السبت - 11 أيار 2024

إعلان

غيراسيموف كان في أوكرانيا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف - "أ ب"
رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف - "أ ب"
A+ A-

انتشرت يوم الأحد أخبار غير مؤكدة عن إصابة رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف بجروح طفيفة حين كان يشرف على العمليات العسكرية في إيزيوم ضمن مقاطعة خاركيف. بحسب صحيفة "دايلي مايل" البريطانية، أفاد مصدر روسي غير رسمي أنّ غيراسيموف أصيب بشظية في الثلث العلوي من الساق اليمنى من دون إصابة بكسور في العظام. وتمّ استئصال الشظية بنجاح.

وهذا إلى حدّ بعيد ما أوردته صحيفة "كييف بوست" التي ذكرت أنّ العالم السياسي الروسي فاليري سولوفي تحدّث على وسائل التواصل الاجتماعي عن إصابة غيراسيموف بهذه الشظية في ساقه قبل أن يتم استئصالها. وأضاف "أن لا خطر على حياته". وقالت الصحيفة الأوكرانية إنّ الإعلام الأوكراني كان سريعاً في نقل خبر إصابة غيراسيموف غير أنّ مصادر الجيش الأوكراني "لم تكرّر" تلك المزاعم. لكنّها أشارت في مستهلّ تقريرها إلى أنّ "مصادر أوكرانية رسمية قالت في 1 مايو (أيار) إنّ هجمات مدفعية مدمرة على مقرات عسكرية روسية أمكن أن تكون قد أصابت" غيراسيموف.

ولفت الصحافي الأوكراني والضابط السابق في جيش بلاده فيكتور كوفالنكو إلى أنّ وزير الداخلية الأوكراني السابق أرسن أفاكوف تحدّث عن الخبر نقلاً عن مصادره. لكنّ مراقبين آخرين نقلوا عن مسؤولين استخباريين أوكرانيين نفيهم هذه التقارير قائلين إنّ غيراسيموف كان بالفعل على الخطوط الأمامية في إيزيوم لكنّه عاد سالماً إلى روسيا في اليوم نفسه.

 

السؤال نفسه يعود إلى الواجهة

جاء الخبر عن إصابة غيراسيموف الطفيفة بعد يوم واحد على إعلان أوكرانيا مقتل أندري سيمينوف، تاسع أو عاشر جنرال تفقده روسيا منذ بدء العملية العسكرية في 24 فبراير (شباط) الماضي. وسقط مع سيمينوف قرابة 100 جندي روسي في قصف مدفعي أوكراني على مقرّ عمليات بارز للروس في منطقة إيزيوم، وفقاً لكلام المستشار الرئاسي الأوكراني.

لطالما أثار سقوط العدد الكبير من القتلى بين الجنرالات الروس في فترة زمنية قصيرة نسبياً علامات استفهام بين المراقبين عن أسباب عدم توفير الحماية اللازمة لهم. على سبيل المثال، لم يفقد الأميركيّون أيّ جنرال طوال حروبهم في العراق وأفغانستان وفقاً لما يؤكّده القائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي جيمس ستافريديس في حديث إعلاميّ. وقال إنّ التاريخ الحديث لم يقدّم أي حالة يمكن مقارنتها مع الوتيرة التي تخسر روسيا من خلالها كبار جنرالاتها.

في المرحلة الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الإجابات الأولية على تلك التساؤلات تتمحور حول توقّف الأرتال الروسية لفترة طويلة ممّا اضطر الجنرالات للتوجّه إلى الصفوف الأمامية لحلّ المشاكل. في تلك الحالات، كان بعضهم يتعرض للقنص. كذلك، فشل الروس في توفير اتصالات آمنة ممّا عرض قادتهم العسكريين للخطر. لكن يبدو أنّه حتى بعد انتقال ثقل العمليات العسكرية إلى الشرق، لم يكن الجنرالات الروس بمنأى عن الاستهداف. (في أوائل آذار، فقدت روسيا ثاني جنرالاتها فيتالي غيراسيموف وليس واضحاً ما إذا كان هنالك من علاقة قربى تجمع الرجلين).

 

سبب التوجّه المحتمل إلى إيزيوم

بصرف النظر عن صحّة تعرّض غيراسيموف لهذه الإصابة أم عدمها، يعدّ انتقال رئيس هيئة الأركان الروسية إلى أرض المعركة للإشراف شخصياً على سيرورتها أمراً مثيراً للاهتمام. كان الأوكرانيون أوّل من نشر هذا الخبر، وأكّد مسؤولان أميركيان مطّلعان ذلك لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. وافترض أحد المسؤولين أنّ الروس تلمّسوا عدم قدرتهم على تصحيح جميع مشاكلهم. واعترف الأوكرانيون بأنّهم لم يعلموا بوجود غيراسيموف في إيزيوم، حيث أحد أبرز المقارّ العسكرية الروسية، إلّا بعد مغادرته بلادهم.

يواجه الروس عراقيل غير قليلة وهم يحاولون تحقيق انتصارات عسكرية في دونباس وعزل القوات الأوكرانية (قرابة 50 ألفاً) عن الإمدادات الآتية من مناطق أخرى. لم يساعد الطقس الماطر الروس على إحراز تقدم في دونباس فذكرت تقارير أنّه في بعض الأحيان، كان الجيش الروسي يتقدّم أقلّ من كيلومتر في اليوم الواحد على بعض المحاور.

غرّد كوفالنكو، الصحافيّ والضابط الأوكرانيّ السابق، أنّ الكرملين أرسل غيراسيموف لتحقيق انتصار يمكن تقديمه في التاسع من مايو بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم النصر.

مع ذلك، يبدو إرسال رئيس هيئة الأركان الروسية إلى أوكرانيا لتحقيق خرق عسكريّ مع إلزامه بجدول زمنيّ ضيّق فكرة مبالغاً بها. لا شكّ في أنّ إرسال غيراسيموف يهدف إلى تحسين القدرات الهجومية للجيش الروسي. لكن توقّع أن تنتج هذه الزيارة نتائج ملموسة خلال أسبوع أو أكثر بقليل ليس واقعياً. 

ويأتي خبر الزيارة بعد فترة قصيرة على إعلان روسيا تعيين الجنرال ألكسندر دفورنيكوف لقيادة العمليات العسكرية في أوكرانيا. وُصف دفورنيكوف بأنّه يد بوتين "الضاربة". لكنّ اضطرار غيراسيموف للانتقال إلى الداخل الأوكراني يرسم علامة تشكيك بقدرة دفورنيكوف على إدخال أيّ تحوّل جذريّ في مسار الحرب لصالح روسيا. وتوقع المحلل البارز في "مركز التحليلات البحرية" جيفري إدموندز أنّ دفورنيكوف سيواجه تحدّيي جمع قوى منخفضة المعنويات تكبّدت خسائر كبيرة، والتنسيق بين وحدات مشتّتة في عملية كاملة خلف مهمة محددة.

من هذه الناحية، لا يشكّل إرسال غيراسيموف إلى الميدان الأوكرانيّ - لو صحّ الخبر - إشارة إيجابية عن مدى رضا القيادة السياسية الروسية على أداء دفورنيكوف. على ضفة موازية، إنّ المهمّة التي أوكلت إلى رئيس هيئة الأركان الروسية لا توكل عادة إلى قادة الجيوش، وفقاً للقائد السابق للقوات الأميركية في أوروبا مارك هرتلينغ. فهو رأى أنّ الخطوة ستكون معادِلة لوضع رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي مسؤولاً عن معركة تكتيكية في قطاع صغير. ستكون المهمة الجديدة محرجة لغيراسيموف ومزعجة لدفورنيكوف على حدّ تحليله.

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم