الأحد - 05 أيار 2024

إعلان

اليابان تخرج عن نهجها الديبلوماسي حيال روسيا... إنذار إلى الصين؟

المصدر: "أ ف ب"
متظاهرة تحمل دمية لطفل ينزف خلال مسيرة للأمهات لدعم أوكرانيا في نيويورك (19 آذار 2022 - أ ف ب).
متظاهرة تحمل دمية لطفل ينزف خلال مسيرة للأمهات لدعم أوكرانيا في نيويورك (19 آذار 2022 - أ ف ب).
A+ A-
خرجت اليابان عن نهجها الديبلوماسي بردّها الحازم على الغزو الروسي لأوكرانيا، في مؤشر إلى أنّ النزاع قد يحملها على إعادة النظر في إستراتيجيتها الدفاعية بوجه طموحات بيجينغ الإقليمية، برأي محللين.
 
حين احتلّت موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمّتها عام 2014، كان الردّ الياباني فاتراً، في تباين مع اصطفافها الحالي مع حلفائها الغربيين لفرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو وإرسال مساعدة عسكرية دفاعية لكييف.
 
أوضحت فاليري نيكاه خبيرة آسيا في معهد البحث الإستراتيجي لوكالة "فرانس برس" أنّ "اليابان اتّهمت في الماضي بالدفع لقاء الخروج من المأزق، أي بإعطاء أموال من دون التدخّل مباشرة في أي أزمة".
 
ولفتت إلى أنّ اليابان هذه المرّة "تشدّد على ما تفعله (...) لتثبت أنّها لا تكتفي بالوقوف مكتوفة الأيدي والانتظار لترى كيف سيتطور الوضع".
 
بدوره، رأى خبير اليابان في معهد البحوث Center for American Progress توبياس هاريس أنّ السرعة التي اتّخذت بها اليابان تدابير ضدّ موسكو وشخصيات روسية "ملفتة تماماً"، مؤكّداً أنّ "هذا يتخطى بكثير ما كنت أعتقد".
 
هذا يعكس في جزء منه طبيعة النزاع الاستثنائية، لكن ثمة عدة عوامل أخرى، في طليعتها خروج رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي من السلطة بعدما سعى لفترة طويلة لتوطيد الروابط مع موسكو.
 
كان أبي الذي استقال عام 2020 لأسباب صحية، يأمل في أن علاقات أقوى مع روسيا ستسمح بإيجاد تسوية للنزاع حول جزر كوريل التي ضمتها موسكو في نهاية الحرب العالمية الثانية وتعرف في اليابان باسم "الأقاليم الشمالية". ويحول هذا الخلاف دون توقيع معاهدة سلام بين البلدين.
 
 
رسالة إلى الصين
لكنّ المستهدف الأول من خلال موقف اليابان الجديد هي بيجينغ وطموحاتها الإقليمية المتصاعدة، ولا سيما توعدها بـ"إعادة توحيد" تايوان مع "الوطن الأم" ومطالبتها بالسيادة على جزر متنازع عليها تعرف باسم سنكاكو في اليابان ودياويو في الصين.
 
في الإطار، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة تمبل في طوكيو جيمس براون أنّ اليابان كانت تخشى في الماضي أن تتسبب سياسة حازمة حيال روسيا إلى دفعها للتقرب من الصين.
 
وأوضح لوكالة "فرانس برس" أنّ "الموقف انقلب اليوم تماماً"، مشيراً إلى أنّ الرأي السائد هو أنّ "اليابان يجب أن تكون قاسية حيال روسيا وإلا فإنّ ذلك سيولد سابقة ويشجع ربما الصين على الاعتقاد أن بوسعها القيام بالأمر نفسه".
 
من المتوقّع على المدى القريب أن تعيد اليابان النظر بالكامل في نهجها حيال روسيا عند مراجعة إستراتيجيتها للأمن القومي في نهاية 2022. ورأت فاليري نيكاه أنّه "من المؤكّد أنه سيتمّ وصف روسيا بأنها خطر".
 
 
"تقاسم نووي" موضع جدل
قد تعزّز الحرب الروسية في أوكرانيا كذلك موقع الداعين إلى زيادة الإنفاق العسكري الياباني.
 
حدّد الحزب الليبرالي الديموقراطي (يمين حاكم) خلال حملة الانتخابات التشريعية عام 2021، هدفاً على المدى البعيد رفع ميزانية الدفاع إلى أكثر من 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 1 في المئة بصورة اعتيادية. واعتبر براون أنّ هذا هو "اليوم هدف يمكنهم تحقيقه واقعياً".
 
أثارت المناقشات حول حيازة قوّة ضاربة مثل طائرات مسيرة هجومية، سجالات بسبب دستور اليابان السلمي الذي وضع عام 1947 ويحصر الوسائل العسكرية بالدفاع الذاتي.
 
لكنّ هاريس لفت إلى أنّ "الصور التي شاهدناها في أوكرانيا ستصبّ في مصلحة الذين يريدون أن تمتلك اليابان دفاعاً وطنياً أقوى"، معتبراً أنّ نهج الدفاع الذاتي سينحسر بشكل متزايد.
 
يعتزم الحزب الليبرالي الديموقراطي مناقشة موضوع سجالي أكثر هو الردع النووي، بعدما اقترح بعض النواب وبينهم أبي البحث في إمكانية "تقاسم نووي" مع واشنطن.
 
لكن من غير المرجح أن يحصل ذلك في المستقبل القريب. وإن كانت اليابان تعوّل على المظلة النووية الأميركية، فإنّ تقليدها السياسي يحظر عليها إنتاج أسلحة نووية وحيازتها وحتى إيواءها.
 
غير أنّه مجرّد طرح هذا الموضوع للنقاش في بلد شهد كارثة هيروشيما وناغازاكي يشير إلى الوقع الكبير للغزو الروسي لأوكرانيا. وقال هاريس: "أعتقد أننا لم نشهد بعد بالكامل الوطأة التي ستتركها هذه الحرب على النقاش الداخلي في اليابان".
 
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ العقوبات اليابانية على روسيا لا تزال حتى الآن محصورة في الطاقة وفي مشروع خط لأنابيب الغاز في أقصى الشرق بين ساخارين وهوكايدو.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم