الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ثلاثة أعوام على حليم جرداق مروِّض وحوش اللون ومدجِّن الزيوح المتمردة

المصدر: "النهار"
Bookmark
حليم جرداق مع جانين ربيز في معرضٍ له.
حليم جرداق مع جانين ربيز في معرضٍ له.
A+ A-
الدكتور فيصل سلطانفي الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الفنان الكبير حليم جرداق (1927-20 تموز 2020) نعيد قراءة صفحات التاريخ الفني كي لا نتناسى الفنانين الكبار من امثاله. ربما لان حيوات بعض الفنانين تنتهي أو تبدأ بعد الممات، وربما أيضا لان ثمرات انجازاتهم الإبداعية، التي بحثت دوما عن الدهشة، تبقى كمفارقات فاصلة في ذاكرة الحداثة التشكيلية في لبنان، وكعلامات تبعث الحياة فيها باستمرار، كتمارين اتية من ثقافات فنية لا تنتهي ومن رسوم حرة ورغبات دائمة في ترويض اللون وشهواته. "كن تجريديا مع بعض الذكريات"يعتبر حليم جرداق من كبار الفنانين اللبنانيين المحدثين الذين بحثوا عن سر الفن ومعنى اللون، وله في هذا المجال العديد من الأبحاث والكتابات والإصدارات الفنية أبرزها "عين الرضا" (دار النهار العام 1995) و"تحولات الخط واللون: الدوافع النفسية والفكرية وراء الاتجاهات الفنية الحديثة" (دار نوفل العام 2000). في مسيرته الفنية، يد ترى وقلب يرسم، كمثل طائر يرى ما لا نراه. كان ينعش تجاربه الفنية برعشات الزيوح والبقع اللونية التي تبدأ من الداخل، ومن أسئلة تداخل الزمان والمكان، ومن تداخل فنون الماضي بفنون الحاضر. سعى في اضاءاته على مضامين الحداثة وهمومها، كي تبقى تجاربه في سفر دائم على تخوم الحرية الشاسعة في علاقاتها (الجوهرية والمصيرية) مع أسلوبه الفني، الذي اكتسب أسراره من عبارة أطلقها بول كلي: "كن تجريدياً ولكن مع بعض الذكريات". الذكريات التي تعود في منطلقاتها الأولى إلى سنوات الطفولة كعتبة فاصلة يصفها اندره بروتون "بأنها أقرب مراحل العمر من الحياة الحقيقية، لأن في مرحلة الطفولة كل شيء يعمل على امتلاك فعال وهانئ للذات". من المرحلة الباريسية.سر طفولة حليم جرداق كامن في علاقته بوالده موسى جرداق الذي فقده باكراً، وكان من معلمي العمار المشهورين في منطقة الشوير، وربما اكتسب منه ملكة العفوية والانضباط والإحساس بالنظام والموقف المتطلب في إطلاق طاقة المواد إلى أقصى حدود الكمال.من هذا المنطلق يظهر ظل الأب في شريط الذكريات كخربشات في الهواء تعكس شغف الطفولة بتألق الزيح واشتعالات اللون، وهو الشغف الذي لقّبه اندره ماسون بشمس الأحبار الخفية. إذ بقليل من الورق وقليل من الحبر تتبلور الأحلام كرغبات. ولم تكن تلك الأحبار سوى عصارات الزهور والنبات التي كان حليم جرداق يمرحها على أوراقه البيض خلال مرحلة الطفولة، ليرسم من خلالها عوالم جنائنه ورموز حكاياته من مصادرها...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم