الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

أحكام قوانين الإيجارات في مهبّ فوضى التشريع والاجتهاد

المصدر: "النهار"
المباني في وسط العاصمة بيروت (تعبيرية- نبيل اسماعيل).
المباني في وسط العاصمة بيروت (تعبيرية- نبيل اسماعيل).
A+ A-
 
في إطار مواكبة ملفّ قانون الإيجارات، ولا سيّما في ظلّ الأزمات المتلاحقة وأهميّة هذا الملفّ بالنّسبة إلى المالكين والمستأجرين، صدر أخيرًا عن محكمة استئناف بيروت المدنيّة، الغرفة الحادية عشرة برئاسة القاضي أمين عويدات وعضويّة المستشارين كارلا معماري وحسام عطاالله، قرار اعتبرت فيه أنّ سنة 2017 هي السنة التمديديّة الأولى التي يطبّق عليها قانون الإيجارات الجديد الذي صدر بتاريخ 26/6/2014 وأقرّ مجلس النوّاب تعديله عام 2017. 
 
الزّيادة على البدلات التي ينصّ عليها القانون 2/2017 تطبّق منذ ذلك التاريخ، وتتبعها الزّيادات في السّنوات الأخرى. واعتبر القرار أنّ القانون التّعديلي لم يتضمّن ما يشير إلى أيّ مفعول رجعيّ بأحكامه، وبذلك يكون نافذًا منذ تاريخ نشره عام 2017، وذلك سندًا لأحكام المادّة /59/ منه. كما اعتبر أنّه سندًا إلى أحكام المادّة /15/ من القانون، فإنّ سنوات التّمديد التّسع لغير المستفيدين من الصّندوق أو الحساب، وتضاف إليها ثلاث سنوات للمستفيدين، تبدأ منذ تاريخ نفاذ هذا القانون. وجاء في القرار أيضًا أنّ القانون العائد للعام 2014 نافذ وساري المفعول في الفترة الممتدّة بين تاريخ نفاذه وتاريخ نفاذ القانون 2/2017.
 
وتعليقًا على هذا القرار، استغرب المستشار القانوني لنقابة المالكين المحامي شربل شرفان لـ"النهار" القرار باعتباره "يشكّل تناقضًا مع اجتهاد المحكمة الواحدة، فالغرفة التي أصدرت القرار، أصدرت بتاريخ 17/3/2018 قرارًا مبرمًا اعتبر أنّ الزيادات تبدأ من تاريخ نفاذ القانون الأساسي الصادر عام 2014 وذلك عملاً بأحكام المادة /15/، وبالتالي فإنّه إذا كانت الزيادات تبدأ من تاريخ نفاذ القانون الأساسي فإنّ التمديد يبدأ أيضًا من هذا التاريخ باعتبار أنّ المشرّع ربط الزيادات بسنوات التمديد وقسّم تدرّج دفع الزيادات وفقًا للجدول الزمنيّ لسنوات التمديد ما يتناقض مع القرار الأخير الصادر عن المحكمة". ورأى شرفان أنّ "القانون التعديلي الصادر سنة 2017 لم يلغِ في أحكامه القانون الصادر سنة 2014 بل عدّل بعضًا من مواده، وهذا الأمر أقرّه القانون والاجتهاد، حتّى أنّ المشرّع أشار في القانونين 160/2020 (قانون تعليق المهل) والقانون 176/2020 (قانون تمديد الإيجارات غير السكنية) صراحة وبما لا لبس فيه الى أنّ القانون 2/2017 هو تعديل لأحكام القانون الصادر سنة 2014". وأوضح أنّ المادة /55/ من القانون 2/2017 تنصّ على تمديد لأحكام القانون 160/92 لغاية 28/12/2014 أي لغاية نفاذ وبدء سريان مفعول القانون الجديد الصادر سنة 2014، فلو أراد المشرّع لأقرّ بتمديد القانون 160/92 لغاية نفاذ القانون التعديلي سنة 2017، والدليل على ذلك المادة /60/ التي تنصّ على نفاذ القانون منذ تاريخ نشره في الجريدة الرسمية". وبالتالي يترتّب على ذلك وفق شرفان "بدء تطبيق الزيادات والسنوات التمديدية منذ 28/12/2014".
 
وتابع أنّ مجلس النواب "أخطأ بنشر المادة /15/ كما هي من دون تعديلها، واعتمد ما يصطلح على تسميته النشر الاحتوائي، ما شكّل التباسًا لدى بعض القضاة ومنها غرفة الاستئناف التي صدر عنها القرار". ولفت الى أنّ "محضر جلسات تعديل القانون الصادر سنة 2014 في لجنة الإدارة والعدل واضح لجهة التعديلات التي أقرّت، ومنها تعديل بدل المثل من نسبة 5% إلى نسبة 4%، وتوسيع مروحة المستفيدين من صندوق الدعم، وإعادة صوغ المواد التي أبطلها المجلس الدستوري، ولم يرد في التقرير أو المحضر أيّ إشارة إلى تعديل في بدء سنوات التمديد، بل أكّدت اللجنة أنّ القانون هو قانون برنامج ونافذ منذ تاريخ 28/12/2014، ومنها يبدأ احتساب الزيادات وسنوات التمديد، وأنّ تفسير القوانين يجب أن يستند إلى نيّة المشترع أولا وأخيرًا من خلال المحاضر والمداولات". وختم شرفان بأنّه "في الشكل يعتبر القرار اجتهاديًا ليس ملزمًا للمحكمة عينها، التي أصدرت الحكم أو القرار، وبالتالي يمكنها الرجوع عنه، والأمر مطبّق على أعلى المستويات القضائية، أي على مستوى غرف التمييز، وهو بطبيعة الحال غير ملزم للمحاكم الأخرى التي تصدر أحكامًا اعتبرت فيها أنّ القانون الموجب التطبيق هو القانون النافذ حكمًا بتاريخ 28/12/2014". ومن جهة أخرى، أقرّ مجلس النواب في جلسته التشريعية الاخيرة اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى تمديد عقود إيجار الأماكن المبنيّة غير السكنية المعقودة قبل 23/7/1992 لغاية 30/6/2022، أي لفترة عام، وقد ورد في المحضر أنّها تمدّد للمرّة الأخيرة. وبعد الجلسة غرّد النائب جورج عطاالله عن الاقتراح فكتب أنّه "لا يمكن حلّ مشكلة المستأجرين على حساب المالكين ولا يجوز تمديد عقود ما قبل 1992... ولكن بعد التمديد للقانون القائم طالبتُ بوضع عبارة "للمرّة الأخيرة" وهكذا حصل إذ تمّ تسجيل العبارة في المحضر". إذاً، الدولة لا تحسم أمرها في أيّ من المواضيع الاجتماعية والحياتية، ولا تتحمّل المسؤولية في مثل هذه المسائل، فيترك الفريقان دائمًا لاجتهاد المحاكم التي يبدو أنّها تتخبّط في فوضى أخطاء التشريع، فكلّ محكمة تحاول تفسير النصوص على ضوء اجتهادها، إلى أنّ يستقرّ الاجتهاد على مفهوم واحد في مثل هذه القضايا، قبل أن تصل البلاد إلى حدّ الانفجار الكبير.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم