الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

أطفال من كراباخ يعيشون دوامة الحرب والمنفى في يريفان... "كانت رحلة طويلة"

المصدر: أ ف ب
أفراد من عائلة نازحة في منزل متواضع لجأوا اليه في يريفان (5 ت1 2023، أ ف ب).
أفراد من عائلة نازحة في منزل متواضع لجأوا اليه في يريفان (5 ت1 2023، أ ف ب).
A+ A-
تحلم لاريسا التي تبلغ 14 عاماً، بالاستمرار في الذهاب إلى المدرسة. لكن الهجوم الأذربيجاني في ناغورنو- كراباخ قلب حياتها رأساً على عقب وحياة الآلاف من الأطفال الأرمن الآخرين الذين واجهوا صدمة الحرب والمنفى.

قبل ثلاثة أسابيع فقط، كانت هذه المراهقة الخجولة تلميذة هادئة في خندزرستان، وهي قرية تقع في هذا الجيب الأرميني في الأراضي الأذربيجانية، الذي كان محور العديد من الحروب الدموية منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي.

واليوم، تقضي لاريسا وقتها في رعاية شقيقيها الأصغر سنّاً، وأحدهما معاق جسدياً، في منزل متواضع في يريفان إلى حيث لجأت عائلتها، بعد الغزو الأذربيجاني لناغورنو- كراباخ.

والحافلة الصغيرة القديمة المتوقّفة أمام المدخل هي كلّ ما تبقّى لديهم تقريباً.

وتقول الفتاة التي تطمح لأن تصبح "طبيبة قلب"، "لقد أخذت فقط بعض الملابس، الألعاب لم تعد تصلح لسنّي".

على الرغم من الفقر المدقع والنفي، ما زالت والدتها ماريان تؤمن بأيام مقبلة أفضل. تقول معلّمة الكيمياء التي بذلت خلال الرحلة كلّ ما وسعها لـ"إخفاء انفعالاتها عن أطفالها"، "عندما تعود إلى المدرسة، سيكون الأمر أفضل".

تأسست جمعية "هويسي كاتيل" ("قطرة الأمل" باللغة الأرمينية) في العام 2016، وهي تساعدهم عبر توفير المواد الغذائية الأساسية، وأيضاً من خلال تقديم خدمات طبيب نفسي يحاول تهدئة صدمة الأطفال ومساعدة الآباء على العثور على الكلمات الصحيحة.

وتقول الطبيبة ليليث هايرابتيان "لا يمكننا أن نقول لهم إنّ كلّ شيء على ما يرام، ولا يمكننا أن نروي لهم حكايات خرافية".

- "القلق في كلّ مكان" -
يعدّ التحدّي المتمثّل في تعليم اللاجئين وتزويدهم بالرعاية النفسية، هائلاً في بلد مقتنع بأنّ وجوده مهدّد من قبل جارتيه، تركيا من الغرب وأذربيجان من الشرق، وما زال يعاني من صدمة المذابح التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية وذهب ضحيتها ما يصل إلى 1,5 مليون أرميني بين عامي 1915-1916، وتمّ الاعتراف بها على أنها إبادة جماعية من قبل العديد من المؤرّخين ونحو ثلاثين دولة، ولكن ليس من قبل تركيا.

وتضيف الطبيبة هايرابتيان "القلق في كلّ مكان، وهناك خوف من فقدان بلدنا. علينا تعليم الأطفال مواجهة الواقع".

ولكن أولئك الذين نشأوا في كراباخ لا يحتاجون إلى الكثير من التوضيح، حيث واجهوا صوت الرصاص والقصف منذ صغرهم.

شهد مارات باغسيان البالغ من العمر سبع سنوات، الصراع الذي استمرّ 44 يوماً في كراباخ في العام 2020، كما شهد التاريخ يعيد نفسه يومي 19 أيلول و20 منه خلال الهجوم الخاطف الذي نفذته قوات باكو.

ويقول الصبي ذو العينين السوداوين الكبيرتين، والذي يرتدي حذاءً رثاً، "كنت عائداً إلى المنزل من المدرسة، وغيّرت ملابسي لأذهب للّعب في الخارج وسمعت القصف"، مضيفاً "عدت إلى المنزل على الفور".

هو أيضاً سلك طريق المنفى نحو يريفان مع كرة القدم وشقيقتيه الصغيرتين ووالديه. ويقول "كانت رحلة طويلة جداً لكنني لم أنم".

لجأوا إلى شقة متهالكة في العاصمة اكتظّت بعشرة من أفراد الأسرة، بما في ذلك والدته الحامل. لكنّه كان محظوظاً على الأقل لأنه وجد بسرعة مكاناً في مدرسة حيث كان الترحيب من زملائه دافئاً، على ما يقول.

ويضيف "الوضع جيد هنا، ولكنه جيد هناك أيضاً"، مبدياً تصميماً على العودة ذات يوم إلى كراباخ التي يعتبرها "وطنه الأم".

تأتي الطبيبة هايرابتيان أيضاً لزيارة هذه العائلة، وتستفسر عن الحالة النفسية للأطفال ولكنها تتفحّص أيضاً البالغين، وخصوصاً الرجال الذين غالباً ما يكونون صامتين ولكنّهم محطّمون.

وتقول الطبيبة "المشكلة هي أنهم لا يريدون التحدّث، ولا يريدون إظهار مشاعرهم... إنهم يشعرون بالخجل لأنهم فقدوا كلّ شيء، ولم يعودوا قادرين على إعالة أسرهم ويخشون ألا يكونوا قدوة جيدة لأطفالهم".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم