الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

هل استحقت أرباح القطاع السياحي في رأس السنة المجازفة بعدّاد كورونا؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
من أجواء سهرة رأس السنة (تصوير نبيل إسماعيل)
من أجواء سهرة رأس السنة (تصوير نبيل إسماعيل)
A+ A-
لطالما قيل بأنّ اللبناني يحبّ السهر والحياة رغم كلّ الظروف. لكن مع انتشار وباء فتّاك مثل كورونا، كان عليه أن يعي خطورة انتقاله وأن يتحلّى بالمسؤولية.
 
ومن ناحية أخرى، لم تكن أزمة القطاع السياحي التي تتواصل منذ سنوات، لتُحَلّ خلال أيام الأعياد العشرة. لكنّها حتماً شكّلت قنبلة نلتمس مفاعيلها مع قرار إقفال البلاد القريب، ما سيرتّب أعباءً إضافية على القطاعين الصحّي والاقتصادي، وسيسجّل إصابات إضافية بكورونا كنّا في غنى عنها. هذه وجهة نظر كثير من المراقبين أقله. فهل سجّل القطاع السياحي أرباحاً خلال الأعياد؟
 
نشطت الحركة في مطعم وملهى Dirty laundry بنسبة 80% خلال فترة الأعياد وقبل ليلة رأس السنة. وفي تلك الليلة، كانت الحركة خفيفة جداً كحال باقي المحالّ، فالناس كانوا خائفين من الازدحام بسبب كورونا ولم يحجزوا لهذه السهرة، كما قال مدير المطعم والملهى ذو الفقار حيدر.
 
وتابع أنّه "لا يمكن جمع الأرباح في هذه الفترة، فالربح ضئيل جداً "لأنّنا نشتري جميع مواردنا بالدولار ولا يمكننا رفع الأسعار كقطاع سياحي. لذا تقلّص هامش الربح كثيراً، وبات علينا أن نعمل كثيراً ونبذل جهداً إضافياً  لتسجيل القليل ممّا كنّا نسجّله سابقاً من أرباح. وخلال فترة الأعياد، كان هناك مبيع إضافي وحركة لافتة لدينا، وانتعش الربح قليلاً لكنّه لا يزال متدنّياً". 
 
وأضاف: "رغم أنّ الربح كان ضئيلاً، يتستحقّ الأمر أن تفتح المحالّ أبوابها ولو لفترة وجيزة خلال الأعياد. فمحلّنا مثلاً كلّفنا أكثر من 100 مليون ليرة لتصليحه من جرّاء انفجار المرفأ. ومهما عملنا في هذه الأوضاع، فلن نستطيع تعويض ثمن الزجاج الذي تحطّم. والآن سيقفلون البلاد رغم أنّ حالات كورونا تنتشر وتكثر في سهرات وحفلات المنازل أكثر من المطاعم والملاهي، فنحن نقوم بما علينا من إجراءات للوقاية ونلتزم بها في المحلّ، والباقي هو من مسؤولية الزبائن". ولم يكن هناك أيّ أجانب خلال الأعياد، وكانت غالبية زبائن المحلّ من المغتربين في أفريقيا.
 
أحد أصحاب مطعم Appetito، والمسؤولة الإعلامية في مطاعم وحانة ونزل في عدة مناطق، غادة حمادة، أفادت بأنّ "مؤسساتنا جميعها التزمت بقدرة استيعاب 50%، وكلّما فتحت البلاد أقبل الناس بشكل هائل جداً، فنمط حياة اللبناني والضغوط التي يواجهها تجعله يرغب بالخروج".
 
وتابعت حمادة أنّه "خلال فترة الأعياد، ازدادت الحركة بنحو 60% عن الأشهر الماضية، بحيث كان هناك حركة جيدة في جميع الأماكن التي نديرها، وهناك حركة لافتة ومتزايدة لكن ليس هناك أيّ أرباح، لكننا تأذّينا بسبب المطاعم التي لم تلتزم بإجراءات الوقاية التي فرضتها الدولة، وسيكون حتماً لذلك نتائج سلبية مع الإقفال الآن. ونحن كأصحاب مصالح يهمّنا أن نعمل، لكنّ المصلحة العامّة والسلامة العامّة تعلوان فوق الجميع، لذا كنت أفضّل لو لم يتمّ تمديد وقت التجوّل حتى الثالثة فجراً خلال فترة الأعياد، فقرار السماح بالتجوّل حتى الـ11 ليلاً كان منصفاً للجميع، وقرار تمديد وقت التجوّل كان له أثر سلبي نلتمسه مع كل إقفال جديد للبلاد". 
 
وأكملت "بشأن سهرة رأس السنة، لم تقم أيّ من المؤسسات التابعة لنا بأيّ سهرة بسبب كورونا، والتزمت بالعشاء العادي. وكانت الحركة في فرع Appetito في الحمرا جيدة جداً على عكس فرعه في برمانا. أمّا في الحانة في الحمرا والنزل في طبرجا والمطعم الآخر، فلم يكن هناك حركة بتاتاً، وزبائننا كانوا من المغتربين والمقيمين".
 
وأوضحت أنّه "بالنظر إلى المبيع، هناك ارتفاع فيه بنحو 40 إلى 60% مقارنة بعام 2019، لكن هذه النسبة ليست أرباحاً فجميع مواردنا بالدولار، لكنّنا لم نضطرّ إلى إغلاق مؤسّساتنا، فيما أقفلت مطاعم وملاه بسبب الأزمة الاقتصادية وجاء ذلك لمصلحتنا.

هل كانت تستحق الأيام العشرة من فتح البلاد دون أرباح، المجازفة واللعب بعدّاد كورونا؟
 
يشرح أمين صندوق نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري، عارف سعادة، أنّ "أعداد المغتربين الذين جاؤوا إلى لبنان خلال الأعياد لم تتعدّ أرقام العام الماضي إلّا قليلاً، والوافدين هذا العام خلال الأعياد كانوا نحو 80% منهم من المغتربين، كما زار لبنان في هذه الفترة عراقيون ومصريون وأردنيّون، وكذلك وجود نسبة كبيرة من السوريين". 
 
أمّا عن الأرباح، فيقول سعادة بأنّ "قطاع السياحة يعاني منذ 5 أعوام، والحركة التي شهدها القطاع خلال فترة الأعياد هي كحبّة مسكّن لا تفيد بالتأكيد، لكنّها تسمح لأصحاب المؤسسات هذه بأن يستمرّوا ريثما يستقيم الوضع، أو تدفعهم الحال إلى الإغلاق والخروج من السوق نهائياً، فأصحاب المطاعم يشترون البضائع أغلى بكثير ممّا يبيعونها، لكن لا يمكن رفع الأسعار لتتماشى مع الدولار فهذا مستحيل"، مضيفاً أنّه "خلال فترة الأعياد، لم تسجّل المؤسسات السياحية أي أرباح أبداً فالخسائر فادحة، وما زالت تفتح أبوابها دون أرباح، ولا يمكن لأيّ منها تغطية مصاريفها من مدخولها المتدني، فمن الصعب جداً تسجيل أرباح ولو في فترة الأعياد في ظل أزمة نعاني منها منذ سنين".
 
وفي السؤال "هل يستحق فتح هذه البلاد لـ10 أيام المجازفة وإغلاق البلد لمدة ثلاثة أسابيع بعدها؟"، يجيب سعادة: "كلا، فنحن كنقابة ندافع عن حقوق أصحاب المؤسسات السياحية، لكن ليست كلّها تابعة للنقابة، فنحو 30 إلى 40% فقط منها مسجَّلة في النقابة. لذا، الخطأ الذي حدث جاء من جهتين؛ الأولى هي الدولة التي كانت مسؤوليتها متابعة ومراقبة تطبيق إجراءات الوقاية، التي ساهمت النقابة مع وزارتي الداخلية والسياحة بوضعها. والجهة الأخرى هي المؤسسات السياحية غير التابعة للنقابة التي لم تلتزم الإجراءات، فهي تخرق القوانين طمعاً بالمال وتمثّل نفسها لا القطاع السياحي، أمّا المؤسسات الملتزِمة بالقوانين فهي التي تأذّت بسبب المؤسسات غير الملتزِمة". 
 
ويؤكّد سعادة أنّه "يهمّنا سلامة الناس وعدم إصابة أحد بالفيروس، لكن لدينا 160 ألف موظف في المؤسسات السياحية، وأصبح 100 ألف منهم دون عمل اليوم أي 100 ألف عائلة، بالإضافة إلى نحو 60 ألف موظف يعملون نصف دوام أصبحوا دون عمل أيضاً، والباقون يتقاضون نصف رواتبهم بالليرة، لذا إذا انهار القطاع وأقفل، فسيكون هناك نحو 200 إلى 300 ألف عائلة دون مدخول، وهذه مسؤولية أكبر من مسؤولية كورونا برأيي". 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم