي وضعها على لائحة الإرهاب"، وفق قوله. وتالياً ستكون السوق اللبنانية أمام سوق محروقات جديدة لها أسعارها وسياسة بيع وتوزيع مختلفة تماماً عن الآلية الشرعية المتعارف عليها.
سألت "النهار" بعض المصادر في الشركات المستوردة للنفط عن مدى تأثير خطوة "حزب الله" هذه على الشركات. وكان الرأي الغالب أنّ الاستيراد له أصوله وشروطه، ويبدو أنّ الحزب سيكون خارج الآلية الرسمية بشكل كامل، فلن يخضع للشروط التي تطبق على الشركات بدءاً من إلزامية الحصول على شهادة الاستيراد من وزارة الطاقة، وأن يكون لدى المستورد مستودع مرخّص لتفريغ البضائع، بالإضافة إلى وجوب تأكّد الجمارك من البضائع بعد أن تدفع الشركة رسومها. ولاحقاً تدرس مختبرات الدولة مطابقتها للمواصفات اللبنانية وعندما تكون كلّ هذه الشروط مكتملة تحصل الشركة على إذن التفريغ. تشدّد مصادر الشركات النفطية أنّه عندما يقوم "حزب الله" بتنفيذ هذه الشروط يكون مثلنا.
تسأل مصادر الشركات النفطية عن المازوت الإيراني ومواصفاته، وعن إجازة الاستيراد والرسوم الجمركية، وتعتبر أنّ الحزب سيكون خارج دائرة المساءلة. وترى المصادر أنّه "في حال كنّا أمام استيراد متكرّر فسنكون أمام منافس غير خاضع لأيّ قانون، وغير شرعيّ وأسعاره خارجة عن جدول تركيب الأسعار. سينافسنا ويأخذ جزءاً من السوق من دون أن يكون مطابقاً للقوانين اللبنانية".
شدّدت مصادر الشركات النفطية أنّها "ملزمة بالبيع على أساس جدول تركيب الأسعار، والمستهلك النهائي يشتري بالليرة اللبنانية"، مضيفةً أنّ تأثير المازوت الإيراني على الشركات النفطية سيكون حصول "حزب الله" على جزء من السوق بالشروط التي يفرضها".
على الصعيد الاقتصادي، شرح خبير الأسواق المالية البروفيسور باتريك مارديني لـ"النهار" أنّ "النفط الإيراني قد يعطي أوكسيجين للبلد في فترة صعبة"، موضحاً أنّ "الكلام عن بيع المازوت بالليرة اللبنانية غير سليم من الناحية الاقتصادية، لأنّ الموضوع ليس بأيّ عملة نسدّد ثمن المازوت بل وفق أيّ سعر صرف. لأنّ المصدّر يحتاج أن تكون مدفوعة بالدولار".
إلى ذلك قال مارديني أنّ "المحروقات في لبنان تباع اليوم وفق سعر صرف 8 آلاف ليرة لبنانية، فإذا كان النفط الإيراني سيباع بأكثر من السعر المدعوم، فإنّ ذلك سيؤدي إلى تعميق السوق السوداء بالنسبة للمحروقات التي تدعمها الدولة اللبنانية وسيزيد التهريب"، وشدّد مارديني على أنّه يجب أن "يكون هناك معيار واحد لجميع الجهات التي تبيع المحروقات في الأسواق".
في كلمته أمس، أعلن نصرالله أنّ "السفينة وصلت عند الساعة الثامنة والنصف من مساء الأحد وبدأت تفريغ الحمولة وستنتهي اليوم، ونحتاج إلى تعبئة الصهاريج، ولذلك من المفترض أن يتمّ نقل هذه المادة يوم الخميس إلى البقاع، من الهرمل فالى بعلبك حيث الخزّانات".
وأكّد أنّ "هدفنا ليس المنافسة مع الشركات المستوردة ولا المتاجرة بهذه المادة، وإنما ستكون لخدمة الناس، ولجميع المناطق واللبنانيين الراغبين بمعزل عن أيّ انتماء طائفي او سياسي، ولا نريد إحراج أحد".
وبالنسبة إلى التوزيع قال نصرالله "اعتمدنا الآتي: سنقدّم هبة ومساعدة للجهات التالية التي ستحتاج المادة لمدة شهر وهي المستشفيات الحكومية وبالكمية التي يحتاجونها، ودور العجزة والمسنين، ودور ذوي الاحتياجات الخاصة، ومؤسسات المياه، والبلديات التي لديها أبار لاستخراج المياه ولكن بشرط ان تكون بلديات فقيرة ولدينا كل الاسماء، وأفواج الاطفاء الرسمي والصليب الاحمر".
وأضاف: "كلّ هذه المؤسسات التي ذكرت سنقدم لها المادة هبة، ومن ثم ننتقل الى البيع بالسعر المناسب وتشمل المستشفيات الخاصة والمطاحن ومعامل الامصال، والاستهلاكيات والتعاونيات الغذائية لتأمين الكهرباء، ومعامل الصناعات الغذائية، والمعامل الزراعية التي لديها مولّدات. وامّا بالنسبة إلى المولدات التي تؤمّن الاشتراكات للناس والتي رفعت الاسعار بما ارهق الناس فسنوفّر لها المادة، من دون أن نلجأ الى البيع الفردي، ولاحقاً سنفتح باب البيع الفردي على ابواب الشتاء".
ولم يكشف عن السعر الذي سيعتمد بانتظار تحديد وزارة الطاقة الاسعار يوم الأربعاء، ونحن سندخل يوم الخميس، وسنعلن عن السعر الذي سنراعي فيه أوضاع الناس، وكشف أنّه سيكون البيع بالليرة اللبنانية.