الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"برلين ألكسندربلاتز": عن عالم يبتلع كلّ شيء

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
"برلين ألكسندربلاتز" لبرهان قرباني.
"برلين ألكسندربلاتز" لبرهان قرباني.
A+ A-
 
يقدّم المخرج برهان قرباني قراءة أخرى، تحديثية، حرّة، مشبعة بالواقع، لرواية ألفرد دوبلين (١٩٢٩)، أكثر منها نسخة ثانية للمسلسل الشهير الذي أخرجه فاسبيندر في العام ١٩٨٠ والذي يتعذّر تقليده في أي حال. قرباني نقل الأحداث إلى برلين في أيامنا هذه، وهو بهذا أجرى تعديلاً مهماً في متن الأصل الأدبي، ذلك ان برلين دوبلين التي كانت ستزهر فوقها الإيديولوجيا النازية، ليست هي نفسها برلين التي يصوّرها قرباني طوال قرابة ثلاث ساعات. وعليه، الفيلم مشغول بمسار الشخصية الرئيسية، وإن تحاورت الأزمنة في ما بينها، على الرغم من تباعدها. 

بطل قرباني المضاد لاجئ أفريقي ثلاثيني يُدعى فرنسيس، فقد زوجته وهو في طريقه إلى أوروبا على متن قوارب الموت. فرنسيس هذا يعمل في الورش من دون أوراق ثبوتية. يغويه كائن بسيكوباتي يُدعى راينهولد، تاجر مخدّرات يعده بالمال وبحياة أفضل… لكن العالم الذي يصوّره قرباني حيناً برقّة وحيناً بعنف، يبتلع كلّ شيء. فما إن يوافق المرء على شروطه، حتى لا يعود يعرف أين تمضي به الظروف. الشعور بالذنب هاجس، والتوق إلى حياة تضمن الكرامة أساس كلّ العلل. هكذا، يجد فرنسيس نفسه في دوامة لا فكاك منها، وذلك خلافاً لإرادة إيفا وميز، الفتاتين اللتين تُغرمان به.

الفيلم بصري في المقام الأول، ألواناً، وحركات كاميرا، وتشكيل كادرات. يحتفي بالحياة والموت والحبّ والعنف وكلّ المشاعر الملتبسة والمتناقضة. يجد المُشاهد نفسه تحت وطأة جو ضاغط ومناخ مثقل بالتوتر. هذا كله يجعلنا نُستدرج إلى جحيم العلاقات الإنسانية المعقّدة والمتداخلة. هذا نصّ يتّجه بخطى أكيدة إلى مبتغاه، حيث العنف يجرّ العنف. من حطام إنسان يولد إنسان آخر، لكن إلى أين يذهب وماذا يفعل، فهذا سؤالٌ آخر، يضعنا الفيلم أمام فرصة تخيّل اجاباته المتعددة.


برهان قرباني

والداه اللذان ينتميان إلى قومية الهزارة، غادرا أفغانستان إلى ألمانيا في زمن الغزو السوفياتي لبلادهما. وصلا إلى موطنهما الجديد في نهاية عام ١٩٧٩، قبل أشهر قليلة من ولادته، وطلبا اللجوء السياسي. عاش قرباني في مدن ألمانية عدة، بسبب وظيفة والده التي كانت تتطلب التنقّل. في العام ٢٠٠٢، التحق بأكاديمية بادن فورتمبرغ. اشتغل مؤلفاً وممثّلاً ومخرجاً. نال جوائز عدّة لأفلامه القصيرة، منها جائزة النقّاد الألمان. فيلمه الطويل الأول، "شهادة" (٢٠١٠)،عن ثلاثة ألمان من أصول مسلمة يصارعون من أجل التوفيق بين إيمانهم ومتطلبات الحياة العصرية، عُرض في مسابقة مهرجان برلين حيث حطّ أيضاً جديده "برلين ألكسندربلاتز". 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم