كتاب منير أبو عسلي... عظمة ومعاناة الشأن العام في لبنان!

أنطوان مسرّە كيف تم إطلاق أضخم عملية تغيير ثقافي وتربوي في لبنان، بعد ريادة الرئيس فؤاد شهاب، وكيف تم اجهاضها؟ هذا ما يرويه البروفسور منير أبو عسلي في كتابه: مسيرة ورهان (نوفل، 2021، 600 ص). انه كتاب عزاء حول اغتيال أضخم انجاز ثقافي وتربوي في لبنان المعاصر! يساهم الكتاب، بالإضافة الى ما صدر حول خبرة الرئيس فؤاد شهاب، بفضل جورج ناصيف وغيره ومذكرات الاب لويس جوزف لوبريه وفؤاد بطرس وآخرين، في رسم المعالم الثقافية التربوية المستقبلية لنهوض لبنان، او بالأحرى لإعادة تأهيل لبنانية في مثاقفة الدولة والتخلص من ذهنية قبلية ما قبل الدولة في علم النفس التاريخي اللبناني. حسنًا فعل منير أبو عسلي في نشر المذكرات، ليس للوجاهة ولا لتبرير ذاتي، بل كأمثولة الى اللبنانيين لإدراك ما يحتاجون اليه بعد اليوم للارتقاء الى مستوى الشأن العام. الوفاء هو الصفة الوطنية الأسمى. البروفسور منير أبو عسلي هو الريادي والمبدع والواعد للمستقبل وللبنان الرسالة بالرغم من الانحطاط اليوم. ان عمله التأسيسي هو الوسيلة التربوية الأولى لاستعادة لبنان سلطة المعايير اذ أدخلت خطة النهوض التربوي، الواردة في وثيقة الوفاق الوطني-الطائف وبدعم من قيادات واعية، لبنان في "عصر تربوي جديد" (ص 499). عندما يتكلم منير أبو عسلي عن ذاته في الكتاب، فليس تفاخرًا كما قد يبدو للبعض، بل تعبيرًا عن ثقة بالقدرة الكامنة في كل انسان. ليس في الكتاب، بالرغم من كل الصغائر في أساليب التفشيل، اثر لأي حقد او ضغينة، بل تفهم لما يكتنزه الانسان من انانية وحسد ومصالح. الصفات الشخصية في منير أبو عسلي هي بالذات صفات القيادة التي جعلته قادرًا على تعبئة جهود أكثر من اربعمائة من العاملين في القطاع التربوي وإقناع قيادات سياسية، بعضها عريقة وبعضها ضيقة الأفق، في دعم خطة النهوض...