الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

استقالوا من المسؤوليّاتِ وبَقَوا في المناصب

المصدر: النهار
سجعان قزي
سجعان قزي
Bookmark
تعبيرية (النهار)
تعبيرية (النهار)
A+ A-
 منذ سنةِ 1633 وكاتدرائيّةُ الكبوشيّين في فيينا تَضُمُّ أضْرحةَ آل هابسْبورغ أباطرةِ النمسا/هنغاريا. وكانت لجنازاتِهم طقوسٌ خاصّة: عندَ بلوغِ جُثمان الإمبراطور بابَ الكاتدرائيّةِ الـمُقفَلَ، يَسألُ راهبٌ من الداخل: «مَن الآتي؟» فيُجيبُ ضابطٌ: «أنا الإمبراطورُ الفُلاني...» ويَسرُدُ ألقابَ الإمبراطورِ كاملةً. فيَرُدّ الراهب: «لا نَعرِفُه، مَن الآتي؟» فيُكرِّرُ الضابطُ الجواب: «أنا الإمبراطور الفلاني...» ويُعدِّدُ الألقابَ مختَصرَةً. فيعودُ الراهبُ ويقول للمرّةِ الثالِثة: «لا نعرِفُه، مَن الآتي؟» حينئذٍ يُعلن الضابط: «أنا الإنسانُ الخاطئُ الحقير». فيَفتحُ الراهبُ البابَ ويتمُّ إِدخالُ النعش. لا مكانَ للـــ»أَنا» أمامَ الله ولا أمامَ الشعب. ما قيمةُ أمجادِ المناصبِ تجاه اللهِ خالقِ الكونِ، وإزاءَ الشعبِ اللبنانيِّ مصدرِ السلطات (مبدئيًّا). أخَذوا على رئيسِ الجمهوريّةِ قولَه: «أنا ميشال عون»، وتَناسَوا أنَّ هذه الــ»أنا» تَنتشرُ أيضًا بين أركانِ المنظومةِ السياسيّةِ، القديمةِ والمخَضرَمةِ والمستَحدَثة. لدى الزعماءِ الفاشلين قبل الناجِحين. ولدى الـمُعقَّدين قبل الصفائيّين. لدى الّذين صُنِعوا وَهُمْ لا شيءَ قبلَ الّذين صَنَعوا وَهُمْ شيءٌ ما. الــ»أَنا» موجودةٌ كذلك بوَفرةٍ في عددٍ من أحزابِنا ومؤسّساتِنا. هي الديكتاتوريّةُ الـمُضْمَرةُ في الديموقراطيةِّ المعلَنةِ. وأصلًا، الديموقراطيّةُ في لبنان فَشِلَت لأنَّ الديموقراطيّةَ عمومًا هي نظامٌ تَسلْسُليٌّ مترابِطٌ يَسقُطُ بكاملِه حين تَنقطعُ حَلْقةٌ من حلَقاتِه. ولأنَّ أحزابَنا انتَقلَت بـ»أناها»...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم