الإثنين - 06 أيار 2024

إعلان

الكاتب كريس غاردنر لـ"النهار": لستُ محظوظاً بل مبارك

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
الكاتب الأميركيّ كريس غاردنر.
الكاتب الأميركيّ كريس غاردنر.
A+ A-
يوم التقيته في الشارقة، كان قد مرّ نحو أحد عشر عاماً على قراءتي كتاب "السعي نحو السعادة"، الذي حمّله خلاصة آلامه وانكساراته وانتصاراته.
 
صافحني باليد بعد انحسار الرعب الكوفيديّ، خلع كِمامة "الباندانا" القماشية المزركشة، وابتسم. عادت إلى ذهني مشاهد ويل سميث متقمّصاً شخصيته، نائماً وطفله على أرضية حمّام عامّ، راجياً ابتسامةً من القدر. تقاطرت المشاهد إلى رأسي وتزاحمت، وراحت تتكدّس أمام عينيّ، وبينهما وبين الرجل ذي اللحية البيضاء، الذي شبك أصابعه وراح ينتظر أسئلتي، في القاعة رقم 2 من معرض الكتاب.

في حضرة كريس غاردنر، لا يمكنك إلّا الابتسام والإصغاء، ولا وقت ضائعاً ليُهدر على ما لا جدوى منه. في معصمه ساعتان، علامة تقدير لكلّ لحظة. "أُدرك جيدّاً أهمّية الوقت"، يقول، "ذات مرة تأخّرت على موعد، وكلّفني الأمر فرصة كبيرة".

بالنسبة إلى عالَم ريادة الأعمال ودائرة وول ستريت، هو ذلك العصاميّ الذي عَبَر البؤس نحو السعادة في صيرورة محكمة، وانطلق مثل سهم قَذَفَه قوسٌ سريعاً ثمّ خرّ ليرتاح؛ أمّا بالنسبة إلى قرّاء سيرته الذاتية وجمهور فيلم "The Pursuit of Happyness" (إخراج غابرييل موكينو) المبنيّ عليها، والذي حلّ عاصفةً على دور السينما ذات جمعة من كانون الأول 2006، فهو بطل ملحمة واقعية غير زائفة ذات فصول متضاربة، موجعة ومفرحة، وهو الرجل الذي يُدين له ويل سميث بحصّة وازنة من نجاح سيرته المهنية.

يصعب إسقاط سيرته ومراحل نموّ شخصيته في ريادة الأعمال وإثبات القدرات على عالمنا اليوم. "في عصر العولمة والتكنولوجيا، لم يعد نَدُّكَ زميلك في الصف"، يقول، "الأشخاص الذين تتنافس معهم يتوزّعون على بقاع الأرض، يدرسون، يمارسون ما يضطلعون به، يتمرّنون على المبارزة، وهذا ما يصنع الفرق بين من يحضر إلى الاجتماع وبين من يدعو إليه، بين من يسير وفق أجندة وبين من يحدّد نقاطها".

يدين كريس بما هو عليه لوالدته بيتي جين. في السابعة والستّين من عمره، تلمع عيناه وتقطران دمعاً كلّما جاء على ذكرها. تلك المرأة الشجاعة التي عانت بطش زوجها الثاني وانفعالاته وجنونه حدّ ادّعائه عليها زوراً وزجّها في السجن. وفي حداثته، قضى غاردنر ردحاً من الزمن في دار رعاية، بعد إدخالها ثانية السجن، عقب محاولتها قتل زوجها دفاعاً عن أبنائها.

"في مطبخي، على الحائط الرئيسي، صورة لأمّي تعلو إبريق قهوة"، أخبرني. "أرتشف قهوتي كلّ صباح معها، أحدّثها وأطلب المشورة، وأصلّي". كانت بيتي جين "أمّ تقليدية"، ردّدت مراراً على مسامعه جملة باتت أشبه بـ"قانون الإيمان": "بوسعك أن تكون ما تريد وأن تحقّق ما تريد".

أسأله عمّا إذا كان الحظّ حليفه، فيمدّ يده، ويسحب كتاب "The Pursuit of Happyness" من بين يديّ طالباً منّي تهجئة حروف اسمي باللاتينية. يقول بينما يخطّ توقيعاً بحبرٍ أخضر: "أظنّني مباركاً. وأفضّل، على أيّ حال، أن أكون مباركاً على أن أكون محظوظاً". يبتسم قليلاً، يُعيد الكتاب إليّ ويُضيف: "المحظوظ يحطّ في لاس فيغاس، أمّا المبارك فيستيقظ كلّ يوم، ثمّ، ماذا فعلتَ اليوم لتصنع الغد؟".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم